الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الأمن القومي المصري "3"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نواصل في هذا المقال عرض النتائج المهمة لدراسة الباحثة الدكتورة أميرة محمد سيد أحمد، مدرس الصحافة بكلية الآداب جامعة دمياط التي سعت من خلالها إلى رصد اتجاهات النُخَب الأكاديمية والأمنية والسياسية نحو تأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الأمن القومى المصرى، حيث تبنت الباحثة مفهومًا متسعًا للأمن القومى المصرى. ففى مجال الأمن الاجتماعى، تراوحت اتجاهات المبحوثين ما بين الموافق والمحايد على العبارات المنشورة، حيث جاءت أعلى استجابة لعبارات "غرس القيم الاجتماعية السيئة واللا أخلاقية في نفوس الشباب، نشر الفتنة الطائفية والفئوية التي تهدد تماسك المجتمع، نشر السلوك الانحرافى والجريمة والأفكار الهدامة داخل المجتمع" في منطقة الموافقة، في حين جاءت عبارات "تنمية المسئولية الاجتماعية لدى الأفراد، تعزيز التقارب بين المواطن والجهات الأمنية للحفاظ على الأمن الاجتماعى، تنمية قيم المواطنة وتعزيز الوحدة والتماسك داخل المجتمع" في المنطقة المحايدة، مما يعنى أن اتجاه المبحوثين نحو تأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الأمن الاجتماعى، اتجه للموافقة على تأثيرها السلبى على الأمن القومى في شقه الاجتماعى، أما اتجاه المبحوثين نحو العبارات الإيجابية فاتخذت الطابع المحايد «اللا رأى»، فقد بدا أغلبهم غير قادرين على تحديد آرائهم تجاه تلك العبارات الإيجابية، وهذا مؤشر على أن مواقع التواصل تؤثر سلبًا على الأمن الاجتماعى من خلال نشرها السلوك الانحرافى والجرائم والفتن الطائفية والفئوية داخل المجتمع، وبث الشائعات، ونشر الفوضى، وتفتيت المجتمع، مما يهدد قيم وعادات المجتمع الأخلاقية، الأمر الذي يؤثر على أمنها الاجتماعى. وفى مجال الأمن الاقتصادى، اتضح أن آراء المبحوثين تجاه العبارات في شقيها الإيجابى والسلبى، تراوحت ما بين المحايدة والموافقة، فتبين أن الاتجاه العام المتكون لدى المبحوثين تجاه تأثير مواقع التواصل على الأمن الاقتصادى، يميل إلى المحايدة بالنسبة للعبارات الإيجابية، حيث جاءت أعلى نسبة استجابة لجميع العبارات التالية «توعية المواطنين بالمشاكل الاقتصادية التي تواجه الدولة وكيفية التغلب عليها، دعم جهود التنمية الاقتصادية على المستوى الوطنى، القيام بدور رقابى على الأنشطة الاقتصادية» في منطقة محايدة، فقد بدا غالبيتهم غير قادرين على تحديد آرائهم - بالموافقة أو المعارضة - تجاه تلك العبارات السابقة، أما العبارات المتعلقة بالجانب السلبى في معناها، فجاءت أعلى نسبة استجابة لتلك العبارات في منطقة الموافقة، أي أن أغلب المبحوثين وافقوا على أن مواقع التواصل لها دور في «عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية للدولة، انتشار الفساد المالى في القطاعين العام والخاص، تقليص الاقتصاد المحلى على حساب الاندماج في الاقتصاد العالمي»، وهذا يوضح أن الاتجاه العام لدى النخبة يميل إلى الموافقة على التأثير السلبى لمواقع التواصل على الأمن الاقتصادى، حيث تلعب تلك المواقع دورًا في نشر الفساد المالى، والفكر الرأسمالى الغربى، بل تساهم بشكل رئيسي في عدم استقرار الوضع الاقتصادى للبلاد؛ نظرًا لما يتم تداوله من أخبار ومعلومات عن العمليات الإرهابية التي يتم تنفيذها، مما يوحى بعدم استقرار الأوضاع الأمنية التي تنعكس بدورها على الأوضاع الاقتصادية للبلاد، ولتنامى الاقتصاد الافتراضى الموازى للاقتصاد المحلى الواقعى، الأمر الذي يؤدى بالفعل إلى تعرض اقتصاد البلاد للانهيار. وفى مجال الأمن الثقافى أو الفكرى، تبين أن الاتجاه العام المتكون لدى المبحوثين، تجاه تأثير مواقع التواصل الاجتماعى على الأمن الفكرى هو الاتجاه المحايد، حيث جاءت جميع استجابات المبحوثين تجاه العبارات في «شقيها الإيجابى والسلبي» في منطقة المحايدة «اللا رأى»، فقد بدا أغلبهم غير قادرين على تحديد اتجاهاتهم تجاه تلك القضية، وقد يرجع ذلك إلى أن تلك المواقع لها شقان إيجابى وسلبى في التأثير على الأمن الفكرى، حيث ساهمت تلك المواقع في شقها الإيجابى في التواصل مع العالم الخارجى، وتبادل الآراء والأفكار ومعرفة ثقافات الشعوب وتقريب المسافات، وممارسة العديد من الأنشطة التي تساعد على التقارب والتواصل مع الآخرين، وفتحت أبوابًا للتواصل واكتساب المعرفة، والسرعة في نقل الأخبار والأحداث، وساعدت في التواصل مع صانعى القرار، والعمل على تنمية التفكير الناقد لدى مستخدميها، ليتمكنوا من فرز ما يعرض عليهم من أفكار وآراء، وعلى الرغم من تلك الإيجابيات، إلا أنه يمكن القول إنها سلاح ذو حدين، فلها العديد من السلبيات في هذا المجال، ولعل من أبرزها: الانسياق وراء دعوات الانغلاق والتكفير والتوظيف المشوه للنعرات المذهبية والدينية الهدامة التي تضر باستقرار البلاد وأمنها، ونشر قيم وتيارات وأفكار دخيلة على المجتمع المصرى، ونشر عولمة الجريمة، فضلًا عن التعصب الثقافى وزعزعة القناعات الفكرية والثوابت العقائدية، وانتهاك القيم الأخلاقية والدينية، عن طريق زرع أفكار متطرفة، والتشكيك بقيم الانتماء الوطنى والرموز الوطنية، وبث الأفكار والأساليب المتطرفة والدعاية للجماعات الإرهابية، وانتشار ما يسمى بـ«الإرهاب الفكرى الإلكترونى»، وتجنيد عناصر لها، حيث أصبحت نافذة لتجنيد أنصارها بعد إقناعهم بالفكر التكفيرى المدمر للمجتمعات، وتنبى أفكار منحرفة تؤدى لزعزعة العقائد والأخلاق والإساءة للدين. وانتهت الدراسة إلى إبراز مقترحات المبحوثين من النخبة، والتي تمثل أبرزها في سن تشريعات وقوانين تنظم دورها ومضمونها، وتكثيف حملات التوعية الأمنية، ومراقبة المضمون الإخبارى للحد من حرية التعبير المتداولة عليها، وهو ما يُعد مؤشرًا على أهمية وضع قوانين وتشريعات منظمة لحرية تداول الأخبار والمعلومات المتاحة على مواقع التواصل الاجتماعى للحد من الآثار السلبية المترتبة على استخدامها السلبى، بما يهدد المصلحة الوطنية للبلاد، وبالتالى أمنها القومى، حيث تم استخدامها من قبل الأفراد ذوى الأفكار المتطرفة في عمليات الابتزاز وانتهاك المعلومات الشخصية الإلكترونية، والتحرش والتشهير وجرائم التحريض والتحايل والشائعات، وإثارة الفتن والتجسس، والقرصنة، وذلك نتيجة لغياب الرقابة عليها، مما أدى إلى ظهور ما يسمى بالجريمة الإلكترونية، الأمر الذي يتطلب وضع ضوابط قانونية للحد من استخدامها السلبى للحفاظ على أمن البلاد القومى.