الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ولداعش إرهابيون في المهد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سيذكر التاريخ الحديث والمعاصر، ومن قبله التاريخ القديم، أن تنظيم «داعش» الإرهابى هو الأسوأ فى البشرية، وأنه سيبقى نقطة سوداء فى تاريخ الإنسانية كلها، لأنه لا يحمل بداخله أى مشاعر إنسانية توحى بأن أعضاء هذا التنظيم ينتمون إلى فصيلة البشر.
فقد أثار غضبى واشمئزازى مقطع فيديو بثه هذا التنظيم المتطرف، يظهر فيه مجموعة من الأطفال وهم ينفذون عملية إعدام لأسرى فى العراق، رميًا بالرصاص، فى مشهد بشع مفزع، هذا إلى جانب قيام الشرطة العراقية بعدها بأيام قليلة بالقبض على طفل حاول تنفيذ عملية انتحارية بحزام ناسف، يتزامن هذا وذاك مع الهجوم الانتحارى الذى نفذه طفل خلال حفل زفاف بجنوب تركيا. تلك المشاهد والحوادث الخطيرة كشفت الوجه القبيح لتنظيم «داعش» الذى يستغل براءة الأطفال أسوأ استغلال، ويجند إرهابيين فى المهد.
فأجهزة المخابرات الغربية كشفت عن معلومات تشير إلى قيام «داعش» بتكوين مدارس متطرفة للنشء، أطلقوا عليها مدارس «أشبال الخلافة» يتم فيها تدريب الأطفال على الفكر الجهادى الأسود، وتغذية أدمغتهم بالتطرف والمغالاة فى الدين، وزرع عقيدة الجهاد بداخلهم حتى الموت، وتأهيلهم نفسيًا على تنفيذ عمليات إرهابية بأحزمة ناسفة، وحمل السلاح والقتال.
يقوم التنظيم الارهابى فى هذه المدارس بإعطاء الأطفال تدريبات بدنية قاسية جدًا على كل فنون القتال، وكيفية استخدام الأسلحة، بكل أنواعها وأشكالها، ثم يتبع هذه الخطوة مرحلة التدريب النفسى لهؤلاء الأطفال، عن طريق إشراكهم وزرعهم فى الساحات العامة للقيام بذبح «أعداء داعش أو الخائنين أو المرتدين أو الكفار» كما يسمونهم هم لتعزيز الشعور لديهم بالانتماء للتنظيم. وبذلك يكون التنظيم قد زرع فى هؤلاء الأطفال الولاء والانتماء على المدى البعيد. لقد برع تنظيم «داعش» الإرهابى فى الشر، لدرجة سعيه الدؤوب المنظم لتعذيب وترويع العالم على المدى البعيد، فالمنهج الشيطانى الذى ينتهجه قادة هذا التنظيم يهدف إلى خلق جيل جديد من الإرهابيين الذين يسهل تصديرهم إلى العالم، وتنفيذ عمليات إرهابية خطيرة من خلالهم، ولا تقوى أجهزة الاستخبارات على ملاحقتهم كونهم أطفالًا، فمن الذى يجرؤ فى المجتمع الدولى على رفض مساعدة الأطفال واحتوائهم، وضمهم إلى منظومته الاجتماعية، من أجل حمايتهم من دمار مناطق النزاع؟ لا أحد طبعًا.
تذكروا معى، لقد كانت صورة الطفل السورى «إيلان» جواز سفر عشرات الآلاف من السوريين إلى دول أوروبا، بعد أن كانت أبواب هذه الدول مغلقة فى وجوههم، فتدريب هؤلاء الأطفال على الجهاد وسقى عقولهم بالفكر الراديكالى، ثم دسهم فى المجتمعات ما هو إلا عملية زرع قنابل موقوتة بالمعنى الدقيق للجملة، حيث سيكون انفجارهم مفاجئًا ومدويًا ومدمرًا ومؤلمًا فى وقت واحد.
لقد لجأ «داعش» أيضًا إلى تجنيد ما يسمى بـ«أشبال الخلافة» من الأطفال، لسد الفجوة التى يعانيها فى عدد المقاتلين، فكشفت الأيام أن هؤلاء الأطفال الانتحاريين أشد فتكًا من المقاتلين الحاليين الموجودين فى صفوف «داعش»، فهؤلاء الأطفال يربونهم تربية يشبّون فيها على الكراهية باسم التدين، ما يتسبب فى تصدير صورة مشينة وغير طبيعية عن الإسلام فى المجتمعات الغربية، فيبدو لهم أن الإسلام يستغل الأطفال كوقود للحرب وإهدار حقوقهم، وهو ما نهى عنه الإسلام. لقد نجحت هذه التنظيمات، فى فترة وجيزة، أن تخلق صورة لدى الغرب غير حقيقية بالمرة عن الإسلام، بتجسيده على أنه دين عنف وقتل وذبح واستغلال الأطفال، فى حين أن الدين الإسلامى ما هو إلا دين تسامح ورحمة ومحبة.
لقد قضى «داعش» على آخر ذرة تعاطف يمكن أن توجد فى قلب بشر كان يشك أن هؤلاء الإرهابيين ينتمون إلى الدين الحنيف، بعد انحطاطهم وتوحشهم لدرجة استغلال الأطفال بهذا الشكل غير الإنسانى وغير الآدمى بالمرة. إن الصورة الذهنية الخطيرة التى صدرتها التنظيمات الإرهابية للعالم عن الإسلام يحتاج علماء الدين وقتًا طويلًا حتى يغيروها فى عيون المجتمعات الغربية، يحتاجون فعلا إلى جهود جبارة لزرع صورة الإسلام الوسطى الصحيح.
تصوروا معى رد فعل إنسان غير مسلم قد شاهد الفيديو البشع لعملية إعدام أسرى بيد أطفال؟ هل يمكن أن يفكر فى الدخول للإسلام؟ هل سيتعاطف مع المسلمين؟ أم سيحدث العكس؟
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يخلصنا من هذا التنظيم الإرهابى البشع، الذى خرج من بيننا، ونحن فى غفلة، وأن يقدر المسلمون فى كل مكان علي الخلاص منهم، والقضاء عليهم، وإظهار حقيقة الإسلام الوسطى، دين المحبة والحب والسلام.