السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مذبحة القلعة.. ورومانسية قصر الرئاسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما درست التاريخ الحديث فى المناهج التعليمية، كانت تؤثرنى قصة تولية «محمد على» الحكم وتخلصه ممن ساندوه وهم المماليك والزعامة الشعبية.. وكيفية القضاء عليهم بالعزل والنفى، والانفراد بالحكم بعد التخلص أيضًا من أغلب المماليك فى مذبحة القلعة.. وذلك لأن توليته للحكم كانت مشروطة بمناقشتهم كل ما ينتوى أخذه من قرارات.. أى أنه كان ملزمًا بدفع فاتورة مساندتهم له.. وبالتالى كانوا يشكلون سلطة أخرى فوق سلطته، وهو ما يسقط أى حكم.. فكما يقول المثل الشعبى «المركب اللى فيها ريسين تغرق».. واستطاع بعد انفراده بالحكم فرض سيطرته على البلاد وبناء جيش قوى وصناعة نهضة حقيقية، ولولا وقوف الغرب أمامه وتحجيمه هو والجيش لأصبح قوة عظمى.. ويعد محمد على هو الحاكم الأول الذى أتى بإرادة شعبية، وتكرر ذلك فى اختيارنا للرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى أتى بشعبية جارفة، ولكنه كما قال ليس لديه فواتير يسددها لأحد، وليس مدينًا سوى للشعب المصرى.. ورغم اعتراضى الشديد وعدم قبول ما فعله محمد على فى مذبحة القلعة، إلا أننى وغيرى الكثير نشعر أن التدخل فى إدارة الحكم واتخاذ القرار مهلكة.. فمن يتحمل تلك المسئولية يحتاج اكتساب ثقة الشعب وإيمانهم بوطنيته حتى يستطيع أن يدير مهامه بلا ضغوط.. وهو ما يتمتع به الرئيس السيسى من أغلب الشعب.. ولكن هناك بعض من يظهرون على السطح بفعل الوسائل الإعلامية، ويحاولون فرض وصايتهم على الدولة وادعاء أنهم أصحاب الفضل فى إسقاط حكم الإخوان وتولية الرئيس السيسى.. فنجد كل منهم مزهوا بعضلاته الحنجورية ومتفوها بما يحلو له، مطالبا أن يكون شريكا فى الحكم، أو تحقق له الدولة ما يصبو إليه من طموحات شخصية.. وربما يكون لبعضهم دور حقيقى فى التوعية ضد الإخوان، ولكن أليس هذا دورهم وعملهم الذين يتقاضون عليه ما يجعلهم من أصحاب الثروات؟!!..فلماذا المن والأذى الذى يمارسونه على الشعب وقيادته؟!.. هل وقف هؤلاء أمام حكم رشيد وأسقطوه ليتولى الرئيس السيسى فيصبحون أصحاب حق فى اقتسام السلطة والقرار؟ لقد ضاق أغلب أفراد الشعب بتلك الممارسات التى تنهك الدولة المرتبكة بأفعالهم.. ونريد أن نستعيد هيبة الدولة وقوتها، خاصة أن فترة ما بعد يناير ٢٠١١ وتولية المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد كانت الدولة مثارة ومتقلبة وعلى صفيح ساخن.. وإمعانا فى محاولات التهدئة ابتدع المجلس الأعلى فكرة الجلوس مع الفئات المؤثرة على حركة الميادين، فتكرر الاجتماع بشباب وإخوان وسلفيين وأحزاب وغيرهم.. وكانت محاولات التهدئة والطبطبة تجعل المجلس الأعلى يبدو أمام الشعب مرتبكا وضعيفا، وهو ما أضره، ولكنها المرحلة ومتطلباتها، ولكن اليوم عادت دولتنا إلى رشدها واستكملت مؤسساتها.. فلماذا تصر الرئاسة على التدليل والطبطبة؟! إنه سؤال حائر على ألسنة العامة ويطالبون بالشدة.. ما زالت تصر الرئاسة على الاجتماع ببعض الإعلاميين والصحفيين وغيرهم لمجالسة الرئيس ليعرض عليهم ما نمر به من شدائد وتحديات، أو ما قام به من إنجازات، ولا أعلم لماذا تتم هذه الاجتماعات؟! ولماذا الإصرار على وجود وسطاء بين الرئيس والشعب؟! خاصة أنه لا معايير لاختيار من يجالسون الرئيس، فمنهم الكثيرون الذين لا يقدرون مقام الرئاسة وهيبتها، ولا صدق المجالس وأمانتها، حتى أبسط الأمور من ارتداء الملابس المناسبة لهيبة واحترام حضرة الرئيس لا يقومون بها!!.. وهو ما يأخذ على ديوان الرئاسة من غض الطرف عن أشياء فى مجملها تشكل هيبة الرئيس والدولة ككل!!.. الرئيس رجل صادق وكلماته تخرج من قلبه فتصل إلى قلوب المواطنين بلا حواجز، فلماذا يخلقون هؤلاء الوسطاء؟! وليسوا جميعا أمناء حتى فى نقل الصورة، ومنهم من تعلم الدولة أنهم كارهون للأنظمة ومن الساعين للفوضى، فتصل الرسائل محبطة بداية من حامليها.. ومن المؤسف أن هناك قامات لا يستهان بها من علماء ومفكرين حريصون على الدولة ويعلمون قيمتها وقدرها أمثال الأساتذة الأفاضل وسيم السيسى، رجائى عطية، أسامة الدليل، سعد الزنط وغيرهم الكثير، الذين تتجاهلهم الرئاسة رغم أهمية الاجتماع بأمثال هؤلاء للتحاور والتشاور.. فهل المطلوب الاجتماع مع المعارضين؟.. ليته كذلك ستكون الرؤية واضحة للشعب، ولكن الاجتماع بمن يمسكون العصا من المنتصف يجعل الدولة ككل فى تلك الصورة الباهتة.. ما الفائدة من جلوسهم أمام الرئيس ثم الخروج بالحديث عن عدم السماح لهم بالحوار.. خطاب الرئيس لا بد أن يكون مباشرا للشعب ككل، وبكامل الصراحة والوضوح لأن الشعب هو الحصن وليس المختارين من مؤسسة الرئاسة الذين يمثلون أنفسهم وتوجهاتهم فقط.. وتقف الدولة ضد الدولة بتخاذل مؤسساتها المسئولة عن التوعية من خلال الوسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية وتتخلى عن تشكيل وجدان المواطنين أو تنمية الإدراك والقدرة.. فيا أيها السادة القابعون فى مؤسسة الرئاسة لا سبيل إلى الوصول إلى بر الأمان إلا بزيادة وعى الشعب وإخلاص ووطنية الرئيس، وليس بالجالسين للكتابة فى الصحف بالهمز واللمز، ولا المطلين علينا من الأوكار الليلية على الشاشات فى مزاد المكلمات لتصدير التذمر والإحباط ومص دم الشعب بالمكالمات والإعلانات.