رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

رحلة إلى أدب سيد قطب وعقل حسن البنا "3-3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نواصل رحلتنا مع كتاب الحرانى المعنون «الإخوان القطبيون – منهج الإرهاب لجماعة الإخوان والجماعات الإسلامية».
ونبدأ بما كتبه تحت عنوان «تمهيد واجب» ونقرأ «الأزمات الداخلية للإخوان المسلمين التى لم يستطيعوا إخفاءها والتى ظهرت فى السنوات الأخيرة كانت سببا رئيسيا فى وضوح الصورة الحقيقية للتيار المسيطر على العمل داخل الجماعة.. فمنذ أن أعلن المرشد العام مهدى عاكف عدم رغبته فى الترشح مجددا لولاية جديدة (والحقيقة أنه أجبر على ذلك تحت ضغط من مركز القوة الأساسى والمكون من رجال التنظيم السرى بزعامة محمود عزت وخيرت الشاطر) تبلور الصراع بين جناحين الأول بقيادة محمد حبيب وكان النائب الأول للمرشد والثانى بقيادة محمود عزت الذى أمسك بزمام المبادرة فى الجماعة وفرض آلية معينة للانفراد بالقرار ذات منحى إقصائى لإبعاد كل من سيقفون أمام تطلعاته واستقال محمد حبيب» وأعلن محمد بديع مرشدا للجماعة بعد عمليات تزوير وإبعاد عدد من الشخصيات والقيادات، وكانت المحصلة النهائية هى سيطرة أعضاء التيار القطبى المنتمين لمدرسة سيد قطب، وهى مدرسة تتبع منهج تكفير المجتمعات ووصفها بالجاهلية» (ص٢٠). ثم هو يوضح «ما هو التنظيم أو التيار القطبي، ومن أين نشأ؟ ويقول «هو حركة فكرية إسلامية تنسب إلى سيد قطب الذى انتمى إلى جماعة الإخوان بعد مصرع مؤسسها حسن البنا وأعاد بلورة أفكاره على ضوء أفكارها» ثم «وتتركز أفكار الدعوة القطبية فى أن المجتمعات المعاصرة مجتمعات جاهلية بما فيها المجتمعات الإسلامية» كما أنه قال «بتكفير الحكومات القائمة فى بلاد المسلمين وقال بعدم جواز المشاركة فى الحكم أو ممارسة العمل السياسى فى ظل الحكومات الكافرة، ووجوب جهاد هذه الحكومات، ورفض الدعوة العلنية مع «تفضيل نهج التنظيم المغلق»، وكانت دعوته عابرة للقارات وامتدت إلى بقاع أخرى كثيرة من العالم الإسلامى والأوروبى فقد شكلت بريقا جذابا للمسلمين فى كل مكان» ويمضى الحرانى قائلا «ومن أهم أدبيات الفكر القطبى مبدأ توحيد الحاكمية فمن مقتضيات كلمة التوحيد فى نظريته «الإقرار بتوحيد الألوهية بأن يكون الحكم لله وأن يصاغ النظام الاقتصادى كله وفق معايير الإسلام وأن يكون المنهج التربوى والتعليمى والإعلامى والفكرى والحضارى والأخلاقى والسلوكى منبثق من الإسلام. وهو يؤكد أنه من المحال أن يكون ذلك كله من أجل كلمة ترددها الألسنة فحسب، بل لابد من الإقرار باللسان والتصديق بالجنان والعمل بالجوارح والأركان، لتحويل جميع مقتضياتها إلى منهج حياة وواقع متحرك ومجتمع متكامل البنيان». وهكذا فإن سيد قطب «نعت مجتمعات المسلمين بوصف الجاهلية، وساوى بينها وبين المجتمعات البوذية والشيوعية لغياب الشريعة عن أرض الواقع». أما خطة سيد قطب لتحقيق رؤيته فتقول «لابد أن تبدأ الحركات الإسلامية من القاعدة، وهى إحياء مدلول العقيدة الإسلامية فى القلوب والعقول، وعدم إضاعة الوقت فى الأصوات السياسية الجارية، وعدم محاولة فرض النظام الإسلامى عن طريق الاستيلاء على الحكم قبل أن تكون القاعدة المسلمة فى المجتمعات هى التى تطلب النظام الإسلامي». وقد اعتمد القطبيون كما يقول السيد الحرانى لعملية التغيير الإسلامى إلى استراتيجية أتى بها محمد قطب (شقيق سيد قطب) فى كتابه «واقعنا المعاصر» وتتلخص فى «أنه يتحتم تربية أغلبية الشعب على العقيدة الإسلامية الصحيحة حتى إذا قامت الدولة الإسلامية الحقيقية أيدها وتحمل الصعاب التى تترتب على قيامها» (ولابد هنا أن أشير إلى أن هذا التوجه هو بالتحديد ما دعا إليه حزب التحرير الإسلامي- بالأردن) ونعود إلى الحرانى الذى لاحظ أن الدعوة القطبية تحتم على أبنائها التفوق فى تعلم العلوم التكنولوجية الغربية الحديثة حتى تتوافر لهم فرص إيجاد الحلول العلمية والعملية لما يواجههم من مشكلات»، وبالإضافة إلى التكنولوجيا الحديثة يكون العنف والإرهاب. (ص٢٥). ويمضى سيد الحرانى ليقول «وقد تم تقديم الفكر القطبى فى قالب سلفى أيضا، فقد دعا له مجموعة من القيادات السلفية مثل محمد حسان وسلمان العودة وسفر الحوالى ومصدر ذلك هو هجره مجموعة من الإخوان (بعد هجوم النظام الناصرى عليهم بضراوة فى أعقاب محاولة اغتيال عبدالناصر فى المنشية) إلى بلدان أخرى كالسعودية والعراق وسوريا. وقاموا بنشر الفكر القطبى وتدريس كتب سيد قطب وكان لذلك أثر واضح على الشباب السعودي.
ثم يواصل «وقد شكل المصريون القطبيون فى تنظيم القاعدة قادته وموجهوه فى أفغانستان، بينما شكل القطبيون السعوديون جنوده الميدانيين. ومع تصاعد وتيرة «الجهاد» الأفغاني، ذهب الكثير من الشباب السلفى للجهاد هناك يدعم من دولهم وعلمائهم، وإذ كانت معسكرات التدريب تحت إدارة الجماعات المسلحة القطبية فقد تعرض هؤلاء الشباب لعملية توجيه ودعوة للانضمام للمنهج القطبى على يد الجماعات المسلحة المصرية» ثم ينقل لنا السيد الحرانى شهادة لكميل الطويل يقول فيها «كان الفكر الذى جاءت به جماعة الجهاد المصرية هو المنتصر الأول فى ساحة الاستقطاب الأفغانية، وسرعان ما بدأ هذا الفكر الجهادى فى الانتشار وسط الأفغان العرب، ولعل الانتصار الأكبر الذى حققوه فى النصف الثانى من الثمانينيات قد تمثل فى التأثير فكريا فى أسامة بن لادن وإقناعه بالاستقلال عن مكتب الخدمات وأميره عبدالله عزام، فأسس بن لادن بيت الأنصار فى بيشاور» كما أنه يورد شهادة أخرى لأبى مصعب السورى يقول فيها «بنى الشيخ أسامة القاعدة على جهود كوادر من تنظيم الجهاد المصرى أساسا، فقام هؤلاء الجهاديون – وكنت من بينهم- لفترة - ببث أفكارهم الجهادية حول الولاء والبراء والحاكمية وغيرها من الأمور السياسية الشرعية وفقه الواقع فى تلك المعسكرات».
ويبقى أن الكتاب بأكمله بما بذل فيه من جهد يستحق القراءة كمرجع مهم، وأن مؤلفة يستحق الشكر.