الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"التضخم" شفرة الغلاء.. ارتفاع مؤشره يزيد من ارتباك الأسواق ويُشعل لهيب الأسعار.. 11.9% نسبته في ديسمبر 2016.. وخبراء: آثاره سلبية.. وجذب المستثمرين وزيادة الإنتاج المحلي يُوقفان مخاطره

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في كل أزمة أسعار فتّش عن التضخم، البعض يصفه بـ"المدمر للاقتصاد"، والبعض يراه "اللهو الخفي في أزمة وغلاء المرحلة"، والثابت أنه الاثنان معًا، خفي ومدمر بعد استمرار ارتفاع مؤشره وقفزه إلى 11.9% في ديسمبر الماضي 2016، خبراء أكدوا أن آثاره سلبية، وجذب المستثمرين وزيادة الإنتاج المحلي وتشغيل المصانع تُوقف مخاطره.
بيانات رسمية للجهاز المركزي للإحصاء رصدت ارتفاع معدل التضخم فى ديسمبر الماضي ليصل إلى 11.9%، مقارنة بـ10.7% في شهر يناير من نفس العام، ورأت دراسة اقتصادية عن السوق والأسعار، أن اخفاق الحكومة في السيطرة على ارتفاع الأسعار، وزيادة التضخم، كان بسبب تحرير سعر الصرف وقيام البنك المركزي بخفض قيمة الجنيه المصري مرتين في فترة قصيرة خلال شهر أكتوبر الماضي، بواقع عشرة قروش في كل منهما، مؤكدة أن رفع الدعم عن المحروقات والسلع الغذائية وغياب الرقابة، لعبا دورًا رئيسيًا فى ارتفاع الأسعار، وتدهور الحالة الاقتصادية للمجتمع.
ورأى الدكتور جودة عبدالخالق، وزير التضامن الأسبق، وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن الحكومة عجزت عن مواجهة التضخم والسبب أنها أطلقت العنان لتحرير سعر الصرف الذى جعل الجنيه يتهاوى، خاصة أن نصف احتياجات المصريين يتم استيرادها من الخارج.
وأشار عبدالخالق، إلى أن الحكومة نفسها أخفقت في تحصيل الضرائب ومولت التضخم بمشروعات طويلة الأمد، موضحًا أن فترة التسليم الخاصة بها بعيدة جدًا، كما أنها تستهلك من العمالة والمكونات الأساسية للمشاريع ما يجعل فائدة النفع منها سوف تكون بعد مدة طويلة، وليس فى القريب العاجل.
وقال عبدالخالق، إن المشكلة الأكبر في السوق حاليًا هى التجار، مشيرًا إلى أنهم يفرضون الأسعار طبقًا لإرادتهم، مشددًا على: "إذا لم يتم تغيير السياسات فلن يكون هناك تحسن فى الوضع الراهن"، وعن وضع حلول للحد من التضخم ومواجهة أخطاره، كشف وزير التضامن الأسبق، ضرورة تحصيل الضرائب ووضع خطة للإصلاح، وضبط الأسعار، وجذب مستثمرين وتهيئة المناخ الآمن لعودة السياحة.




واتفق عمرو الجوهري، وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، مع الرأي السابق، مضيفًا أن قرارات الحكومة الضعيفة التى اتخذتها منذ توليها وإجراءات تحرير سعر الصرف، ورفع الدعم عن الوقود والسلع الغذائية، وعدم توفير شبكة حماية للمواطن أدى إلى تهدور الحالة الاقتصادية وفقدان أسباب النمو المنشود.
وأضاف، رفع الدعم عن المحروقات ومصادر الطاقة والذي لعب دورًا مباشرًا في ارتفاع الأسعار، أحد أسباب التضخم، كما أن رفع الدعم عن الكهرباء، وزيادة الجمارك أثروا بشدة على ارتفاع النسبة، إضافة لغياب الرقابة على الأسواق واحتكار السوق لصالح فئة معينة فقط، وارتفاع الأسعار بنسبة 200%.
وأشار الجوهري، إلى أن الحكومة تحاول معالجة مواجهة التضخم، بزيادة الفائدة على شراء شهاداة الاستثمار فى البنوك، لافتًا إلى أنها تقوم بجمع الأموال من الأسواق بجانب التجارة بإعطاء المواطنين نسبة عالية فى الشاهدات من البنوك المصرية، التى هي بالطبع ليست كافية ولكنها تحاول أن تجد حلولًا للخروج من الأزمة التى يعانى منها المواطن البسيط.
وطالب الجوهري، الحكومة بوجود آلية للخروج من عثرتها، والتى يعانى منها فئات "العمال والموظفين"، واقترح تقديم حلول لمشاريع إنتاجية، وجذب الاستثمارات والسياحة، وزيادة التصدير وإنتاج المحاصيل الزراعية وتشغيل المصانع المغلقة، والحد من استيراد الواردات التى لا تمثل قيمة للمواطن "الغلبان".
وكشف الجوهري، أن النواب واللجنة الاقتصادية بالمجلس، يحاولان أن يخففا الأعباء المعيشية عن المواطن باتخاذ قرارات تساعده على تحمل أخطاء الحكومة والمأزق الذى وضعت نفسها فيه، بعد أن فقد الجنيه القوة الشرائية الخاصة به، وعدم وجود دخل كافٍ، موضحًا أن الحالة التى تمر بها البلاد فى الوقت الراهن سوف تأخذ وقتًا حتى تزول، مشيرًا إلى أن الدولة تبحث رفع دخل الموظفين، من الضرائب التى تحصلها ووضع منظومة متكاملة للحد من أخطار التضخم القادم.




وأشار الدكتور أحمد مهران، عضو المجلس المصري لحقوق الإنسان، إن فشل الحكومة في مواجهة التضخم الاقتصادي، بسبب أن مصر دولة مستهلكة وليس لديها القدرة على الإنتاج، موضحًا أن قدرتها الإنتاجية تكاد تكون شبه معدومة فى ظل ارتفاع أسعار الدولار، بالإضافة إلى عدم وجود الخبرة والكفاءة والإمكانات التى تسمح بتحول مصر إلى دولة لديها اكتفاء ذاتى وقدرة على إنتاج غذائها.
وأوضح أن انخفاض مستوى البحث العلمى، فى جميع المجالات البحثية جعل من مصر دولة ليس لديها مميزات الكفاءة، مشيرًا إلى أنها أسباب مرتبطة ببعضها البعض وهى التى جعلتها لا تدخل إلى عالم الصناعة.
استطرد مهران قائلًا: "إن عدم وجود رؤية اقتصادية للحكومة، جعلها تفشل فى وضع خطة آمنة للخروج من الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية للحد من ارتفاع الأسعار وتحسين المستوى المادى للمواطن البسيط".
وتوقع مهران، أن تشهد مصر ارتفاعات غير مسبوقة فى مستوى الأسعار، بالإضافة إلى انخفاض مستوى الخدمة والخدمات، المقدمة للمواطن، وهو ما سوف يترتب على انتشار الفقر وتفشى الجريمة.
وطالب مهران، الحكومة بأن تبدأ بإعادة تشغيل المصانع المغلقة، والاهتمام بالرقعة الزراعية، حتى تعود مصر لمكانتها الإنتاجية مرة أخرى، وأن تتحول من دولة شبه منتجة إلى دولة قادرة على تحقيق استهلاكها من الدواء والغذاء، مشددًا فى ذات الوقت على إقرار تعديلات وزارية فى المجموعة الاقتصادية التى يترأسها رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، بحيث يكون لديها القدرة على إيجاد حلول ورؤية اقتصادية جديدة من خلالها تستطيع أن تجذب مستثمرين أجانب إلى "البلاد"، وتذلل أمامهم العقبات التى تعطل الاستثمار فى مصر، مؤكدًا على أن الجانب الأمنى وتكثيف الإجراءات من أهم العومل التى تجذب المستثمرين والسياح.
وفي السياق كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن أسعار الطعام والشراب ارتفعت مؤخرًا بنحو 5.2%، كما زادت أسعار الأثاث والمعدات بنحو 2.7%، والرعاية الصحية 5.6%، والمواصلات 1%، والمطاعم والفنادق 3.1%.
يذكر أن كريس جارفيس، رئيس بعثة مصر في صندوق النقد الدولي، قال فى تصريح قبل أيام إن قيمة الجنيه المصري انخفضت بأكثر من المتوقع بعد تعويم سعر الصرف، مشيرًا إلى أن القيمة الحالية هى السوقية التى يحددها العرض والطلب، مؤكدًا أن الفقراء سيعانون بشكل كبير.