السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لنحاكم.. مافيا السوق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فجرت قضية إقالة وزير التموين العديد من القضايا والتداعيات التي لا يمكن غلقها بهذه الإقالة أو السكوت عنها.
لأنها أصبحت حديث عامة الشعب في كل أماكن تجمعاتهم ٢٥ يناير، ٣٠ يونيو.
ونأمل في أن تتم المعالحة لهذا الأمر بشكل يختلف عما كان يتم في الأنظمة السابقة- بعدم المبالاة- الأمر الذي ولد الحقد الدفين والشعور بعدم الانتماء، وكان سببا من أسباب الثورة وولادة الإرهاب، فمن المعروف أن الفساد هو البيئة الحاضنة للإرهاب، وساعد على ذلك أيضا وجود مناسبات مهمة لدى الشعب، مثل قدوم عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا بالخير واليمن والسعادة، وهى مناسبة يحتفل بها الجميع الفقير قبل الغنى، ولا يحول الفقر دون الاحتفال، فالفقراء يكونون أشد حرصا على شراء اللحوم حتى ولو اضطروا إلى الاستدانة بخلاف السلع الأخرى، سواء الأرز أو الخبز أو السكر أو البوتاجاز.. إلخ.
والتي ارتفعت أسعارها ارتفاعًا جنونيًا وفاحشًا بشكل تلقائى، ودون تدخل من الأجهزة التنفيذية وفى غياب تام من الأجهزة الرقابية، وحدث هذا من قبل التجار الجشعين محتكرى السلع الأساسية الذين أطلق عليهم مافيا الأسواق، واستغلوا الشائعات التي أطلقها الطابور الخامس وجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية عن زيادة الأسعار عقب توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولى- قرض الـ١٢ مليار دولار- وللأسف الشديد لم يقابل هذا بتحرك فورى للأجهزة الرقابية، والمبادرة بالقبض عليهم وتقديمهم لمحاكمات عاجلة وفورية، لأنها قضايا أمن دولة وتشكل اعتداء على القوت الضرورى للشعب في زمن حرب.
أما المناسبة الثانية، فهى قرب دخول المدارس ما يستلزم اقتطاع جزء أساسى من ميزانية الأسر المصرية في شراء الملابس والأدوات المدرسية التي أيضا ارتفعت أسعارها ارتفاعًا جنونيًا.
والملفت للنظر أنه بالرغم من إقالة الوزير فمازالت الأسعار مرتفعة وفى تزايد!
الأمر الذي يؤكد أن هذه الإقالة جزء من العلاج وليس كل العلاج، ما يستلزم استمرار فتح ملف تحقيق فساد توريد القمح وتقديم المتهمين للمحاكمة، وتوقيع أقصى العقوبات الرادعة حتى يكونوا عبرة للغير، ونأمل في ذلك عقب قيام سلطات التحقيق بالإفراج عن ثلاثة من المتهمين في هذه القضية بعد سداد كفالات ومبلغ ٢١٩ مليون جنيه قيمة ما ربحوه من هذه الجريمة، وهذا ساعد في وجود حالة احتقان لدى العامة، إذ اعتبروا الأمر أنه مجرد تجميع أموال وليس اعتداء على القوت الضرورى للشعب المصرى، وأن سدد الأموال أصبح وسيلة للهرب من توقيع العقاب، وهذا ما استنكره أيضا عدد كبير من نواب الشعب، وطالبوا باستكمال التحقيقات وتوقيع العقوبات الرادعة، ولو تطلب الأمر تعديلا تشريعيا حتى نقدم المثل بأن قيادتنا الوطنية تختلف كل الاختلاف عن الأنظمة السابقة التي كانت تتعامل مع هذه الأمور بـ«ودن من طين وودن من عجين»، فكان انفجار الغضب الشعبى والثورة التي أراد أعداؤنا استغلالها وتحويلها إلى فوضى عارمة، وتدمير الوطن والشعب لولا الله وقواتنا المسلحة التي أنقذتنا جميعا من الضياع.
وهذا سبب تناولنا لهذا الموضوع، ونأمل في عدم تكراره، ولكن لن نستطيع أن نمنعه، خاصة أن بعض الاحتياجات بدأت في الظهور، حيث قامت النساء المرضعات بقطع طريق الكورنيش اجتجاجا على اختفاء لبن الأطفال المدعوم، ولولا تدخل قوات الأمن المركزى ما نجحنا في فتحه، ولا يعقل أن يصل سعر أنبوبة البوتاجاز إلى ٤٠ جنيهًا بالرغم من أن سعرها الحقيقى ١٠ جنيهات، وهذا يؤكد أن وراء هذا الارتفاع الجنونى لكل الأسعار شبكة محكمة من مافيا الأسواق أو محتكرى السلع المستمرين منذ أيام المخلوع وكانوا أعضاء في الحزب الوطنى وقيادات بلجنة السياسات وآخرين من تجار جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وهؤلاء التجار الجشعون مع اختلاف انتماءاتهم السياسية اجتمعوا على «مص دم» الشعب المصرى لجنى الأرباح من جهة ومن جهة أخرى دفع الشعب المصرى للثورة ضد قيادتنا الوطنية من أجل إسقاطهم، حيث مازالوا يحلمون بعودة المخلوع أو المعزول، وعلى قيادتنا الوطنية أن تأخذ الأمر بجدية ناهيك عن الطابور الخامس النشط في بث الشائعات.
وهذا الحلف غير المقدس يستغل انشغالنا في محاربة الإرهاب وعدم فرز صفوفنا واندساسه في وسطنا لتنفيذ مخططه، وكذلك سوء اختيارنا لبعض المسئولين سواء وزراء أو أجهزة تنفيذية، ولا يعقل أبدا أن نعتمد في كل كبيرة وصغيرة على قواتنا المسلحة التي تحارب نيابة عنا في جميع الجبهات؟! ولكن هذا لا يمنع الاستعانة ببعض من أفرادها لتولى المناصب التنفيذية، نظرا لتمتعهم بالنزاهة والاستقامة والسرعة في التنفيذ وحب الشعب والدفاع عنه، ولا يهمنا أقوال أعدائنا، فالمؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي نجت من الاختراق والفساد اللذين انتشرا في الأنظمة السابقة قبل ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو، ونأمل في سرعة تحريك البلاغات المقدمة ضد هؤلاء التجار «مافيا السوق»، والتحقيق فيما أوردته بعض الصحف والمجلات عن مظاهر فسادهم حتى لا يترك الأمر للقيل والقال، ويستخدمه مروجو الشائعات، خاصة أن بعض رجال الأعمال الذين رفضوا التبرع لصندوق تحيا مصر الذي ينفذ العديد من المشاريع لصالح الشعب المصرى دخلوا مع هؤلاء التجار، خاصة في مجال تجارة السكر حتى يجنوا الأموال الطائلة، ويتم استخدامها في تحقيق أغراضهم الخاصة والمؤامرات التي تحاك ضد قيادتنا الوطنية، وكذلك الإفساد السياسي. إن الموضوع على قدر من الخطورة ولا بد من التدخل السريع، وليتم تشكيل لجان تقصى حقائق من مجلس النواب على غرار لجنة تقصى حقائق فساد توريد القمح، لكشف محتكرى السلع والأسواق وتقديمهم للمساءلة، ولتبادر الأجهزة الرقابية للقيام بالدور المنوط بها، وتكثف الحملات على الأسواق والمحال، ولنعيد محاكم أمن الدولة لهؤلاء الجشعين، فهؤلاء التجار آفة تضر المجتمع ويزيدون الاحتقان الطبقى من خلال مظاهر البذخ والإسراف في منتجعات الساحل الشمالى، لأن ما جمعوه من أموال لم يتعبوا فيه، وعلى السادة الوزراء المعنيين والمحافظين أن ينزلوا للشوارع ويمروا على الأسواق.
إن وطننا وشعبنا وقيادتنا الوطنية في خطر، ولنضرب بيد من حديد، ولا مهادنة مع مافيا الأسواق، لأنهم الوجه الآخر للإرهاب.