الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المتصدقون بأعراضهم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هم المتسامحون الذين يغتابهم الناس فيغفرون لهم، ويتسامون عن الصغائر، هم الذين يشتمهم الشتامون ويقذفهم القاذفون ويلعنهم اللاعنون.. ثم هم لا يأبهون ولا يهتمون، فقط يتسامحون ويعرضون، أرى أن بابا جديدا للصدقة قد عرف طريق الكثير من المصريين فى أعقاب فترة الضياع الأخلاقى التى عاصرت الثورة وتوابعها، حيث انفلت عيار الأخلاق واختلط الحابل بالنابل وصارت الأمور حيص بيص. 
هنا بدا الجميع يشتم الجميع وبدأت ثقافة التخوين والتكفير والخوض فى أعراض الناس بالباطل، هنا نحن أمام طريقين.. الأول أن نبدأ فى تفعيل سياسة الردح والرد الذى يقودنا إلى الفجور والخصومة التى لا نهاية لها.. الثانى أن نترفع عن الصغائر ونسمو بأنفسنا ونذهب معا إلى بحبوحة التسامح والتجرد من أمراض النفس وعبادة الذات، إننا نعيش فى عالم يضم عوالم أخرى منبثقة وهذه الأخرى يتفرع منها تفريعات شتى، فمن وسائل الاتصال التقليدية إلى وسائل التواصل الإعلامى والاجتماعى الحديثة، أصبح من اليسير أن يجلس أحدهم على مقهى يدخن النارجيلة ويبدأ فى خطة تنظيرية حول كل المسائل والأمور بدءا من العلاقات الدولية إلى العلاقات الدونية، وهناك خطط كتائب الشيطان الإلكترونية التى تبدأ فى شيطنة الرموز أو تحويل الشياطين إلى ملائكة، ومن المؤسف أن أحدا لم ينج من القدح أو الذم فاعلا أو مفعولا، لقد تابعنا خلال السنوات الماضية الكثير من الحملات التى لم تستثن أحدا بدءا من رئيس الدولة إلى أصغر موظف أو مسئول فى أحد الدواوين الحكومية، وكذلك كل رجال الإعلام والأعمال والأحكام، لم ينج أحد من محرقة أهل الشر وأهل الجهل والجهالة، فماذا إذن عسانا أن نفعل تجاه هذه الظاهرة؟
يبدو أن حل الصدقة هو الحل الأمثل، فإن تتصدق على هؤلاء المرتزقة ناهشى أعراض الناس بعرضك أو جزء من عرضك، يبدو مصطلح التصدق بالعرض أو جزء منه غريبا وعجيبا ومستنكرا، لكن بقليل من التدبر والتفكر سنجد أن تسامحك مع من تجاوز فى حقك وحط فى عرضك هو بمثابة صدقة، فأنت تصدقت بعرضك عندما تسامحت وعندما بررت أن تسمو بنفسك عن الصغائر. 
لكن إذا كان هذا يتماشى مع الأفراد والأشخاص، فهل يمكن أن ينسحب أيضا على الدول؟!
بيد أن مصر تتعرض إلى من يطعن فيها بين الحين والحين وهذا الطاعن إما دولة أو جماعة أو مؤسسة، فهل يمكن لمصر أن تتصدق بجزء من عرضها متسامحة شامخة أمام الصغائر؟!
بيد أن الأمر لا يبدو مستساغا بشكل قاطع حتى بالنسبة لى على المستوى الشخصى، فرغم أن مصر أكبر وأرقى وأعمق إلا أنها لا تفرط فى حق من حقوقها كبر أو صغر، لأن مصر الدولة والوطن والشعب ينظرون إلى الأمر على أنه ليس من صلاحياتهم جميعا، لذلك تجد رئيس مصر يتسامح دائما فى حقوقه الشخصية، أما حقوق مصر فخط أحمر واضح لا لَبْس فيه، ومن لا يجيد الألوان لا يلومن إلا نفسه. 
بيد أننى لا أتحدث فى هذا الموضوع مصادفة أو من قبيل ملء فراغ بمقال هنا أو هناك لكن هناك ما دعانى لذلك وهو موقف رئيس مخابرات إحدى الدول على مصر بشكل غير مقبول جملة وتفصيلا. 
وسأتعرض لهذا الموقف فى مقال قادم بإذن الله.