رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحل السياسي الدولي في ليبيا والطريق المسدود (2)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رصدنا في مقال الأسبوع الماضي أن الغرب عندما شعر بخطورة الموقف فى ليبيا، خاصة بعد تمركز تنظيم داعش فى (سرت) وتزايد نفوذ التنظيم وسيطرته على مصادر النفط الليبى، وتواكب ذلك مع ارتفاع معدلات الهجرة خاصة الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، ما أثار الشعور بالخوف والقلق لدى دول الاتحاد الأوروبى لعدم قدرتها على استيعاب أعداد الهجرة المتزايدة على الرغم من أن حلف الناتو هو السبب الرئيسى لتدهور الأوضاع داخل ليبيا لهذا الحد.
حيث عمد على تدمير جميع مؤسسات الدولة الليبية وخلف بضرباته العسكرية فراغا أمنيا، ما سمح للتنظيمات المسلحة بالتواجد بقوة على الأراضى الليبية، لقد أصبح الغرب مرغمًا الآن لتجاوز ومعالجة الوضع الليبى لما يشكله من خطورة بالغة على الأمن الأوروبى بشكل عام وأصبحت الأمم المتحدة تلعب الغطاء الدولى لمحاولة فرض حل سياسى على الأطراف المتنازعة على الأرض، ولقد رصدنا المراحل التى مرت بها محاولات الأمم المتحدة لجمع الفرقاء حول حوار سياسى يخرج ليبيا من حالة النزاع العسكرى على الأرض، ويعيد بناء مؤسسات الدولة فى مواجهة الميليشيات المسلحة، ولقد عرضنا لنتائج مؤتمر (غنامس ١ - سبتمبر ٢٠١٤ ) ثم مؤتمر (جنيف - يناير ٢٠١٥) وما واكبهما من صعوبات فى جمع الأطراف على مائدة المفاوضات، وعلى مدى تطور أهداف الحوار فى مؤتمر (جنيف - يناير ٢٠١٥) ومع اتساع دائرة الحوار لتشمل أطرافا عديدة إلا أن الطرف الإسلامى السياسى ما زال يقف عائقًا فى مواجهة مهمة مبعوث الأمم المتحدة (ليون) ولذلك جاءت حلقة جديدة من حلقات الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة والتى عرفت إعلاميا باسم غنامس ٢.
٣- حوار غنامس ٢ - فبراير ٢٠١٥
أدى تطور الأوضاع العسكرية على الأرض إلى المزيد من الخلافات السياسية، حيث أصبح كل طرف من الأطراف المتصارعة له مجموعة من المطالب تتناسب مع درجة التطور العسكرى على الأرض. ولم يعد أى طرف يقبل أى مقترحات من الأطراف الأخرى، ما اعتبر مقدمات خطيرة لإفشال أى مشاريع أو التوصل إلى نتائج إيجابية خلال حوار غنامس ٢. علمًا بأن مبعوث الأمم المتحدة قد حدد الأهداف بوضوح حول المرحلة الراهنة وتتلخص فى خارطة طريق على رأسها تشكيل حكومة وحدة وطنية وانسحاب التشكيلات المسلحة من المدن والعاصمة، ووقف جميع أشكال العنف. 
وقد أعلن (ليون) دعوته لأطراف جديدة من المجموعات المسلحة والقبائل والأحزاب السياسية من المشاركة فى الحوار مع التشديد على إقصاء تنظيم (أنصار الشريعة) والمصنف تنظيما إرهابيا من قبل الأمم المتحدة. 
لقد انقسمت الكائنات السياسية على نفسها حول خارطة الطريق المقترحة، فالبعض يرى ضرورة استكمال خارطة الطريق بينما يرى البعض الآخر ضرورة الانسحاب من المحادثات. لقد عمق حوار غنامس ٢ الانشقاقات فى صف كل كيان على حدة وبناء عليه تم تأجيل المحادثات لحلقة جديدة تعقد فى الرباط.
٤- حوار الرباط مارس ٢٠١٥
عقدت جلسات هذا الحوار يوميَ ٥ و٦ مارس ٢٠١٥ وقد جاءت هذه الجلسات فى توقيت يسوده اليأس والإحباط والألم فى العالم بأسره، وذلك عقب تنفيذ تنظيم داعش لمذبحة الأقباط المصريين على سواحل سرت، وما عقبه من رد القوات المسلحة المصرية بقوة على معسكرات داعش حيث كان الرد المصرى بقوة إشارة إلى العالم بأسره بخطورة الوضع فى ليبيا ورسالة أيضا للتنظيمات غير الشرعية بأنه لا مجال للتهاون معها من دول الجوار بليبيا خاصة مصر. وأن الأمن القومى لدول الجوار وأوروبا لن يحسم إلا بقضاء على الميليشيات العسكرية المتواجدة فى ليبيا. وقد تتطور الأمور إلى تدخل عسكرى دولى لإعادة بناء مؤسسات الدولة مرة أخرى. ومن هنا جاء الحرص على الحوار أكثر فاعلية وأكثر وضوحًا وكانت أهم النقاط المطروحة فى الحوار هى وقف إطلاق النار بين طرفى الحوار ثم التوافق على شخصية لقيادة حكومة وحدة وطنية تحت رعاية الأمم المتحدة. والتوصل إلى تشكيل وزارى يرضى جميع الأطراف، وعلى الرغم من وضوح نقاط الاتفاق وحضور كل من طرفى النزاع فى هذه الجولة إلا أنه عمليًا لم يتم الاتفاق على النقاط التى تم طرحها وغادرت الأطراف الرباط للتشاور مع الكيانات التى يمثلونها سواء فى طبرق أو طرابلس مع الالتزام بالعودة إلى مائدة الحوار بعد أسبوع، وكان أهم ما يميز حوار الرباط هو الحضور الإقليمى فى الحوار، خاصة مصر وتونس والجزائر والإمارات، وهذا التواجد كان له تأثير إيجابى لدفع الحوار ودعم نقاط الاتفاق إلا أنه قد يصبح ذريعة لمن يروجون فكرة أن الحوار لا بد أن يكون «ليبى/ ليبى» لدرجة أنهم يستنكرون تدخل الأمم المتحدة، وهذا الطرف هو المتشددين من التيار الإسلامى العاكفين على عرقلة مسيرة الحل السياسى. كما عكس حوار الرباط أن الكيانات السياسية غير قادرة على استيعاب نشاطات الأذرع العسكرية، فلم يتوقف القتال بين الفصائل المتحاربة طوال فترة انعقاد الحوار. وهكذا فإن حوار الرباط لم يسفر كما فى الجولات السابقة عن نتائج إيجابية ملموسة مما دفع الأمم المتحدة للإعلان عن حلقة جديدة من حلقات الحوار السياسى فى مدينة الصخيرات بالمغرب.
ونكمل فى العدد القادم تفاصيل حوار الصخيرات