الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لا تنس حزام الأمان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قالوا إنه غير مؤهل للمنصب الذى يكافح للوصول إليه، وإنه يفتقر إلى الخبرة، ولم يخرج يومًا من صندوق اقتراع، وإنه تلوى على مدى عقود بين الحزبين الجمهورى والديمقراطي، وإن وصوله سيوقظ الأحقاد داخل الأسرة الأمريكية وبين مكوناتها، وإنه يخدع الناس بشعارات براقة واستفزازات شعبوية.
حذروا من وضع الزر النووى فى عهدة رجل متقلب وقادر على ارتكاب مفاجآت مدوية، وقالوا إن البيت الأبيض ثروة كبرى لا يجوز وضعها فى عهدة مقامر، واعتبروا أن نجاحاته فى سوق العقارات وعالم الترفيه والكازينوهات لا تجعله صالحًا للمقامرة فى كازينو العلاقات الدولية.
وقالوا إن سيرة هذا البليونير الصاخب غامضة وملتبسة، بما فيها علاقته بتسديد الضرائب، وإنه لا يشبه أيًا من الرؤساء الذين تعاقبوا فى العقود الماضية، وتحدثوا عن جمل قصيرة فارغة وساذجة يخاطب بها الساخطين أو المتضررين، ورأوا أن وصوله إلى المكتب البيضاوى سيلحق أفدح الأذى بصورة بلاده.
تعاملوا معه فى البداية بقدر من الاستخفاف، اعتبروا أن الثرى يحاول دائمًا إضافة متعة السلطة إلى متعة الثراء، وأنه سينفق بعض ثروته ثم يرغم على مغادرة السباق، وحين لم يغادر بذلوا جهودًا هائلة لاعتراضه، سياسيون وإعلاميون حاولوا بناء سد فى وجهه، أيد بعضهم هيلارى كلينتون على رغم عدم إعجابهم بها واعتبارها «غير جديرة بالثقة»، لكنه كان يتقدم كالبلدوزر.
أطلق حملته وراح يتفنن فى إلقاء القنابل، استفز الأمريكيين ذوى الأصول الإفريقية، واستفز الأمريكيين الوافدين من المكسيك وسائر المهاجرين والمتسللين، واستفز المسلمين أيضًا. بدا وكأنه يحاول التسلل إلى قلب الرجل الأبيض الساخط على المؤسسة، وحين فرض نفسه مرشحًا أصيب الحزب الجمهورى بارتباك عميق، نفض كثيرون أيديهم منه، لن يؤيدوا رجلًا تحرش بهذا العدد من النساء وأطلق ألفاظًا بذيئة، واعتقد كثيرون أنه تلقى طعنات قاتلة لا شفاء منها، وفى وجه كل هذه العواصف كان يتصرف كملاكم عنيد، يتلقى الضربات ويسدد الضربات.
وانهمرت التحليلات التى تحذر من خطورة فوزه بلقب السيد الرئيس، ومن خطورة ميله إلى الإخلال باتفاقيات والتزامات تتعلق بحرية التجارة والمناخ والدفاع عن الحلفاء والأصدقاء، ومن خطورة خيط الود الذى يربطه بالقيصر الروسى الذى سقطت ورقة التين فى سياساته الهجومية العدوانية، وباستثناء روسيا، فإن الرأى العام فى الدول القريبة والبعيدة كان يفضل أن يرجع من الانتخابات مهزومًا.
كرهوه وذهبوا بعيدًا، هذا قال إنه سيتنازل عن جنسيته الأمريكية إذا ارتكب الأمريكيون خطأ بحجم فوزه، وقال آخر إنه سيهاجر إلى دولة أخرى إذا وقع البيت الأبيض فى يده، وقال ممثل معروف إنه يشتهى أن يوجه لكمة إلى وجهه، وترك باراك أوباما مكتبه وحاول منع وقوع أمريكا فيما لا تحمد عقباه، وراحت استطلاعات الرأى تؤكد أن فوز هيلارى مرجح ولو بهامش ضئيل.
كل هذا الكلام من الماضي، قالت صناديق الاقتراع كلمتها وتوجته، لم يبق أمام كارهيه غير تجرع سم الإقامة فى عهده، هذا ليس بسيطًا، خالوه عاصفة عابرة ثم اكتشفوا أنه إعصار كبير.
سهر كثيرون من أهل الكوكب لمعرفة النتائج، بين من سهروا سيد الكرملين، وسيد الإليزيه، وسيدة ١٠ داونينج ستريت، والمستشارة الألمانية، ووريث عرش ماو، ووريث الخميني، وحفيد كيم إيل سونج، أدركوا باكرًا أن إعلان فوزه سيشبه إلقاء صخرة هائلة فى البحيرة الدولية. من المبكر التكهن بما سيفعله الرئيس، وبقدرة المؤسسة وشبكة المصالح على عقلنة ما طرحه المرشح فى طريقه إلى البيت الأبيض، لهذا حاول فى خطاب الفوز أن يطمئن بلاده المصابة بانقسام عميق.
لم يطرح سياسة خارجية واضحة أو متكاملة، ستكون المفاجآت واردة والانعطافات ممكنة، شيء من الحيرة سينتاب الدول المنخرطة فى نزاعات، بين المغامر الوافد إلى البيت الأبيض والمغامر المقيم فى الكرملين، لا يملك المستشار ما ينصح به الحاكم غير «سيدى الرئيس، لا تنس حزام الأمان».
نقلاً عن «العربية نت»