الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إمبراطور الإعلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن الإعلام قوة، ومن يرد أن يصبح فى مركز قوة حقيقى يسع لامتلاك إمبراطورية إعلامية كبيرة، فإن حقق خسارة فى البداية فالمكسب مضمون على المدى البعيد، وهو ليس مكسبا ماديا فحسب، ولكنه اجتماعى لحد بعيد، ويصل إلى السلطة الحقيقية، ففى الدول الأوروبية الإعلام أقوى من الحكومة ومن رئيس الدولة نفسه أحيانا!!
ومن تخرج فى كلية الإعلام لا بد أن يكون مر عليه هذا الاسم «روبرت مردوخ»، وهو بالفعل يستحق لقب «إمبراطور الإعلام على مستوى العالم» هو باختصار رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والأسترالية..يمتلك مجموعات إعلامية أمريكية وعالمية توصف بأنها «لوبيات» مؤثرة فى السياسة الخارجية لبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولا يخفى مردوخ دعمه لإسرائيل وعداءه الواضح للعرب والمسلمين!! ومردوخ البالغ من العمر ٨٥ عاما ولد بمدينة ملبورن بولاية فيكتوريا الأسترالية، ثم درس العلوم السياسية والاقتصاد والفلسفة فى «ويرسستر كوليدج» التابعة لجامعة أوكسفورد بإنجلترا، كما حصل بعد ذلك على بكالوريوس فى الفنون والعلوم وماجستير فى الفنون من نفس الجامعة، وللحقيقة لوالده فضل كبير فى مساره المهنى، كونه كان صحفيا يملك شركة «نيو ليمتد» فى أستراليا التى ورثها روبرت عنه، وكانت تضم صحيفتين، ثم هيمن بعدها على عدد من الصحف فى أستراليا ونيوزيلندا عام ١٩٦٠.. انتقل بعد ذلك إلى بريطانيا عام ١٩٦٩ حيث عمل فى صحيفة «ديلى إكسبريس» فى لندن، ثم اشترى صحيفتى «نيوز أوف ذو وورلد» و«ذو سان»، وركز فيهما على مواضيع الإثارة بالتركيز على موضوعات «الجنس _الرياضة _الفضائح»، وهو الثلاثى الذى يحقق أكبر نسبة مبيعات، فحقق أرباحا مكنته من اقتناء مجموعة صحف «ذى تايمز» العريقة، بعد أن وافقت له على ذلك بصفة استثنائية رئيسة الوزراء آنذاك «مارجريت تاتشر»، باعتبار أن القانون البريطانى يمنع احتكار شخص واحد لعدد من الصحف، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث اشترى صحيفة «سان أنطونيو إكسبرس»، ثم أسس صحيفة «ستار وسوبير ماركيت تابلويد»، لينتقل عام ١٩٧٦ للهيمنة على صحيفة «نيويورك بوست».
وبعد حصوله على الجنسية الأمريكية عام ١٩٨٥ بدأ الاستثمار فى المحطات التليفزيونية، فأسس الشركة القابضة «نيوزكوربوريشن» التى تتبعها قناة «فوكس نيوز» الإخبارية المعروفة بدعمها لمواقف المحافظين الجدد بأمريكا وولائها لإسرائيل، ويرأس مجلس إدارتها، كما اشترى صحيفة «وول ستريت جورنال» عام ٢٠٠٧، وتعرضت شركته لخسارة وأزمة مالية كبيرتين عام ١٩٩١، وهى الخسائر التى تسببت فيها الشبكة الفضائية التليفزيونية «سكاى» Sky Televisio، لكنه تجاوزها، وتمكن بعدها من السيطرة على «British Pay Tv Market» من خلال الهيمنة على شبكة البرامج الأرضية المدفوعة، واحتكار حق بث ونقل مباريات الدورى الممتاز الإنجليزى لكرة القدم، وكذا سوق الإعلانات.
نجح أيضا فى الولوج إلى سوق الإعلام فى العالم العربى، وفى منطقة الشرق الأوسط من ضمنها تركيا، كما توسعت قنواته الفضائية إلى مناطق آسيا وإفريقيا فيما يزيد على خمسين بلدا، بصافى أرباح يصل إلى خمسة مليارات دولار، ومؤخرا قام بتطوير قناة «فوكس نيوز» بعد فضيحة التحرش التى ساقتها مقدمة برامج سابقة بحق «رودجر ايلز- ٧٩ عاما» الذى كان يدير القناة واستقال ونقلت بالفعل وسائل إعلام أمريكية شهادات لنساء أخريات تحدثن عن مضايقات داخل القناة، وتشهد القناة تحقيقا داخليا فى هذا الشأن!! 
قوة مردوخ جعلت الكثير من المسئولين إما أن يتقربوا منه وإما أن يحاربوه، ولعل قصة رئيس الوزراء البريطانى الاسبق «تونى بلير» الذى قام بتدمير حياة روبرت مردوخ بسبب تقاربه مع «ويندى دينغ» مما تسبب فى انفصالهما خير دليل!! وعلى الرغم من بلوغ مردوخ الخامسة والثمانين من عمره إلا أنه يظل محتكرا للإعلام العالمى، بل ويظل محتفظا بلقب «إمبراطور الإعلام»!!
من هنا نتساءل.. من فى مصر يسعى للفوز باللقب، ومن لديه خبرة مردوخ، ونفوذه، وأهدافه، وقدرته على التحدى والتحمل؟ إن السنوات السابقة كانت المؤشرات فيها تقول إن الأقرب من الفوز باللقب هو رجل الأعمال «نجيب ساويرس»، ولكن فى الأيام الماضية بدأت المؤشرات تتغير وإن كان الحكم لا يمكن أن يكون وليدا للحظة، بل لسنوات، فلا يمكن التعجل وقراءة ما يحدث فى الإعلام من خلال توقعات وتخيلات، ولنتذكر دائما أن المال وحده لا يكفى لصناعة إمبراطورية إعلامية، لا بد من تحديد الهدف والاستعانة بالخبرة الحقيقية، ولننتظر هل بالفعل سيظهر إمبراطور مصرى للإعلام أو أن طبيعة البلد لا تسمح بظهوره؟!
وهل من الطبيعى أن يكون هناك من يحتكر الإعلام الداخلى أو أن ذلك يندرج تحت قانون «منع الاحتكار»؟ أعتقد أن الإمبراطور الحقيقى هو من يستطيع السيطرة والاستحواذ على عدد من وسائل الإعلام الخارجى بما يسمح بالتأثير فى الرأى العام الخارجى، وهو المطلوب، أم أن الاستحواذ والسيطرة الداخلية ستقللان من فرص المنافسة، وبالتالى تخلق إعلاما هشا متشابها لا ينافس ولا يرقى بالتالى للمستوى المطلوب؟