الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصير المصالحة التركية المصرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع اقتراب موعد القمة الإسلامية التى ستعقد فى إسطنبول فى منتصف شهر إبريل القادم، تجرى التحضيرات على قدم وساق خاصة من المملكة العربية السعودية التى تسعى لتقريب وجهات النظر بين مصر وتركيا فى إطار مشروع المصالحة بين البلدين. وحيث إنه وحسب البروتوكول المتبع سيقوم الرئيس السيسى بوصفه رئيس الدورة الحالية للمؤتمر بتسليم رئاسة القمة لأردوغان فى حضور ٥٧ دولة.
وتسعى المملكة العربية السعودية جاهدة للمصالحة المصرية التركية تحت دعوة تطوير العمل الإسلامى المشترك، وفى إطار التحالف الإسلامى العسكرى الوليد الذى يظل حتى الآن مشروعا نظريا ولم يتقدم على الأرض خطوة واحدة.
وترى المملكة العربية السعودية أن القاهرة والرياض وأنقرة هى المحاور الأساسية لهذا الحلف، خاصة بعد احتدام الأزمة السعودية الإيرانية على خلفية مهاجمة المقار الدبلوماسية والقنصلية السعودية فى إيران وبعد التدخل الإيرانى السافر بالشأن السعودى. وقد لعب السيد إياد مدنى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى دورا مهما فى هذا الشأن حيث التقى بالرئيس السيسى ثم من بعدها التقى بالسيد أردوغان بجدة وقبيل توجهه لأداء العمرة بمكة.
ومن الجانب المصرى فقد التقى السيد سامح شكرى وزير الخارجية السيد ولى العهد وولى ولى العهد السعوديين، بينما اتصل الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس السيسى هاتفيا بخصوص المصالحة. إن هناك مجموعة من العوامل تضافرت لإقرار مشروع المصالحة التركية المصرية أهمها:
أولا: تجاوز مصر فى المرحلة الانتقالية بكافة استحقاقاتها واعتراف المجتمع الدولى بدور مصر الهام فى مكافحة الإرهاب.
ثانيا: رغبة دول الخليج والسعودية وتركيا فى مواجهة الخصم الإيرانى الذى يعبث بجميع أوراق المنطقة عن طريق الحرب بالوكالة.
ثالثا: تراجع مستوى العمليات الإرهابية فى مصر خاصة فى سيناء إلى أدنى مستوى، مما انعكس على رغبة المستثمرين للدخول فى مشاريع استثمارية كبرى.
رابعًا: ضغوط كبار المستثمرين ورجال الأعمال لكل من تركيا ومصر بعودة العلاقات والتفكير فى إعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة حيث إن فرص الاستثمار لكلا الطرفين ستكون واعدة.
خامسًا: محاولة الجانب التركى التخفيف من حدة العقوبات الروسية المفروضة عليها.
سادسًا: التصدى لتنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق وليبيا حيث أصبح يهدد الأمن القومى العربى.
ولكن هناك الكثير من العقبات التى تحول دون عودة العلاقات والمصالحة وأن يمسك كلا الطرفين بشروط خاصة للمصالحة فالجانب التركى يضع شروطا لعودة العلاقات تتمثل فى الآتى:
إطلاق سراح الرئيس الأسبق محمد مرسى، وإلغاء أحكام الإعدام بحق أنصار جماعة الإخوان المسلمين، وإطلاق سراح سجناء سياسيين – لم تسمهم المصادر – وعدم اعتبار الإخوان وأحزاب الإسلام السياسى تنظيمات إرهابية.
وهذه الشروط بالطبع غير واقعية بل تعتبر تدخلا سافرا فى الشأن المصرى الداخلى، حيث لا أحد يمتلك القدرة فى مصر على تحقيق مطالب الجانب التركى، حتى رئيس الجمهورية لن يستطيع أن يتجاوز المؤسسات التشريعية أو أحكام القضاء لأن القضاء المصرى مستقل ولا يقبل الضغوطات الخارجية. كما أن الشعب المصرى لن يقبل بأى حال من الأحوال بعد أن عانى الكثير طوال السنوات الماضية من ويلات العمليات الإرهابية التى راح ضحيتها المئات من أفراد الجيش والشرطة والشعب.
أما الجانب المصرى فقد وضع ٤ شروط على الجانب التركى تمثلت فى الآتى:
تسليم كافة القيادات الإخوانية المطلوبة لجهات الأمن أو الصادر بحقهم أحكام قضائية، غلق القنوات الفضائية الأربعة التابعة لجماعة الإخوان والتى تبث من تركيا وتحرض ضد السلطات المصرية، بالإضافة إلى وقف التصريحات المعادية للقيادة المصرية، فضلا عن عدم التدخل فى الشأن الداخلى لمصر.
ويأمل الجميع أن ينجح التدخل السعودى فى محاولة تقريب وجهات النظر وتجاوز النقاط الخلافية ومحاولة كل من الطرفين تجاوز الضغوط الاقتصادية ومع تصاعد النفوذ الإيرانى فى المنطقة، خاصة بعد المصالحة مع الغرب ورفع الحصار الاقتصادى والانتهاء من الملف النووى وتبييض وجه إيران دوليا، كل هذه العوامل ستدفع الطرفين إلى التوصل إلى صيغة مشتركة مع بعض التنازلات التى سيجبر كل طرف على تقديمها فى مقابل نجاح ملف المصالحة بين البلدين.
وفى حقيقة الأمر فإن الشعبين المصرى والتركى يرحبان بشدة بعودة العلاقات أملا فى توفير فرص عمل فى مجالات الصناعة والتجارة وأملا فى أن تصل المعاملات بين البلدين إلى مستوى ١٠ مليارات دولار سنويا والتى لا تزيد حاليا على ١.٥ مليار دولار، وقد يشهد مؤتمر القمة الإسلامية فى منتصف إبريل القادم ثمرة هذه الجهود.