الإثنين 17 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة ستار

في عيد ميلادها الـ 80.. "قيثارة الشرق والقدس" رحلة من العطاء افتقرها فنانو العرب

فيروز
فيروز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
"وسلامي لكم.. وسلامي لكم.. يأهل الأرض المحتلة.. يا منزرعين بمنازلكم.. قلبي معكم وسلامي لكم".. بتلك الكلمات حملت فيروز القضية الفلسطينية على عاتقها ولم تغفل عنها لحظة.. ولم تنس مرة واحدة وهي على خشبه المسرح أن تذكرنا بفلسطين والقدس بأغنيتها المتعددة ومسرحياتها والتي كانت أشهرها مسرحية غربة والتي قالت فيها للمستعمر نصا "هيدي أراضينا وكل إنسان لازم يسترجع أرضه"، تحتفل فيروز اليوم بعامها الـ 80 ويحتفل معها العالم كله بعيد ميلادها في الوقت الذي ينتفض فيه أهل فلسطين ضد العدو مرددين مع صوتها "البيت لنا والقدس لنا وبأيدينا سنعيد بهاء القدس بأيدينا للقدس سلام".
بدأت فيروز تحمل القدس على عاتقها بصوتها منذ بدايتها الفنية في الخمسينات ولعل كان أول ما تغنت به هي "غرباء" و"قصتنا أو أغنيتي إليك"، تحدثت فيهما عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وعن عودتهم لبلادهم ومن هنا بدأت فيروز تحمل على عاتقها قضية العرب الأولى ومن ثم تغنت بـ"راجعون" والتي استطاعت أن تهز بأرجائها كيان العرب حين قالت "نحن من الأرض الخضيبة.. نحن من الدار السليبة.. يا هل ترى بعد الليالي نجيئها تلك الحبيبة"، ورغم تفشي حالة البكاء والنواح في الأغاني التي تغنت هذه الفترة للقدس والتي كانت تعكس الصورة السلبية قالت فيروز في أغنيتها راجعون "وقوفًا وقوفًا أيها المشردون وقوفًا يا ترى هل تسمعون؟ يا نائمين تحت كل شرفة يا ساهرين عند كل عطفة هبو من الخيام هبوا من الظلام لنبني حصون السلام"، داعية العرب إلى أن يكفوا عن بكائهم وأن يحرروا أراضيهم.
لم تكن تلك هي الأغنية الوحيدة في الألبوم الذي يحمل نفس الاسم "راجعون" ولكنها كانت الوحيدة التي تتحدث عن القدس بصورة مباشرة ناهيك عن أغاني باقي الألبوم التي تتحدث عن الحنين للوطن "يا ساحر العينيين وعند حماها وبلدتي غابة جميلة وبعدنا من يقصد الكروم".
لم تتوقف فيروز عند هذا الحد ورغم ما كانت تعيشه لبنان من وجع بعد انتهاء الحرب وقفت فيروز على مسرح الشهداء وغنت "سنرجع يومًا إلى حينا"، تلك الملحمة القوية كانت قد عادت بها السيدة فيروز في الستينات لتجسد بها القضية الفلسطينية مرة ثانية، حيث أخبرها العندليب أنها سترجع إلى بيتها مرة أخرى وفي نفس العام جاءت أغنية "يافا" وهي دعوة صريحة للعودة والحنين إلى بلدة يافا الفلسطينية لـتغنيها فيروز ولكن كتبها الرحابنة وأطلقوها ليحكوا قسوة استعمار البلدة.
"سيف فليشهر في الدنيا ولتصدع أبواق تصدع.. الآن الآن وليس غدًا أجراس العودة فلتقرع"، هكذا قالتها فيروز في الستينات أيضًا لتهز كيان المستمعين برائعتها "سيف فليشهر" والتي خاطبت فيها العرب تأمرهم بإشهار السيف في وجه العدو لتحرير الأرض المقدسة وقالت فيها صراحة " أنا لا أنساكِ فلسطين ويشد بي البعد أنا في أرجائك نسرين أنا زهر الشوك أنا الورد".
وفي عام 1964 زارت السيدة فيروز القدس الشريف لاستقبال بابا روما بكنيسة القيامة والصلاة فيها إن ذاك، وحين عادت لبلادها بعدما رأت ما رأته من الحزن الذي عم على شوارع القدس لم تجد ما تقدمه سوى أغنيتها الرائعة "مريت بالشوارع" والتي حكت فيها ما حدث لها وكيف أهدوها المواطنين هناك زهرية من الورد وقالت مخاطبة العرب والعالم أجمع "يا صوتي ضلك طاير زوبع بها لضماير خبرهن على صاير بلكي بيوعي الضمير ".
ورغم ما حل على العرب من نكسة عام 1967 لم تتوقف فيروز عن الغناء وفجرت مشاعر المستمعين بأغنيتها التي باتت رمزًا لأهل فلسطين ولكل محبي القدس الشريف حتى الآن "زهرة المدائن" تلك الأغنية التي سمعنا كثيرًا عن صدور قرارات عدة من رئيس وزراء الاحتلال بمنع بثها على الأراضي المحتلة لما تحمله من معانٍ قوية بات يخاف منها وهي الأغنية الوحيدة التي منعت بإسرائيل والتي قالت فيها فيروز بصورة صريحة "لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلي سأدق على الأبواب وسأفتحها الأبواب".
كما أن هناك أغنية نادرة لفيروز لم تغنها سوى مرة واحدة فقط وهي بعنوان "سافرت القضية" والتي جسدت فيها تراخي حكماء العالم في البت بالقضية الفلسطينية وكيف أنهم فضلوا النوم عن استكمالهم للتحقيق فيما يجري لفلسطين، ولم يعرف أحد السبب الرئيسي حتى الآن في عدم غنائها لهذه الأغنية مرة ثانية وقد رجح البعض أن السبب سياسي، حيث إنها تتهم معظم قضاة العالم بالتواطؤ في القضية الفلسطينية.
وأكد البعض أن المرة الوحيدة التي غنتها فيروز في حفل كان في الجزائر عام 1968.
وقد ظن الكثير أن فيروز ستتوقف عند هذا الحد ولكن بعد مرور حوالي عشرين عامًا على النكبة أوجعتنا بأغنيتها "احترف الحزن والانتظار" والتي قالت فيها "ارتقب الآتي ولا يأتي.. تبددت زنابق الوقت.. عشرون عامًا وأنا أحترف الحزن والانتظار "، ومن هنا بدأت فيروز تصف العيش في الغربة وكيف أن العرب والعالم أجمع، باتوا يفقدون حلمهم بالعودة لفلسطين مرة أخرى.
ومن ثم عادت فيروز سريعًا بأغنيتها التي حرصت أكثر من مرة أن تغنيها في حفلاتها خصوصًا في الألفية الثانية وهي الأوبريت الرائع "جسر العودة" والذي غنت فيه أكثر من أغنية ولكن أشهرها هي التي تحمل نفس اسم الأوبريت الغنائي والتي قالت فيها "وسلامي لكم وسلامي لكم يأهل الأرض المحتلة يا منزرعين بمنازلكم قلبي معكم وسلامي لكم".
لم تتوقف فيروز عند حد الغناء ولكن جسدت قضية التهجير وعودة الأرض بصورة رمزية غير مباشرة عن طريق مسرحيتها "جبال الصوان" والتي جاءت في شخصية فتاة تسمي "غربه" لتخلص الأهالي من الاستعمار ووقفت في وجه الحاكم المستعمر الظالم وقالت له "هيدي أراضينا وكل إنسان لازم يسترجع أرضه"، ومن خلال ذلك العمل المسرحي أكدت فيروز أن الموت هو أشرف وأهون من العيش في ذل القمع والاحتلال.
فمن ظن أن فيروز لم تقدم للقدس سوى أغنيتين فقط كما هو الحال لكل فنان عربي لا يذكر القدس سوى فى عمل واحد أو اثنين بالكثير فقد أخطأ. فعلى مدار تاريخها الفني لم تنس أبدًا فلسطين لتجعلها في ذاكرتنا مهما حيينا ففيروز قدمت للقدس ما لم يقدمه أي فنان آخر.