رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"العين" ماذا تفعل للوقاية من شرها؟.. غانم: لا يجوز تعليق الإخفاق أو عدم النجاح في الحياة على الإصابة بالحسد..عبد المبدئ: استخدام الصور والتمائم والبخور لا أصل لها من السنة

الدكتور خالد غانم،
الدكتور خالد غانم، رئيس قسم الدعوة والتربية الإسلامية بالجام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شاعت في بعض المجتمعات لاسيما المجتمع المصري بعض المصطلحات على غرار، "عين ‏الحسود فيها عود.. خمسة وخميسة في عين اللي مايصلي على النبي، عين حورس، كف مريم، ‏كف العباس" بل ونرى بعض الناس يعلقون كفوف الزينة أو تبركا أو خوفا من العين أو ‏استخدام البخور ونحوها من الأعمال التي يلجأ لها البعض اعتقادا منهم أنها تساهم في القضاء ‏على الحسد أو العين التي تصيب الأشخاص وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ماهية الحسد ‏أو العين وما الذي من الممكن أن يؤديه في الفرد.‏
العين حق:‏
من جانبه أكد الدكتور خالد غانم، رئيس قسم الدعوة والتربية الإسلامية بالجامعة المصرية للثقافة ‏الإسلامية بكازاخستان، أنه ثمة علاقة بين الحسد والعين فالعين أداة الحسد وتعاونها الكلمة ‏ويساعدها القلب الكاره الخير للغير، ومن ثم لا يمكن تغافل أو إنكار واقعية الأثر البالغ من النظرة ‏الآثمة الحاسدة التي قد تجر صاحبها إلى حقد دفين ومكر عظيم، ولا أبلغ من مكر إخوة نبي الله ‏يوسف عليه السلام به، حينما تغلل بقلوبهم داء الحسد واستدارت أعينهم حول يوسف حسدا من ‏عند أنفسهم فما لبثوا إلا أن أجمعوا أمرهم برميه في غيابات الجب لكن العناية الإلهية وقفت ‏وتقف بجوار المظلوم دوما والمؤمن بقدر الله والراضي بقضائه، ولذلك نجد جابر بن عبد الله -‏رضى الله عنه-  يقول: العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر.‏
توصيف شخصية الحاسد:‏
وتابع غانم أن صاحب العين الحاسدة يكون غير راض بقسمة الله تعالى، فلا ينام هادئ النفس ‏مستريح البال مطمئن الفؤاد وإنما لهيب الفكر يؤرقه ولظى القلب يحركه وزوغان العين تبكته، ‏مشيرا إلى أن المسلم يؤمن بالله تعالى وبقدره الغيبي المسطور عنده فيما كان وما يكون، ويسير ‏في كون الله دون أن تتزعزع قواه أو يرتاب فؤاده فما أخطأه لم يكن ليصيبه وما أصابه لم يكن ‏ليخطئه، لافتا إلى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام قدم للبشرية الوازع الديني والجانب العقدي ‏الموصوف بالرضا والثقة في الله والتوكل عليه.‏
طرق الوقاية من العين والحسد:‏
وأكد غانم أن النبي محمد -صلي الله عليه وسلم- قدم وصفا للتعامل مع هذه العيون الآثمة ففي أحد ‏الأحاديث النبوية عند الترمذي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَوِّذُ ‏الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ يَقُولُ أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ وَيَقُولُ ‏هَكَذَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ إِسْحَقَ وَإِسْمَعِيلَ عَلَيْهِمْ السَّلام.‏
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ فَقَالَ « نَعَمْ ». ‏قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَىْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ" ‏وقد أمر الله الرسول الكريم بالتعوذ من شر الحاسدين قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّ ‏مَا خَلَقَ * وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي العُقَدِ * وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} ‏‏[الفلق: 1 - 5].‏
وصية:‏
وأوصي غانم أنه على كل عين ترى ما يعجبها من مال أو علم أو قوة أن تقول كما ورد عن ‏أصحاب الجنتين في سورة الكهف حيث قال الله تعالي "" وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا ‏قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا""، لأنه ربما حسد المرء نفسه أو ماله، وكما قال نبينا ‏الكريم ""إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق"".
وأضاف: والرسول يوصي أبا هريرة رضي الله تعالى عنه قائلا: "" كن وَرِعًا تكن من أعبد ‏الناس، وارضَ بما قَسَمَ الله لك، تكن من أغنى الناس، وأَحِبَّ للمسلمين والمؤمنين ما تُحب لنفسك ‏وأهل بيتك، واكره لَهم ما تكره لنفسِك وأهل بيتك، تكن مؤمنًا، وجاور من جاورت بإحسان، تكن ‏مسلمًا، وإياك وكثرة الضحك؛ فإن كَثْرَةَ الضحك فساد القلب""
‏ ونوه غانم إلى أن الوقاية الحقيقية مع النصوص الدينية في عدم الاكتراث بعيون الآخرين ‏والسعي قدما نحو إثبات الذات وتحقيق الآمال التي ينتظرها المجتمع والوطن من الجميع فلا ‏نعلق إخفاق مساعينا أو عدم نجاحنا في الحياة على عين حاسد أو حقد حاقد وإنما نعمل ما نحن ‏مطالبون به من خلال الدين والوطن والمجتمع وتقديم صورة طيبة للإنسان دون النظر إلى الآخر ‏وعمله من أجل التنافس في الخير والتعاون على البر والتقوى 
خرافات حول الحسد والعين:‏
ومن جانبه أكد الدكتور أحمد عبد المبدئ، وكيل كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أن ‏هناك العديد من الخرافات التي يتبعها البعض لاعتقادهم أنها تمنع الحسد عنهم مثل الادعاء بقدرة ‏الصور أو المشغولات الذهبية أو المصنعة على صورة عين أو كف للوقاية من ‏الحسد أو القيام بوضع الملح داخل المنزل خلال السفر أو الذهاب، فكل ذلك من الخرافات التي ‏لا تغني عن وقوع العين أو الحسد على حد وصفه.‏
ما هو الحسد؟
ولفت عبد المبدئ إلى أن الحسد هو تمني زوال نعمة الفرد داخل المجتمع الذي يعيش به، بسبب سواد ‏في قلب الحاسد وعدم رضا بالحال، لافتا إلى أن النعم التي ينعم الله بها على الإنسان سواء كانت ‏جاها أو منصبا أو مالا أو أي شيء آخر من الممكن أن يزول بسبب الحسد والعين وهو ما نهانا ‏عنه ديننا الإسلامي الحنيف الذي أرسى القواعد الإنسانية في التعاملات الاجتماعية بين أفراد ‏المجتمع.‏
وأضاف عبد المبدئ أن الرسول -صلي الله عليه وسلم- أشار إلى كيفية الوقاية من الحسد من خلال ‏العديد من الأمور التي إذا فعلها الفرد لم يكن ليصيبه الحاسد بشيء وهو قراءة المعوذتين وسورة ‏الإخلاص 3 مرات صباحا ومساء وكذلك أيضا أعوذ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ ‏وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لامَّةٍ و"أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق".‏
وأكد عبد المبدئ أنه إذا رأى الشخص من أولاده أو أمواله شيئا يعجبه فعلى الشخص هنا قول ‏‏"بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله" وهو ما يمنع الحسد قبل أن يقع من الأساس.‏