رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

"البوابة نيوز" ترصد أيام التقشف في السعودية

المملكة تواجه الأزمة الأكبر فى تاريخها بسبب انخفاض أسعار النفط

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الحكومة تخفّض رواتب العاملين.. وترفع قيمة التأشيرات 13 %.. وتضاعف فواتير المياه 500 %
خفض دعم المحروقات ومكافآت أعضاء مجلس الشورى.. واعتماد التقويم الميلادى بدلا من الهجرى في العمل لتوفير
18.7 مليار ريـال زيادة رسوم العمرة

ظلت المملكة العربية السعودية ومن خلفها بعض دول الخليج تعتقد أنها ستكون بمنأى عن الآثار السلبية لما عرف بـ«الربيع العربى»، لكن تداعيات التسونامى الذي زلزل أركان منطقة الشرق الأوسط لم تترك موضع قدم في المنطقة إلا طالته، سواء بشكل مباشر أو في شكل آثار غير مباشرة. ألقت تحركات المملكة وتفاعلها مع مجريات الأحداث في دول الربيع العربى بظلالها على الداخل السعودى بشكل بات ملحوظا للجميع، ويبدو أن المملكة بدأت تحصد ثمار تحركاتها السياسية في المنطقة علقما، فقد وجد صانع القرار في بلاد الحجاز نفسه مضطرا لاتخاذ مجموعة من الإجراءات الاقتصادية الصعبة كمحاولة لمعالجة التأثيرات السلبية التي حاقت بالبلاد خلال السنتين الأخيرتين، جراء التدخل العسكري في اليمن ودعم الجماعات المسلحة في سوريا وليبيا.
اضطرت الدولة الأغنى في المنطقة العربية إلى اتخاذ حزمة من الإجراءات التقشفية لمواجهة التباطؤ الحاد الذي ضرب اقتصادها، حتى إن صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت قبل أيام تقريرًا تحدث عن تغييرات في نمط حياة السعوديين، بسبب الضغوط الاقتصادية التي تواجهها المملكة خصوصا في أوساط المنتمين للطبقة الوسطى.
بهدف تعزيز وضعها المالى، خفضت السعودية دعم الوقود، والكهرباء، والمياه في ديسمبر بعد أن سجلت عجزًا قياسيًا في الميزانية في العام الماضى، كما اتخذت مجموعة من القرارات لخفض الأموال التي تُنفق على الأجور في القطاع العام وجمع المزيد من العائدات غير النفطية باستحداث الضرائب.
ولم يكن لدى الحكومة السعودية الكثير من الخيارات، فالنمو الحقيقى في الناتج المحلى الإجمالى تباطأ إلى ١.٥٪ في الربع الأول مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، كما تراجعت المؤشرات المالية في المملكة خلال عام ٢٠١٥، بشكل كبير، فبحسب النتائج المالية لموازنة العام المالى الحالى، انخفضت الإيرادات بنسبة ١٥٪ عن المُتوقع، إذ بلغت نحو ٦٠٨ مليارات ريـال سعودى فقط.
بداية الأزمة الاقتصادية
بدأت الأزمة الاقتصادية في المملكة قبل أكثر من عامين، وذلك نتيجة انهيار أسعار النفط الذي ظل لعدة عقود بمثابة عامود الخيمة للاقتصاد السعودى، ويرجع هذا الانخفاض الحاد لعدة عوامل منها سيطرة العصابات المسلحة على آبار النفط في سوريا وليبيا، إضافة إلى رفع الحظر المفروض على الصادرات الإيرانية جزئيا، علاوة على تباطؤ حركة الاقتصاد في الصين وعدد من دول العالم، وإعلان أمريكا للمرة الأولى تصديرها خام برنت الصخرى الخفيف.
مع تراجع سعر البرميل من ١١٥ دولارًا للبرميل في يونيو ٢٠١٤، إلى ٤٤ دولارًا للبرميل خلال أكتوبر ٢٠١٦، انخفض حجم الإيرادات البترولية للمملكة إلى ٤٤٦ مليار ريـال خلال الموازنة الحالية، مقارنة بـ٩١٣ مليار ريـال خلال عام ٢٠١٤، بانخفاض يصل إلى النصف تقريبًا. وتبلغ الإيرادات البترولية نحو ٧٣٪ من إجمالى الإيرادات العامة للسعودية.
رغم هذا الانخفاض فإن المملكة لم تتجه لتخفيض إنتاجها البالغ ١٠.٣ ملايين برميل يوميًا، ففى مقابلة مع وكالة بلومبيرج الأمريكية للأخبار المالية، قال الأمير محمد بن سلمان ولى العهد السعودى: «ستحافظ السعودية على حصتها السوقية، وتثيبت إنتاجها من البترول، ولن نفوت فرصة لبيع النفط».
وتشير إحصاءات المملكة البترولية إلى أنه وعلى الرغم من تهاوى أسعار البترول، إلا أن المملكة اتجهت لزيادة إنتاجها خلال عام ١٠.٣ مليون بترول، مقارنة بـ ٩.٧ مليون بترول.
وعرفت صناعة النفط هبوطا وارتفاعا في السابق، لكن الهبوط في الـ١٨ شهرا الأخيرة كان الأعنف منذ تسعينيات القرن الماضى، إذ فقد النفط ثلث قيمته خلال عام ٢٠١٥، وانخفضت أرباح الشركات الأمريكية، مما اضطرها للاستغناء عن نحو ثلث منصات الاستكشاف، وخفض الاستثمارات في عمليات الاستكشاف.
تحدثت الصحف العالمية عما وصفته بـ«ثورة النفط الصخرى» في الولايات المتحدة والذي كان سببًا مباشرًا في انخفاض أسعار البترول العالمية، هذا إضافة إلى الاتفاق النووى الإيرانى الذي مكن إيران من الدخول بقوة كمنافس شرس للسعودية داخل أوبك.
تشير الصحف إلى وجود تهديد مباشر ناتج عن ثورة النفط للأهداف الإستراتيجية للسعودية ودول الخليج، والتي تتمثل في تأمين أسواقها على المدى الطويل للنفط، والغاز، إضافة إلى بناء صناعات كثيفة الطاقة مثل البتروكيماويات والمصافى.
ومع توقف الولايات المتحدة عن استيراد الغاز من قطر والجزائر، ودول أخرى، واجهت السعودية ٣ مشكلات كبيرة، بحسب المحللين، أولها، هو منافسة دول أوبك الأخرى لها في أسواقها التقليدية خاصة في آسيا، إضافة إلى زيادة مليونية مستمرة في إنتاج الولايات المتحدة عاما بعد آخر، بما يعنى اضطرار السعودية إما إلى خفّض إنتاجها من البترول، وهو لم يحدث، وإما الاستمرار وتحمل تبعات خسارة البترول لأسعاره.
وبالنظر إلى هذه الحال، فإن المملكة لا تستطيع التخلى عن كمية إنتاجه الحالى، ولا حتى خفض إنتاجها من البترول، إذ يؤدى هذا إلى تقليل حصة المملكة في أسواقها التقليدية التي لطالما حافظت عليها، لذا ليس مستغربا زيادة إنتاجها فيما بعد لتخفيض الأسعار بشكل يضمن حصتها السوقية في مجال النفط الخام.
فضلًا على ذلك، كان الاتفاق النووى بين الولايات المتحدة ودول الـ«٥+١» الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا في يناير الماضى، ورفع جزء كبير من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، مكنها من الوصول إلى أسواق النفط الدولية.
وبحسب إحصائية منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» يبلغ الإنتاج الإيرانى للنفط الخام نحو ثلاثة ملايين برميل يوميًا، فيما تتوقع المنظمة الدولية للطاقة أن يزيد الإنتاج بمقدار ٣٠٠ ألف برميل يوميًا مع انتهاء العام الحالى، هذه الزيادة في كمية النفط المتوافر عالميًا تسببت في انخفاض أسعار النفط.
كما أن ذلك دفع المملكة إلى الحفاظ على إنتاجها من النفط الخام، حفاظًا على أسواقها، وعدم التفريط فيها لغريمها التقليدى الجمهورية الإيرانية.
ويتحدث المحللون عن سبب آخر لخسارة النفط لأسعاره، ذلك أن أسواق تهريب النفط سواء من ليبيا أو العراق بعد سيطرة داعش، مكن بعض الدول من استيراد النفط بأقل من أسعاره، إذ وصلت أسعار النفط المُهر إلى أقل من ٢٠ دولارا فقط للبرميل.
وعلى الرغم من اتخاذ الولايات المتحدة بدفع من دول أوبك والسعودية إجراءات لفرض عقوبات على المُتاجرين والمهُربين للنفط، إلا أن ذلك لم يمنع دولا من التعاون مع هؤلاء المُهربين والاستفادة بفارق الأسعار بين المعروض والمُهرب.
تراجع عوائد النفط تسبب في اقتراض السعودية ٩.٨ مليار دولار، بحسب الموازنة الحالية، لم تُسدد منها شيئًا، وهذا لم يحدث منذ عقود طويلة، على الأقل خلال الـ١٦ عامًا الماضية، ووفقًا للموازنة الحالية، فإن المصروفات بلغت ٩٧٥ مليار ريـال، بزيادة قدرها ١٣٪ أي ١١٥ مليار ريـال عما تم تقديره من قبل، وعلى هذا حققت الموازنة الحالية عجزًا قدره ٣٦٧ مليار ريـال، أي بنسبة ٥٠٪ من الإيرادات العامة، وهو ما لم تصل إليه موازنة المملكة من قبل خلال آخر ٢٠ عامًا.
بلغ الناتج المحلى الإجمالى للمملكة ٢.٥ تريليون ريـال خلال الموازنة الحالية، في حين وصل حجم الدين العام إلى ٥.٩٪، وخلال عام ٢٠١٥ بلغ العجز في الميزان التجارى السعودى نحو ١٥٪، مقارنة بـ٢.٣٪ فقط خلال عام ٢٠١٤.
كما انخفضت قيمة الصادرات السعودية «بدون البترول» خلال عام ٢٠١٥ إلى ٧٦٣ مليون ريـال، مقارنة بتريليون و٣٠٠ مليون خلال عام ٢٠١٥. هذا في حين زادت الواردات خلال عام ٢٠١٥ لتصل إلى ٦٥٥ مليون ريـال سعودى.
ولعل هذا كان سببًا في الإجراءات التقشفية التي اتخذتها المملكة خلال العام الحالى التي من المتوقع أن تستمر خلال العام القادم على أقل تقدير.
السعودية البديلة 2030
حاولت المملكة الخروج من الاعتماد على النفط إلى تبنى رؤية اقتصادية تقوم على تعدد مصادر الثروة، واشتملت رؤية المملكة التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد على ٣ تقسيمات رئيسية هي اقتصاد مزدهر، ومجتمع حيوى، ووطن طموح.
وتستهدف رؤية السعودية، رفع نسبة الصادرات غير النفطية من ١٦٪ إلى ٥٠٪ على الأقل من إجمالى الناتج المحلى غير النفطى، وتقدم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجيستية من المرتبة ٤٩ إلى ٢٥ عالميًا، ورقم ١ إقليميًا.
كما تستهدف أيضًا، رفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالى الناتج المحلى من ٣.٨٪ إلى المعدل العالمى ٥.٧٪، والانتقال من المركز ٢٥ في مؤشر التنافسية العالمى إلى أحد المراكز الـ١٠ الأولى.
وفيما يتعلق بالاستثمار فإن المستهدف هو رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة من ٦٠٠ مليار إلى ما يزيد على ٧ تريليونات ريـال سعودى، كما تضمنت الرؤية رفع نسبة المحتوى المحلى في قطاع النفط والغاز من ٤٠٪ إلى ٧٥٪. ومن المستهدف زيادة حجم الاقتصاد السعودى وانتقاله من المرتبة ١٩ إلى المراتب الـ١٥ الأولى على مستوى العالم.
واشتملت الرؤية على رفع نسبة تملك السعوديين للمنازل من ٤٧٪ إلى نحو ٥٢٪ بحلول عام ٢٠٢٠، ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من ٢٢٪ إلى ٣٠٪، وزيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالى الناتج المحلى من ٢٠٪ إلى ٣٥٪، وتخفيض معدل البطالة من ١١.٦٪ إلى ٧٪.
كما تضمنت الرؤية زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من ٨ ملايين إلى ٣٠ مليون معتمر، وخلق مجتمع حيوى بنيانه متين، عبر زيادة متوسط العمر المتوقع من ٧٤ إلى ٨٠ عامًا، والارتقاء بمؤشر رأس المال الاجتماعى من المرتبة ٢٦.
أما المحور الثالث فهو «وطن طموح»، الذي يتضمن بعض الأهداف من بينها رفع مساهمة القطاع غير الربحى في إجمالى الناتج المحلى من أقل من ١٪ إلى ٥٪، ورفع نسبة مدخرات الأسر من إجمالى دخلها من ٦٪ إلى ١٠٪.
وفيما يتعلق بالحكومة تستهدف الرؤية، الوصول من المركز ٣٦ إلى المراكز الـ٥ الأولى في مؤشر الحكومات الإلكترونية، والوصول من المركز ٨٠ إلى المركز ٢٠ في مؤشر فاعلية الحكومة، وزيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية من ١٦٣ مليارًا إلى تريليون ريـال سنويا.
تخفيض رواتب العاملين
خلال جلسته المنعقدة، الأسبوع الماضى، قام مجلس الوزراء السعودى بتخفيض الرواتب والمزايا من موظفى الدولة، والبالغ عددهم مليون و٢٥٠ ألف موظف من إجمالى عدد الموظفين السعوديين البالغ ٥ ملايين و٦٠٠ ألف موظف، بنسبة ٢٥٪. وقرر إلغاء بعض العلاوات والبدلات والمكافآت، وخفض رواتب الوزراء ومن في مرتبتهم بنسبة ٢٠٪.
كما تم خفض مكافآت أعضاء مجلس الشورى بنسبة ١٥٪، الذي يُصرف لكل عضو من أعضاء المجلس عن قيمة السيارة، وما تتطلبه من قيادة وصيانة خلال فترة العضوية التي تبلغ أربعة سنوات.
وبحسب البيانات، فإن الأجور والرواتب والبدلات تبلغ ٤٥٠ مليار ريـال، وهذا يعنى أن هذه المصروفات تزيد على ٥٠٪ من إجمالى المصروفات العامة، وشّكلت البدلات وحدها ٣٠٪ من إجمالى دخول الموظفين بالقطاع الحكومى، وقد يؤدى تخفيض رواتب العاملين بالحكومة السعودية إلى توفير ما قيمته ٩٠ مليار ريـال سنويًا، إضافة إلى توفير المملكة ١٨.٧ مليار بعد اعتماد التقويم الميلادى.
وجاءت الزيادة بشكل رئيسى في المصروفات، نتيجة صرف رواتب إضافية لموظفى الدولة السعوديين المدنيين، والعسكريين، والمستفيدين من الصمان الاجتماعى، والمتقاعدين، حيث تمثل هذه المصروفات ٧٧٪ من حجم الزيادة في المصروفات. بينما جاءت النسبة المتبقية في الزيادة، بسبب صرف مبالغ على المشاريع الأمنية والعسكرية ١٧٪، والباقى تم صرفه على مشاريع ونفقات أخرى متنوعة.
ونقلًا عن رئيس وكبير الخبراء في مجموعة خبراء المخاطر في الشرق الأوسط عبدالرحمن بن محمد الزومان، فإنه ينظر إلى القرارات التقشفية السعودية على أنها استمرار لمرحلة التغيير التي أعلنت عنها الرياض خلال طرحها رؤية ٢٠٣٠ في شهر إبريل الماضى.
وبحسب الزومان، أن قرار إلغاء العلاوات والمزايا وخفض الرواتب، سببه ارتفاع كبير في فاتورة الرواتب التي تشكل نسبتها ٦٠٪- ٧٠٪ من نفقات الحكومة السنوية، «وهذا من أكبر الأرقام عالميًا»، ويقصد فاتورة الرواتب إلى إجمالى نفقات الحكومة.
فضلًا على خفّض الرواتب بنسبة ٢٠٪، ووضع حد أقصى على العطلات والخدمات الأخرى للموظفين، بحسب المرسوم الملكى، تقرر خفّض رواتب الوزراء وتقليل حجم البدلات. وتأمل المملكة العربية السعودية من مضاعفة حجم الاقتصاد، وخلق نحو ٦ ملايين وظيفة جديدة خلال الـ١٥ عامًا القادمة.
ولعل هذا ما تسبب في عدم منح العلاوة السنوية خلال العام الهجرى الحالى ١٤٣٨، حيث يجرى تطبيق وقف العلاوة السنوية على كل العاملين بالقطاع الحكومى من السعوديين والوافدين، والعاملين بالقطاع العسكري، إلا أنه تم استثناء العسكريين المُشاركين في تحرير اليمن من أيدى الحوثيين، إضافة إلى العملاء الاستخباراتيين العاملين خارج حدود المملكة.
كما تم خفّض بدل ساعات العمل الإضافي بنسبة ٢٥٪ من الراتب الأساسى في الأيام العادية، وإلى ٥٠٪ في أيام العطلات الرسمية والأعياد، إضافة إلى خفض إجمالى فترات الانتداب لموظفى الدولة ليصبح ٣٠ يومًا خلال العام المالى الجديدة، هذا مع قف صرف بدل الانتقال الشهرى للموظف خلال فترة الإجازة.
أزمة العام الهجرى
لم تتوقف إجراءات التقشف عند هذا الحد، بل تقرر إيقاف العمل بالتقويم الهجرى، والعمل بالتقويم الميلادى، بعد ٨٦ عامًا من إنشاء المملكة عام ١٩٣٢، ونقلًا عن أحد الموظفين السعوديين، فإنها باعتماد التقويم الميلادى سوف يخسر كل موظف حكومى ما يقارب من نصف شهر من راتبه السنوى. وهذا يعنى أن المملكة قد توفر نحو ١٨.٧ مليار ريـال بعد اعتماد التقويم الميلادى.
ويحصل الموظف، بعد تطبيق القرار على راتبه الشهرى في الـ٢٥ من كل شهر ميلادى، بدلًا مما كان متبعًا سابقًا في حصول الموظف على المرتب كل ٢٥ يوما من الشهر الهجرى، إذ تنقص السنة الهجرية بنحو ١٥ يومًا عن الميلادية.
زيادة تأشيرات العمرة
قبل أن ينسدل الستار عن يوم الأحد الماضى، قررت المملكة تطبيق عدد من الرسوم الجديدة على التأشيرات والرسوم، وقد تسبب ذلك في رفع ثمن تأشيرات العمرة.
وتخص الرسوم التي فرضتها السلطات السعودية المواطنين الذين يعتمرون أكثر من مرة، حيث ستبلغ رسوم التأشيرة الجديدة لهم ٢٠٠٠ ريـال سعودى.
كما تشمل الرسوم الجديدة تأشيرة الخروج والعودة المتعددة إلى ٥٠٠ ريـال لمدة ٣ شهور وكل شهر إضافي ٢٠٠ ريـال، بدلا من السابق برسم ٥٠٠ ريـال كحد أقصى لمدة ستة أشهر عدا زوجات المواطنين لمدة سنة.
وبخصوص الوافدين غير المقيمين تمنح منافذ الجوازات تأشيرات دخول للعمالة المنزلية المرافقة لكفلائهم الخليجيين برسوم ٣٠٠ ريـال بدلا من ٥٠ ريـالا سابقا. كما رفعت المملكة رسوم الحصول على تأشيرة الدخول إلى المملكة لتبلغ ٣٠٠٠ ريـال لمدة ٦ أشهر و٥٠٠٠ آلاف لمدة عام، و٨٠٠٠ لمدة عامين.
وقد أثار القرار استياء عدد من شركات الحج والعمرة، حيث أصدرت لجنة السياحة الدينية بغرفة شركات السياحة في مصر أن الزيادة الجديدة تشكل عبئا على الراغبين بأداء العمرة.
وتعول المملكة من خلال رفع ثمن التأشيرات على زيادة إيرادات ميزانيتها، بعد تراجعها بسبب هبوط أسعار النفط التي تعد المورد الأساسى للمملكة.
فضلًا عن ذلك، قامت المملكة بتغيير أثمان تأشيرات أخرى، إذ أصبح يستوفى ٢٠٠ ريـال لتأشيرة خروج وعودة مفردة لمدة شهرين للمقيمين، و١٠٠ ريـال عن كل شهر إضافي، بدلا من السابق بواقع ٢٠٠ ريـال لمدة ٦ أشهر كحد أقصى عدا الطلاب لمدة سنة. وتأشيرة الزيارة المفردة برسم ٢٠٠٠ ريـال بدلا من السابق ٢٠٠ ريـال، وتأشيرة الزيارة المتعددة برسم ٣٠٠٠ ريـال لمدة ٦ أشهر بدلا من السابق ٥٠٠ ريـال.
زيادة فواتير الخدمات
لم يتوقف التقشف عند هذا الحد، إذ قامت المملكة بزيادة أسعار البنزين في إطار ما أطلقت عليه «الإصلاحات الاقتصادية». واشتملت هذه الإجراءات على مراجعة الدعم الحكومى للمشتقات البترولية والكهرباء، والمياه، إذ تقرر أسعار المحروقات بشكل عام بنسبة ١٣٪.
وحدد مجلس الوزراء السعودى أسعارا جديدة للبنزين بأنواعه المختلفة، بحيث زاد سعر لتر بنزين «٩١» من ٠.٤٥ ريـال للتر إلى ٠.٧٥ ريـال للتر، بزيادة نسبتها ٦٦٪، وزيادة سعر بنزين «٩٥» من ٠.٦٠ ريـال للتر إلى ٠.٩٠ ريـال للتر، بزيادة قدرها ٥٠٪.
وكانت السعودية رفعت سعر البنزين عام ١٩٩٩ إلى ٠.٩٠ ريـال من ٠.٦٠ ريـال، فيما قال اقتصاديون حينذاك إنها خطوة في إطار تدابير لخفض العجز في الميزانية بعد انخفاض أسعار النفط وتراجع إيرادات الصادرات. وكانت المملكة رفعت أسعار البنزين إلى المثلين تقريبا عام ١٩٩٥ في إطار ميزانية تقشف.
كما تخطط الحكومة لعدد من الإصلاحات الاقتصادية تشمل خصخصة مجموعة من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، إضافة إلى استكمال خطوات تطبيق ضريبة القيمة المضافة بالتنسيق مع باقى دول مجلس التعاون الخليجى.
كما رفعت المملكة أسعار فواتير الكهرباء إلى ٤ أضعاف، بحسب على البراك الرئيس التنفيذى للشركة السعودية للكهرباء السابق.
وقال البراك: «إن ارتفاع فواتير الكهرباء يعود إلى زيادة الاستهلاك، مما يُدخل الأفراد في فئات الشرائح الأعلى، إضافة إلى انخفاض قيمة البترول وتأثيره على موازنة المملكة».
وكانت وزارة المياه والكهرباء السعودية، بدأت في تطبيق التعريفة الجديدة للمياه في يناير الماضى، حيث زادت التعريفة من ١٧٥٤٪ إلى ٤٢٣٨٪، فضلًا على ارتفاع فاتورة المياه بنسبة ٥٠٠٪.