الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

هدى زكريا أستاذ علم الاجتماع السياسي تتحدث لـ"البوابة": النخبة "استعلائية" ولا تجهد نفسها بالقراءة.. والنساء في مصر يدفعن ثمن التراجع الثقافي.. وكل منتقبة بالنسبة لي هى موضع اتهام

 هدى زكريا، أستاذ
هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقايق
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصفت الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق، النخبة السياسية فى مصر بأنها استعلائية تشعر بالغرور والكبرياء دون أن تجهد نفسها بالقراءة، مؤكدة أنه لا يوجد حل للخروج من تلك الأزمة إلا بالقضاء على تبعات نظام الرئيس الأسبق مبارك.
وقالت زكريا، فى حوارها لـ «البوابة»، إن التراجع الثقافى الحالى أثر بالسلب على النساء اللاتى يطالبن بالحرية والمساواة منذ القرن التاسع عشر.
■ ما هو الاختلاف فى التشكيل الاجتماعى للمجتمع المصرى قبل وبعد ٢٥ يناير؟
-اختلاف التشكيل الاجتماعى يحتاج لوقت طويل، لكن يناير هى مجرد موجة ليست ثورة مثلها مثل ٣٠- ٦، لكن التحول يحدث بعد الثورة الحقيقية، وكل ما فعلته الموجة أنها غيرت رأس النظام، لكن لم يحدث أى تغيير فى البنية الاجتماعية، عند التحدث عن يناير لابد من الرجوع لأيام عبدالناصر عندما قام بتوسيع الطبقة الوسطى بالكم والكيف، وكانت الدولة تقوم بدورها الكامل تجاه المواطن، وتعطيه حقه فى التعليم والصحة.
■ ما تأثير الانفتاح الذى حدث أيام السادات على المجتمع المصرى ؟
- السادات اتجه بعد وفاة عبدالناصر لقوانين الانفتاح، مما أدى لوجود فئة السماسرة والتهريب وتجارة العملة، وكلها أنشطة غير اجتماعية، وأكمل مبارك بعده نفس الطريق، ودفع ثمن ذلك الطبقة الفقيرة والوسطى، والطبقة الوسطى انكمشت وبدأت رحلات السفر للخليج بحثا عن لقمة العيش، وحدث سقوط أخلاقى وظهر التحرش بسبب انحسار الطبقة الوسطى، وكانت تحكم المجتمع كله وتضبط حركته، فسادت قيم الفهلوة واختفاء الأخلاق، واستمر ذلك فى عهد مبارك، وما حدث فى ثورة يناير أن المجتمعات شعرت بالخطر واستيقظ الضمير الجمعى وروح الجماعة، والثورات لا تحدث بعدها أحداث جيدة فى وقتها، ولنا فى الثورة الفرنسية والروسية أسوة، ونجد من يستغل المواقف من جماعات سياسية مثل الإخوان وجدوا فرصة وهم متربصون بالمجتمع وأكثر تنظيما، وكذلك البلطجية والمنحرفون الذى قاموا بالسرقة وما شابه من أفعال غير أخلاقية، الإخوان كانوا فى دول عديدة ومعهم أموال تتخصص فقط فى إظهار رجال دين، وهم أساس فكرة انقسام المجتمع و فكرة الفرز الاجتماعى.
■ هل يمكن الاعتماد على الضمير الجمعى فى اتخاذ القرارات المصيرية؟
- الضمير الجمعى هو روح موجهة، ينتفض عند الشعور بالخطر على الأمة، فكما نرى الصحفيين حاليا منبوذين من الضمير الجمعى لوقوفهم ضد الشرطة، فلا يوجد وقت حاليا للمطالب الفئوية، فالضمير الجمعى منشغل بالحفاظ على الوطن وبقاء الأمة واستمرارها.
■ ما رأيك فى النخبة المثقفة حاليا؟ 
- نخبة استعلائية تشعر بالغرور والكبرياء دون أن تجهد نفسها بالقراءة والتعلم.
■ هل محاولات الإصلاح والترقيع تعتبر خيارا واردا دائما.. أم أنه أحيانا يتوجب الإحلال والتجديد؟
- بالطبع تحتاج المجتمعات كثيرا للإحلال والتجديد، فما حدث فى عهد مبارك لا يمكن إصلاحه فكان لابد من الإحلال تماما، ولقد كتبت العديد من المقالات تطالب بإنهاء عهد مبارك، خاصة بعد ظهور فكرة التوريث لابنه جمال، فمصر ليست سوريا ولن نسمح بالتوريث، لكن مبارك أخذته الجلالة والعظمة وسيطرت عليه «الشلة صاحبة المصالح».
■ ما تقييمك لأداء الرئيس السيسى؟
- لديه الرغبة فى الإصلاح بقوة، وقام بعمل إنجازات عظيمة خلال عامين، والإعلام نسبة كبيرة منه «خائنة وممولة»، ولا تنقل للجمهور ما يقوم به الرئيس من مجهودات، كما أن الإدارة السياسية بالنظام لم تنظف بشكل كامل بعد، فالإدارة التى اعتادت الفساد والرشوة لم تستيقظ بعد، بالإضافة للجماعة الإرهابية التى تسعى لجذب الشعب إلى التفاهات لإبعاده عن المشروعات القومية التى يحققها الرئيس.
■ هل التغيير الطارئ فى تكوين الشخصية المصرية بعد عودة المسافرين من الربع الخالى أحد أسباب التدهور الفكرى والعقلى؟
- سفر المصريين للعمل فى بلاد الخليج كالسعودية له أثر على انتشار الثقافة البدوية على أنها ثقافة دينية، وتسربت هذه الثقافة والتعاليم للناس المتحضرين بفعل فاعل ومع سبق الإصرار، فهناك من أنفق الأموال فى سبيل انتشار هذه الثقافة البدوية ومحو الثقافة المصرية.
■ وما تأثير ذلك على وضع المرأة فى المجتمع؟
- بالطبع أثرت تلك الثقافة على المرأة، حيث إنه مثلما ذكرت أن المرأة تبحث عن حقوقها منذ القرن الـ ١٩، بينما تراجع ذلك حتى وصل إلى صورته الحالية، وفى السنوات العشر الأخيرة سنجد أجيالا جديدة من الطبيبات والمهندسات والمدرسات، لكن فى النهاية تبقى روح الجارية مسيطرة على معظم هذا الجيل، وعادت روح شعورهن بالنقص، وأنهن الأقل، وتم وضع قيمة الزواج فى مرتبة أعلى القيم لتكون الغاية والأمل للنساء مما أفقدهن إحساسهن بذواتهن، كما أن الخطاب الإعلامى يحارب المرأة ويقوم بتنمية مفهوم التمييز لدى المجتمع، مشيرة إلى أن المرأة تلقى المهاجمة فى العديد من الأماكن التى على رأسها الشوارع، كما أن هناك مطاردة اجتماعية خاصة فى المهن العليا، مشيرة إلى أنه لابد أن تتغير بعض القوانين حتى يتم القضاء على الظلم الذى تتعرض المرأة له، لكن قبل ذلك لابد أن تشعر المرأة بقيمتها وحقوقها كمواطنة، متسائلة «كيف للنساء أخذ حقوقهن وهن مغيبات»؟.
■ هل المصريون مؤهلون فى الوقت الحالى لفتح الباب أمام النقاش حول القضايا الخاصة بالمرأة؟
- بالطبع المجتمع مؤهل، فالقضايا الخاصة بقضايا المرأة تناقش من القرن ١٩، مثل كتاب رفاعة الطهطاوى «تخليص الإبريز فى تلخيص باريز»، وهو أول من فصل ربط العفة بالملبس.
■ ما رأيك فى دعوات تجريم النقاب؟
- لا تكفى الدعوات فقط، المفترض قانونا أنه لا يمكن أن تكون مواطنة إلا إذا كان وجهها مكشوفا، فإذا ارتكبت جريمة قتل كيف لنا أن نعرف المجرم إذا كان وجهها غير ظاهر، بالإضافة للأمراض النفسية المصاب بها أطفالهن، وكل منتقبة بالنسبة لى هى موضع اتهام.
■ هل تصلح الديمقراطية فى حالة أمية أكثر من ٥٠ ٪ من الشعب؟
- الثقافة الشفاهية عامل أساسى فى تكوين الآراء السياسية وليس التعليم بمفرده، التعليم جزء من التنوير وليس الأهم، فالإخوان نجد بينهم مهندسين وأطباء، لكن عند الحديث معهم تجدين «حمارا يحمل أسفارا».