الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

صناعة الإعلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل فكرنا لدقائق لماذا تفوق الإعلام الغربى، وأصبح يصدر أفكاره وبرامجه لدول بأكملها؟ هل فكرنا لحظة ونحن نستورد برامج غربية أن نكون نحن فى يوم ما من يصدر الفكرة؟ الأمل ليس بعيدًا لأننا نملك العقول، ولكننا دائما نسعى للأسهل الذى ربما يكون أكثر ضررًا لنا.
صناعة الفكرة من الأهمية كونها تجعل البرامج تتجدد، ويتسابق عليها الجماهير، وتحقق نسب مشاهدة عالية، من منا ينسى برنامج «من سيربح المليون؟» فهو مما لا شك فيه يعد أنجح فكرة تليفزيونية على الإطلاق، وفكرته بدأت فى شركة بريطانية اسمها «سيلادور» التى قامت بوضع الخطة البرامجية الكاملة للبرنامج، تتناول كل التفاصيل وعوامل نجاحه بما فيها العبارة الشهيرة «هل هذا جواب نهائى؟»، وبالفعل تم ترخيص الفكرة كأول عرض للبرنامج فى عام ١٩٩٨، وحقق البرنامج نجاحًا واسعًا وبالتالى تم إطلاق نسخ من البرنامج فى كل أنحاء العالم، وإن كانت شركة سيلادور حققت نجاحًا كبيرًا بسبب هذا البرنامج وغيره من البرامج الأخرى فقد استثمرت النجاح فى بيع الشركة لشركة هولندية مهتمة بالأفكار هى شركة «تو واى ترافيك»، ثم قامت شركة سونى اليابانية الشهيرة بشراء الشركة الهولندية بمبلغ ١٣٧ مليون جنيه إسترلينى، إذ هى فكرة من الممكن أن تجعل منك مليونيرًا.
ونحن فى مصر نملك من الأفكار الكثيرة، ونملك من الخبرة وشركات الدعاية ووسائل الإعلام عددًا لا بأس به، ولكننا نعتمد على الاقتباس وليس التخليق، بداية من برامج الفورمات التى تأخذ طابع الإبهار فى الديكور والجمهور ونوعية المسابقات التى تقدمها، وهى برامج لا بأس بها، لأن العائد الإعلانى لها مضمون وسرعة نجاحها مضمون أيضًا، أما برامج الحوار التهجمية، والتى هى اقتباس غربى بحت أيضًا، فهى إن كانت لا تؤثر كثيرًا فى الدول الغربية، لأنها دول لديها أحزاب سياسية وآليات للأنشطة السياسية، وبالتالى فالمشاهد هناك ناقد لا يقتبس بسهولة أما فى المجتمعات العربية، ففى ظل وجود نسبة أمية قد تصل إلى النصف فى بعض المجتمعات، فالتأثير يكون مباشرًا، وقد يشكل الرأى العام نتيجة لزيادة تأثير هذه البرامج، ولأن البديل الذى يخدم كل الأذواق غير متاح، ومؤخرًا بدأت الرياض فى استحداث مكتب تدريب على أعلى مستوى لاستقطاب الطاقات بخبرات عالمية، والإعلام السعودى كما نلمس يتقدم يومًا بعد الآخر، ويمتلك عددًا لا بأس به من القنوات التى تمكنه من التأثير فى الرأى العام فيما بعد، أما فى مصر التى تمتلك المواهب والكفاءات فما زال الاستسهال هو أقصر الطرق، والاعتماد على التجربة إما أن تصيب أو أن تخيب كما حدث سابقًا، وقدم التليفزيون المصرى برنامج «توك شو» كان يراهن على نجاحه فى جذب الجمهور إلى الشاشة مرة أخرى، ولكن للأسف النتيجة أنه حتى اسمه لم يتذكره أحد، أقول هذا لأن التليفزيون المصرى يراهن الآن على النجاح والتقدم، ولكن بنفس الفكر القديم.
برامج «التوك شو» التى تعتمد على وجود ضيف وتوجيه أسئلة، والحصول على إجابات هى أسهل أنواع البرامج التليفزيونية، وإن كنت أرى أننا فى حاجة إلى حزمة من البرامج التى ترضى جميع الأذواق، لا سيما برامج الفورمات العالمية التى تحقق نجاحًا سريعًا مثل برنامج «the voice».. نحتاج إلي دراما حصرية وأفلام سينمائية كسهرات خاصة بنا، وإحياء برامج المنوعات التى تميزنا بها، من هنا نقدم وجبة متكاملة ترضى كل الأذواق ونبدأ التقييم، من يستمر ومن ينسحب من الساحة حتى نضمن البقاء، ولا نخرج من الساحة مرة أخرى، الأفكار متاحة والكفاءات موجودة، ولكن الاستسهال سيد الموقف ونتيجته غير مضمونة. نحتاج إلي برامج ثقافية وثائقية على غرار الشبكات العالمية الوثائقية التى لها نسبة مشاهدة غير عادية بدلالة اتجاه أبوظبى لإنتاج قناة ناشيونال جيوجرافيك العربية التى لم تكتف بالترجمة عن القناة الغربية فقط، بل أصبحت تنتج برامج جذابة تعكس الحالة الثقافية العربية، الخلاصة الأفكار لا تتوقف، والعقول ستظل تعمل وتعطى وتنتج إذا أردنا نحن ذلك، إما أن نستسهل ونقلد ونعتمد على التجربة، وإما أن تصيب أو تخيب. فاعلم أن الإعلام سيظل خاسرًا كبيرًا، وإما أن ينجح، ويأخذ الدولة لأعلى لأنه قوة، وهو سلاح أساسى لكل دولة، إما أن يسقط فى هاوية التقليد وعدم الابتكار، وبالتالى «لا قدر الله» يأخذ الدولة لأسفل، الرجاء افتحوا المجال للكفاءات للإبداع الحقيقى، وما أكثرهم.