رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اوعوا تنسوا .. ياما دقت على الرأس طبول

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news


"ياما دقت على الرأس طبول" .. كان هذا هو التعبير التلقائي الذي سمعته من أحد الجيران البسطاء الذي اعتاد الدخول معي في نقاشات وأحياناً خناقات رائعة منذ أن عرف أنني عامل في بلاط صاحبة الجلالة.
وفي الواقع فقد لخص هذا الرجل البسيط، في كل شيء كلامه وسلامه ولبسه و"بابا غنوجه"، الفلسفة التي يواجه به أبناء هذا البلد الأمين كافة المحن والصعاب والأزمات التي تأبى أن تفارقنا منذ بدء الخليقة وتحديداً منذ أكثر من 7000 سنة أيام جدودنا الفراعنة الذين أورثونا قيمة الصبر على البلاء في مواجهة المحن والنهوض بدلاً من الاستسلام.
فمع تكالب الملمات مؤخراً على مصر فيما يمكن تسميته بأسبوع الأزمات الخطيرة والتي بدأت بمؤامرة الطبيعة التي راحت تصب أمطارها المغرقة على أكثر من 5 محافظات ساحلية وزراعية أتت عليها بخراب لا تخطئه العين.
وترافق مع "ثورة المطر" هذه حادث أليم هو تحطم الطائرة الروسية فوق أرض سيناء وما صاحبه من سقوط الأقنعة عن الدول التي تعمل أقصى ما في وسعها لإغراق مصر في دوامة الإفقار والإرهاب.. فسارعت تلك البلدان التي تدعي أنها صديقة للتشهير بحالة الأمن في مصر ومحاولة بث الفزع للعالم على اعتبار أن مصر لم تعد بل الأمن والأمان.
ثم جاء "الدب الروسي" بحماقته المعهودة ليزيد الطين بلة باتخاذ قرارات غير مبررة تماماً في محاولة أخطر لابتزاز مصر.
كل هذا تزامن مع موجة العدم التي عصفت بالمأسوف على شبابه الجنيه المصري الذي تلقى عدة لكمات موجعة في مواجهة الدولار اللعين .. مما رسم سيناريو الرعب مما هو آت على وجوه المصريين.
الغريب بل المؤسف في هذا الأمر برمته هو الصمت المطبق الذي انتاب الدول العربية التي كنا نضعها دائماً في خانة الصديق والرفيق والشقيق الذي يقف بجانبك وقت الضيق ليس من باب التفضل والجود والإحسان وإنما في مواجهة المؤامرة مكتملة الأركان ليس لتركيع مصر بل لإخضاعها وإذلالها لقبول أي أجندة تفرض عليها وإقحامها في أزماتها الداخلية لإخراسها عن أي شيء يحدث لدولة عربية أخرى.
قد يقول قائل، وما أكثر المفتيين هذه الأيام، هذا كلام مستهلك وإعادة إنتاج لسيناريو المؤامرة الكونية على مصر .. وهذا في اعتقادنا لا يستحق مجرد التفكير في إنكاره لبدء تطبيق هذا السيناريو.
وهنا في واقع الأمر تظهر الفائدة العظيمة للمثل الشعبي "ياما دقت على الرأس طبول" الذي أسمح لنفسي باستعارته من جاري البسيط .. فهذه ليست أولى المحن التي واجهت مصر، وبالطبع لن تكون الأخيرة، حيث اعتاد أبناء هذا الشعب العظيم على الصمود في مواجهة الشدائد ولن يسلب الفقر إرادتهم ولن تزيدهم هذه المصاعب إلا قوة وصلابة والتفافاً حول مصلحة "هذا البلد الأمين".
فمصر ستخرج من عثرتها بقوة ووحدة شعبها البسيط الذي يصبر على أي أوضاع قاسية إلا الذل والإهانة والخضوع .. والشيء الوحيد المطلوب من القيادة السياسية في هذا الوقت العصيب هو "لم شمل" أبناء الوطن المخلصين وقطع الطريق على كافة الأصوات التي خرجت من جحورها معتقدة أن هذا هو الوقت المناسب للانقضاض.
ولا نعني هنا بأية حال التلويح بقرارات متسرعة أو متشنجة وإنما نقصد توحيد إرادة المصريين على مشروع وطني يلتف حوله الشباب فيما يشبه سيناريو "عودة الروح" .. في الواقع ليست لدي أي فكرة أو مقترح حول هذا المشروع لكن ما أعتقد فيه تماماً هو أنه لا مخرج لمصر من كبوتها الحالية إلا بقرارات غير تقليدية تعيد لحمة الشعب وتوحد إرادته وتقطع الطريق على الشامتين في مصر والجالسين في دكة الاحتياط والمكتفين بالمشاهدة.