رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

"أين غزوتنا القادمة؟" يفضح الحلم الأمريكي

 المخرج الأمريكى
المخرج الأمريكى «مايكل مور»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على غرار فيلمه «Sicko» والذى تناول فيه المخرج الأمريكى «مايكل مور» نظام الرعاية الصحية فى الولايات المتحدة، الذى تقوم بتقديمه شركات هادفة للربح، ويقوم بمقارنتها بأنظمة الرعاية الصحية فى كندا وبريطانيا وفرنسا وكوبا، حيث تقدم الأنظمة فى تلك الدول رعاية صحية شاملة على أرقى مستوى دون مصاريف إضافية، بل إنها مجانية حتى للأجانب. 
يجيء فيلمه الوثائقى Where to Invade Next أو «أين غزوتنا القادمة؟» والذى عرض خلال فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى.
يبدأ الفيلم فى استعراض لاهث فى أقل من خمس ثوانٍ عن الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية فى جهات العالم الأربع بعد انتهاء الحرب العالمية الثالثة. فمن كوريا فى الخمسينيات مرورا بفيتنام فى الستينيات ولبنان فى الثمانينيات، ثم أفغانستان وحربى الخليج الأولى والثانية فى التسعينيات.
وفى مفارقة صارخة بينما يعلن المسئولون الحكوميون عن دعمهم الكامل تجاه الجنود الأمريكيين المحاربين فى الخارج، يظهر شريط من إحدى القنوات الإخبارية الأمريكية وعليه خبر فحواه نهاية مأساوية لحياة جندى سابق فى فيتنام. الرجل وجد متجمدًا حتى الموت فى منزله بعد أن قامت شركة الطاقة بإغلاق تغذية الغاز الطبيعى عنه.
تتابع اللقطات والمشاهد التسجيلية من أحاديث الرؤساء الأمريكيين ريجان، نيكسون، كلينتون، بوش وأوباما ينحصر فى أكاذيب عن ملاحقة الإرهابيين الذين يهددون البلاد حيثما كانوا، لن يكون لهم ملاذ آمن. 
وفى الخلفية أيضا مشاهد واضحة مباشرة لانتهاكات الشرطة الأمريكية ضد المواطنين الأمريكان خاصة من السود واللاتينيين. 
أما الكذبة الأكبر وهى حقوق البشر واحترام آدميتهم، فهى محض دعاية أمريكية صرفة لا مكان لها على أرض الواقع، ولا تتلخص فقط فى ذلك الزعيم الإفريقى الذى قضى أكثر من ٤٢ عامًا من حياته وراء قضبان السجون الأمريكية، أو تلك المظاهرات السلمية والمشاركين فيها يصرخون «أيدينا مرفوعة لا تطلقوا النيران»، بينما الشرطة الأمريكية يردون بالأسلحة النارية.
تبدأ غزوة مور من إيطاليا ولقاءات مع زوجين من الطبقة العاملة. الزوج شرطى بينما الزوجة تعمل فى مجال تجارة الملابس، يتحدثان عن تمتع الإيطاليين بإجازاتهم المدفوعة الأجر بعكس الأمريكيين، فمن حق العامل أو الموظف الإيطالى ما يقارب سبعة أسابيع من العطلات الرسمية، بجانب الإجازات الوطنية أو القومية وعددها ١٢ يومًا، وعند الزواج هناك ١٥ يومًا أخري، بالإضافة إلى مرتب الشهر الثالث عشر من العام ويكون فى شهر ديسمبر، ويبلغ إجمالى تلك الزيادات من ١٠ ـ ٢٠٪ على الراتب السنوى. 
وفى حال لم تستخدم هذه الإجازات تظل فى رصيد العطلات عن العام السابق. بمعنى أنك لن تخسر شيئًا.
وهنا يتساءل مور: من أين يأتى أصحاب الشركات والمصانع بتلك الأرباح لدفع الرواتب عن الإجازات للعمال والموظفين؟. 
يأتى الجواب من خلال لقاء مع ملاك مصانع تصنع ملابس رجالية لماركات عالمية مثل دولتشى آندجابانا، فيرساتشي: «إنه شرف لنا أنه عدل، إنه الصواب إنه حقهم، فالإجازات تخفف التوتر ثم يعود الموظفون والعمال مرتاحين ومستعدين لإنتاج أفضل وأكثر جودة».
وإلى فرنسا يصل مور مندهشًا من النظام الغذائى الذى تقدمه المدارس الأولية الفرنسية. فبجانب خلوه من الأطعمة سريعة التحضير الجاهزة، فقائمة طعام الغداء والذى يستمر لحوالى ساعة للأطفال، يخلو من البرجر والمشروبات الغازية.
وتزيد دهشة مور عندما يعلم أن هذه الحضانات مجانية تمامًا، وكلها تشبه بعضها، ليس هذا فقط بل هناك الرعاية الصحية المجانية، ومرة أخرى يقارن مور كيف يمكن أن تتحمل الدولة الفرنسية تلك الخدمات المجانية ومنها طعام الملوك الذى يقدم للأطفال. يعقد مور مقارنة بين الضرائب التى يدفعها المواطن الأمريكى ونظيره الأوروبي، ورغم أن الأوروبى يدفع ضرائب أكثر إلا أن الأمريكى يدفع ضريبة دخل وضمان اجتماعي، هذه الضرائب تمنحه الخدمات الأساسية مثل الشرطة والطرق، الماء والحرب وإنقاذ البنوك، ومقارنة بما يدفعه العامل الفرنسى كضرائب أكبر بقليل مما يدفعه الأمريكى، لكن فى المقابل يحصل على الخدمات الأساسية إضافة إلى عطلة تصل لأربعة أسابيع، إجازة أمومة، إجازة مرضية، كلها مدفوعة الأجر بالكامل، إضافة إلى حضانات وجامعات ورعاية صحية مجانية تمامًا. 
يعلق مور: يمكننا أيضًا الحصول على ذلك، لكن علينا دفع المزيد وحين ندفع المزيد لا نسميها ضرائب، نسميها رسوم التعليم، رسوم الحضانة، فاتورة مركز الرعاية والاقتطاعات والأقساط وهلم جرا، لا نسميها ضرائب لكنها كذلك وندفع أكثر بكثير من الفرنسيين. 
ثم يعرج مور على فنلندا ذات المنظومة التعليمية الأفضل على مستوى العال، فى المدارس الثانوية يجرى مور لقاءات مع الطلاب والمعلمين وتجرى المقارنة بين تدريس الصحة الجنسية فى المدارس الفنلندية وحظرها فى المدارس الأمريكية، ليس هذا فقط، فبينما ما زالت مدارس فنلندا تولى رعاية وأهمية قصوى فى تدريس الفن والشعر والموسيقى والتربية الوطنية، تختفى هذه المواد فى المدارس الأمريكية.
من فنلندا إلى ألمانيا ومرة أخرى حقوق العمال والموظفين. فقد قامت ألمانيا بسن قانون يحرم التواصل مع العامل وهو فى إجازة ويمنع إرسال أى اتصالات من أى نوع بعد ساعات العمل، وكثير من الشركات تبنت هذا القانون وطبقته، من ضمنها شركة «مرسيدس» التى تمنع حواسيبها أى رئيس يحاول إزعاج موظف فى منزله، كما أن من حق العامل عدم الرد على أى إيميل فى تلك الإجازات.
وفى البرتغال التى ألغت منذ ١٥ عامًا، أى سجن أو عقوبة لمن يحمل المخدرات أو يتعاطاها بجميع أنواعها، مما أدى إلى انخفاض نسب التعاطى مقارنة بأمريكا.
وهنا ينتقل مور بلقطات تسجيلية من الخمسينيات والستينيات عن السود. فبعد ٤٠٠ عام من الاضطهاد بدأ السود فى المطالبة بحقوقهم المدنية، وفى الوقت الذى بدأوا فيه النهوض، بالمصادفة أصدرت قوانين جديدة تفرض أحكامًا قاسية فيما يخص المخدرات التى تصنع للأقليات، بينما المخدرات المستخدمة فى مجتمعات البيض قادت إلى أحكام مخففة.
وهنا تظهر العنصرية والتمييز ضد السود. فقد تم اغتيال قادتهم وصمتت انتفاضتهم، وخلال الأربعة عقود التالية ستقبض الشرطة عن طريق المصادفة على الملايين والملايين من الرجال السود، تجردهم من حقهم فى الانتخاب بعد خروجهم من السجن. ففى ولاية مثل فلوريدا وفيرجينيا هناك واحد من كل ثلاثة رجال سود لا يستطيع الانتخاب.
وبينما تعليق بوش الابن «حين نحارب المخدرات نحارب الإرهاب»، تكون خريطة للولايات المتحدة، وقد تحول نصف ولاياتها للون الأحمر حيث تحوى الولايات المتحدة النسبة الأكبر من الإرهابيين، وبالتالى تجريد سكانها من حقهم فى الانتخاب. أجل أمريكا البيضاء دون قصد عثرت على طريقة لإعادة العبودية، وكان السيد يعرف أن الطريق نحو الثراء هو بالحصول على كل تلك العمالة المجانية «المساجين».