رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الحلقة الأولى: كيف سيطر الإخوان على محافظة الشرقية؟

"البوابة" تخترق قلعة الجماعة الإرهابية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عندما قررت «البوابة» فتح ملف وصف مصر، كنا نعرف أن كنوز هذا البلد العريق لا تنضب، وأننا لا نعرف سوى النذر اليسير جدا من تاريخها الذي تحكى فصوله كل حبة رمل على أرضها.
هذه الحقيقة جعلتنا نطوف حول كعبة الوطن، أملا في اكتشاف أسرار الزمان وعبقرية المكان، وفهم طبيعة الإنسان، ذلك العملاق الذي بنى حضارة قادت الدنيا يومًا، وتحدت التاريخ عنها حتى خضع بين يديها مستسلما منذ خمسة آلاف عام.
خاضت «البوابة» التجربة، فوقفت عند المدخل الجنوبى لمصر تسجل عجائب المجتمع النوبى وروعته، مخترقة حجب الحياة الصعبة في مدينة حلايب والشلاتين.
ومن هناك عدنا إلى حيث الشمال الساحر وتحديدا عند المدينة الأكثر إثارة للجدل على البحر المتوسط، وهى بورسعيد، المدينة الباسلة بلد أبو العربى. لكن هل يمكن أن تكتمل ملامح الشخصية المصرية، أو يصبح «وصف مصر» مصطلحا أمينا، دون الحديث عن القلب؟ وهل يمكن أن يكون هذا القلب غير الفلاح؟! وهل يمكن الحديث عن الفلاح المصرى الذي يمتد تاريخه متوازيا مع التاريخ، إلا بذكر محافظة الشرقية، أم الفلاح المصرى، وسيدة الدلتا.
كثيرون هم من لا يعرفون عن الشرقية سوى أنها البلد التي «عزم أهلها ركاب القطار على الإفطار»، لكن هناك الكثير من الكنوز التي يضمها تاريخ هذا البلد العريق؛ لذا كان لابد من الانطلاق خلف مفاتيح الشخصية الشرقاوية، التي تعد سرا من أسرار هذا الوطن. ذهبت إلى هناك وفى ذهنى تساؤلات عدة، هل مازال الريف يحافظ على هويته وبيئته الجغرافية وتركيبته السكانية؟! أم أن طموحات الريفيين الجدد مع جراح الريف الغائرة، عصفت بهويته وغيرت كل شيء؟! ولماذا لم تخطط الحكومة للحفاظ على طراز القرية المصرية.
ويبقى السؤال الأهم على الإطلاق، وهو: لماذا أصبحت الشرقية على وجه الخصوص معقلا للإخوان وجامعتها مفرخة لهم وتربة خصبة للسلفيين ومرتعا للتكفيريين وهوسًا للصوفيين وزاوية للشيعة؟ وكيف يمكن لبلد واحد أن يحوى في مجتمعه كل هذه الأفكار المتناقضة أحيانا، والمتعارضة غالبا؟.
لماذا تحولت الشرقية إلى معقل للإرهاب وصارت جامعتها وكرا للإخوان؟!.. سؤال خطير ومحير يدور برأس كل من يطأ أرض هذه المحافظة، البحث عن إجابة لهذا السؤال بالتحديد، سيكشف بجلاء حقائق عدة حول أسلوب عمل عناصر هذه الجماعة المارقة، ويحل طلاسم عدد ضخم من الألغاز المحيطة بهذا التنظيم.
ولعله من المعروف أن الصيحة الأولى لهذا التنظيم في آذان المصريين انطلقت من مدينة الإسماعيلية، لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أن الجماعة اتخذت من الشرقية مرتعا تنمو فيه وتترعرع، حتى اشتد عودها، وتوسعت رقعة المؤمنين بها والخاضعين لسلطان مرشدها العام، ورغم ذلك بقيت الشرقية أحد أهم معاقل الجماعة، والمكان الذين خرج منه أقوى وأعتى رجالها بدءا بمصطفى مشهور وانتهاء بالرئيس المعزول، محمد مرسي.
وعقب التطورات الأخيرة لم تتخل الجماعة عن وجودها في الشرقية، وإنما ازداد تمسكهم بها، حتى باتت ملاذا يختفون فيه من الملاحقات الأمنية، مستغلين درايتهم الكبيرة بجغرافيتها مترامية الأطراف، فيستغلون الظهير الصحراوى الشاسع، وأيضا قربها من القاهرة للتنقل بسهولة عبر الدروب السرية بعيدا عن الملاحقات الأمنية.

انتشار سريع
فطن مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا لأهمية الموقع المتميز للشرقية، وبخاصة قربها من منطقة تأسيس الدعوة بالإسماعيلية، وهو ما يسر انتقال الدعوة إليها مبكرا جدا، وتحديدا عام ١٩٣٣م، ولا سيما في ظل انتشار الجهل والفقر والتهميش، كعوامل تضافرت مع إهمال الدولة، في صنع بيئة لم يكن البنا يحلم بها، وتعد شعبة «أبو صوير» هي أولى شعب الإخوان في محافظة الشرقية، ومن ثم انتقلوا إلى باقى القرى بالمحافظة، وسريعا تم افتتاح ثلاث شعب بمركز أبو حماد، ومنذ ذلك الحين أصبحت أبوحماد أهم معاقل الإخوان بالشرقية، والشعبة الثانية بالزقازيق، والثالثة شعبة بنى قريش، ومن خلال الوعظ والإرشاد والصلح بين الناس، وتعليم القراءة والكتابة ومعالجة الأمية، وصلوا إلى القرويين البسطاء، وسيطر عليهم الإخوان، وهو ما تلاه افتتاح شعبة في ههيا.
وزار البنا شعبة أبو حماد وصلى بها تشجيعا للإخوان، وإثباتا لنجاح دعوتهم، واجتمع بأهل مناطق عليم والقطاوية، ومنذ ذلك التاريخ وهذه البلاد تدين بالعهد وتحافظ عليه.
ويعد ابن منيا القمح مصطفى مشهور المرشد الخامس للجماعة وأحد أعتى كوادر الإخوان عبر تاريخهم، ونجح في استقطاب الكثير من الشراقوة الذين غيروا تاريخ الإخوان بمجرد انضمامهم إلى التنظيم، ويكفى للتأكيد على أهمية مشهور، معرفة أنه كان وراء تجنيد القطبى المخضرم وقائد جناح الصقور في مكتب الإرشاد محمود عزت، كما أنه من ضم المرشد الحالى محمد بديع، وكان وراء التوصية بتجنيد الرئيس المعزول محمد مرسي، والمدهش أنه أيضا من جند خيرت الشاطر القائد الأبرز للإخوان خلال العقد الماضى، وأيضا رشاد البيومى، وجمعة أمين.
كما كان مشهور المؤسس الأول للتنظيم الدولى للجماعة وواضع لائحتها الداخلية، إضافة إلى العمل على اختراق جامعة الزقازيق، وتحويلها إلى جامعة إخوانية بامتياز طلابا وأساتذة، وفى النهاية صارت الشرقية من أقوى حصون الإخوان والجماعات التكفيرية في مصر.
وكان تضييق الخناق على الإرهابيين في سيناء، سببا في هروب أعداد منهم إلى المناطق الصحراوية بالمحافظة واتخازها مأوى لهم، وذلك بمساعدة الإخوان بتسهيل هروبهم وإخفائهم اعتمادا على معرفتهم بجغرافية المكان وبالناس هناك، علاوة على انتشار المزارع على الحدود ما بين الحسينية والإسماعيلية وبلبيس والقرين.
السلفية الجهادية حاضرة
السلفية الجهادية أيضا حاضرة في المشهد الشرقاوى، بعد أن اتخذت عناصرها من مراكز أبو كبير وفاقوس والصالحية الجديدة أيضا مقرا لهم، وأصبحت مدن بلبيس وأبو حماد والصالحية وصان الحجر والحسينية قاسما مشتركا بين الجهاديين والإخوان، لكن أضيف إليهم أعداد كبيرة من الهاربين من السجون منذ ثورة ٢٥ يناير.
وأيضا البدو الخارجون على القانون، والغريب أنه أثناء جولتنا بالشرقية؛ للكشف عن أماكن الهاربين من الإخوان والبؤر الخطيرة بالمحافظة، كانت الملاحظة الأكثر وضوحا أن البؤر الإجرامية التي اعتاد الجنائيون على اللجوء إليها امتلأت بالإخوان، وهو ما يشير إلى أن عناصر الجماعة بدءوا رحلة التحول إلى عصابات جنائية، وصار المسجلون الجنائيون وجها آخر لعملة الإخوان الرديئة، الأمر الذي ينذر بنهاية مفجعة لجماعة يقترب عمرها من القرن، وبخاصة أن الطرفين يتعاونان حاليا على تحقيق أهداف كل منهما، فالإخوان اشتروا المجرمين الجنائيين بأموالهم، ليشيعوا الفوضى بين الناس ويحتموا بهم عن أعين رجال الشرطة، وأحيانا يستخدمونهم في ارتكاب أنواع خاصة جدا من الجرائم القذرة، مثل رصد أماكن وتحركات الضباط وعناوينهم ومنهم من يستخدم في تجهيز القنابل، وبعضهم ينحصر دوره في التنفيذ.
"بلبيس" مفتاح الطريق
دائما ما تكون البداية في مدينة بلبيس، التي تعد مدخل محافظة الشرقية الأهم، فبمجرد أن تغادر بوابة الرسوم، تقع عيناك على صحراء شاسعة على الجانبين، لا يبدو منها سوى المناطق العسكرية، التي تدل على الأهمية القصوى لبلبيس باعتبارها العمق الطبيعى لمدينة القاهرة، وهى مدخل القادمين من سيناء إلى العاصمة، حيث تعد بلبيس أقصر الطرق وأسهلها من وإلى العاصمة بكل ما تحمله من أهمية على مختلف الأصعدة، كما يقع جزء كبير منها تحت سيطرة البدو، وتحديدا بمنطقة أبو سمران، والتي يتركز فيها وجود البدو، وبخاصة هؤلاء الذين يتعاونون مع الإخوان، كما أن بعضهم يمتلكون على طريق العاشر من رمضان مصانع صغيرة للكرتون والمكرونة وخلافه، وهناك أيضا ميدان الطيارة وهو منطقة يصعب السيطرة عليها أمنيا، فهى عبارة عن أشجار وحدائق ومزارع وصحراء لا يعرف دروبها سوى البدو الذين يختفون داخلها في لمح البصر عند الضرورة.
قرى الفراغ الأمني
عزبة «أبو حمير» هي منطقة ريفية جبلية يعيش الخارجون على القانون متخفين بين أهلها من البسطاء، وقد تم قبل ٦ شهور القبض على القيادى الإخوان المسعودى، بعد خروجه من هذه المنطقة بلحظات قليلة، وهو أخطر المخططين لتفجيرات العاشر من رمضان، وبعد القبض عليه عاد شقيقه من السعودية، وهو أيضا أحد كبار ممولى الجماعة كما تشير المعلومات.
وعزبة «أبو حمير»، المجاورة للمطار القديم تعد من المناطق المنسية التي تحيطها الصحراء من كل مكان، وهى تربط بين العاشر من رمضان والإسماعيلية وأبو حماد والملاك وقرية ٢، وهى من مناطق الفراغ الأمنى التي يسهل تنقل العناصر الإرهابية والجنائية فيها؛ لذا يتردد عليها كثيرون من غير المعروفة هوياتهم، ويقيمون بها نظرا لانخفاض أسعار الإيجار وبعدها عن أعين رجال الأمن وسهولة الهروب والاختفاء في عمق صحراء بلبيس إذا وقعت أي مداهمات أمنية مفاجئة.
ويقول محمد الغريب أحد سكان عزبة أبو حمير: إن المنطقة صارت مأوى للمطاريد من كل مكان في الجمهورية، فمن يريد السكن هناك يسكن دون كتابة عقد، ومنهم من اشترى أرضا وبنى منزلا بها، دون أن يتعرف أحد على هويته الحقيقية، فالعزبة بها أشخاص غير معلومى الهوية على حد قوله.
وأضاف: «منذ أيام انفجر مصنع للمتفجرات في بعض الأشخاص وكشف التفجير أن هذه المنطقة أصبحت بؤرة ساخنة يختلط فيها المجرمون والبلطجية، والإخوان والتكفيريون»، مضيفا: «الطريف أن الأشخاص الذين انفجر بهم مصنع القنابل ليس لهم أي نشاط سابق مع الإخوان، وهم مسجلون جنائيون، وهو ما يكشف أن الإخوان غيروا توجهاتهم وخططهم واختاروا الجنائيين للعمل بدلا منهم مقابل المال حتى لا يشك فيهم أحد من سكان المنطقة».
الموت بـ50 جنيها
وأوضح الغريب أن الإخوان يستأجرون الجنائيين بالحتة، وهى القنبلة البدائية، إذ يتم تعليمهم كيفية تصنيع القنبلة ويستكملون هم التصنيع، ويحصل كل منهم على ٥٠ جنيها مقابل القنبلة الواحدة، ولأنهم يتعاملون باستهتار مع التصنيع، ويتسرعون لإنتاج أكبر عدد ممكن للحصول على المال تقع الانفجارات داخل منازلهم وأماكن التصنيع، وكشف عن أن أهم الأشخاص في هذه اللعبة خفير نظامى يحكم أبوحمير (نحتفظ باسمه) ظهر عليه الثراء المفاجئ، وأصبح ذا سطوة ونفوذ، ويعلم كل ما يحدث بالمنطقة، لكنه لا يوصل للمسئولين سوى القليل من المعلومات، حتى أنه أصبح يمتلك بدلا من السيارة الأجرة سيارتين، بخلاف الأراضى، ذلك كله جراء موالاته للخارجين على القانون بالمنطقة وتواطؤه معهم، وتمكن من أن يعزم مأمور مركز بلبيس أكثر من مرة على الغداء، والغريب أن أحد أثرياء «أبو حمير»، حين تم القبض عليه قضى فترة حبسه الاحتياطي في استراحة المأمور، وهذه الحكاية يعرفها الجميع بالمركز.
عمدة البيزنس
أما عمدة المنطقة وشيخ البلد، فلم يعد يشغلهما سوى بيزنس الأراضى والسمسرة وبيع الأراضى دون عقود أو بعقود مزورة، وغالبا ما يأتى كل من يريد الاختفاء أو الهرب، ليشترى أرضا بأى ثمن يطلب منه، ولا يسأل على أصل العقد، حتى أصبحت المنطقة مرتعا للغرباء، ووصل سعر متر الأرض هناك إلى ١٥٠٠جنيه، ويقول أحد المصادر إن هناك رجلا ثريا يجمع معلومات من خلال علاقاته برجال الشرطة، وهو حصن أمان للمجرمين الذين يتحركون على حسه كما يريدون.
مركز قوى
الغريب في رحلة البحث التي خضناها، معلومة توصلنا إليها تؤكد أن هناك ضباطا لم ينتقلوا إلى خارج المحافظة منذ فترات طويلة، بل ولم يتم نقل أي منهم من مكانه إلى مكان آخر ولو داخل الشرقية، الأمر الذي صنع من هؤلاء مراكز قوى جعلتهم أكثر قوة من المأمور ذاته، ويعلق أحد أبناء قرية أبو حمير - رفض ذكر اسمه حفاظا على سلامته - أنه بعد التضييق الأمنى على الإخوان في المحافظات الكبرى (القاهرة والجيزة والإسكندرية)، لم يجدوا أمامهم سوى الشرقية، وتحديدا بلبيس التي تمتاز بطيبة أهلها وتصديقهم وتعاطفهم الدينى مع الإخوان.

هي ثانى أخطر المناطق في بلبيس (التفتيش)، ويسكنها عائلات معروفة بالأصول البدوية وهى عبارة عن مجموعة من العزب تحيط بها البساتين والحدائق، ولها ظهير صحراوى كبير ومنغلقة على بعضها لصعوبة اختراق عائلاتها، وبالتالى لا يمكن كشف أسرارهم، وهم يسيطرون على الطريق الصحراوى بالسلاح ويتاجرون بالمخدرات ويمارسون السرقة بالإكراه.
المنيل هي عزبة بجوار تل الجراد تخصص سكانها في التسول نهارا والبلطجة ليلا، وبها مخزن للسيارات التي تتم سرقتها ليلا والتفاوض عليها مع أصحابها لردها لهم مقابل المال، ويقوم الأطفال والبنات والسيدات نهارا بالتسول ويخرج الرجال ليلا للسرقة بالإكراه وبيع المخدرات، ويعيشون في منازل عشوائية على طريقة الدويقة ووسط القمامة ولا يستطيع أي غريب الدخول إلى المنطقة، ومن أشهر أماكن التثبيت طريق الزوامل - العبور، المسمى طريق المطار، وكوبرى الزوامل أمام بساتين الملك فاروق، ووقعت حالات قتل متعددة بهذه المنطقة، وكان أشهر الضحايا شخص يدعى سيد رأفت مقاول، ترك السيارة لهم وحاول أن يأخذ أوراقا بها حسابات أعماله فلم يمهلوه وأطلقوا عليه النيران فلقي حتفه فورا.
والحادثة الأخرى لشخص يدعى حمادة شلبى حاول الهرب منهم فضرب أحدهم وهو على الدراجة البخارية ولاذ بالفرار فأحرقوا سيارته، المثير أنه عند ذهاب الضحية لتحرير محضر بسرقة سيارته أخبره محرر المحضر أن من الأفضل له أن يذهب للتفاوض مع اللصوص، وطلب منه ترك رقم هاتفه لأن اللصوص لهم محامون يرسلونهم ليحضروا أرقام هواتف الضحايا للاتصال بهم ومفاوضتهم بخصوص السيارة التي استولوا عليها، وهناك أيضا طريق أنشاص - سلمنت بالقرب من مصنع الأدوية بطريق «غيتة المظلات» نمرة ١، حيث تقع حوادث سرقة السيارات يوميا.
الجرينوف يؤمن الإجرام
مجموعات مسلحة بمدافع الجرينوف، مهمتها تأمين عمليات السرقة وتجارة المخدرات، وبشكل شبه يومى يتم العثور على جثث لمدمنى المخدرات الذين ماتوا نتيجة جرعات زائدة أو مغشوشة، كما أن بعض الزبائن الذين يحضرون من القاهرة، يكونون بحاجة إلى تأمين خاص خوفا من الأمن أو الوشاية بهم، وهو ما يجعل المسلحين يستعينون بمدافع الجرينوف المحمولة على سيارات الدفع الرباعى مع انتشار مكثف للناضورجية بالمنطقة مستقلين موتوسيكلات مسروقة لرصد الغرباء فور اقترابهم من مداخل بساتين الإسماعيلية.
المثير أن الخارجين على القانون تخلصوا من عدد من ضباط الشرطة، ومنهم الضابط محمد نجيب رئيس نقطة أنشاص، وذلك لمجرد أنهم عرفوا بوجود معلومات لديه عن مكان إخفاء أسلحتهم، وتمت تصفيته بالقرب من كوبرى «غيتة»، وسبقه شرطى ومخبر مما جعل لسان حال الضباط «أنا لو نزلت هناك هيصفوني».
"العاشر" في قبضة البدو
يحكم البدو سيطرتهم على مدينة العاشر من رمضان، ويتحكمون في ظهيرها الصحراوى، بما يمتلكونه من مختلف أنواع الأسلحة، ويجبرون أصحاب المصانع على دفع إتاوات شهرية، مقابل عدم التعرض لهم أو لمصانعهم، ومن المستحيل أن يتجول شخص ما في شوارع العاشر من رمضان بعد العاشرة مساء، حيث تشهد المدينة حالات اختطاف كثيرة طوال العام، وأيضا تقع جرائم قتل متعددة ولم يستطع الأمن التوصل فيها للجناة.
بشير محمد أحد سكان المدينة يقول إنها بشكل عام هادئة، لكن طبيعة موقعها وكثرة الطرق السريعة التي تحيط بها إضافة للظهير الصحراوى أعطت الفرصة للبلطجية، لكى يتحكموا في سكانها. وللأسف الآن انتقل إليها الإخوان الفارون من محافظاتهم ويختبئون في منطقة «ابنى بيتك» بمساعدة سماسرة يستغلون حاجتهم، ويوفرون لهم أماكن بأسعار مرتفعة.
ومن أشهر المناطق التي يتركز بها الإخوان والبلطجية بمركز منيا القمح، قرى سنهود والصنافين والعقولة، وهذه المنطقة مشهورة بخطف رجال الأعمال وطلب فدية وأشهر المسيطرين عليها «هاشم» ولديه ثروة طائلة وأغلب أفراد عائلته مسجلة مخدرات، ولديه قصر كبير يحوى الخارجين على القانون والهاربين من أحكام بالإعدام.

يستغل الإخوان والتكفيريون بعض المزارع المملوكة لقيادات الجماعة بالحسينية، لوجود مناطق خالية من المواطنين على مسافة ٨٠ كيلو من المزارع، ويخزنون بها السلاح ويؤون بها العناصر الإرهابية، وتأتى منطقة قرية طارق بن زياد كأكبر مكان يختبئ به التكفيريون الذين ينتمون لكتائب الفرقان، اعتمادا على أنها منطقة مشتركة في الحدود مع بورسعيد حيث بحيرة المنزلة.
ومن أشهر الطرق المستهدفة، طريق ٣٦ الحربى، حيث استهدفوا عناصر من الجيش والشرطة وتسببوا في خسائر في الأرواح.
واتخذ التكفيريون والإخوان من أرض نادي الصيد بالصالحية مرتعا لهم، ومكانا خاصا لتدريباتهم حيث سهولة الاختباء في البوص، والغاب والعشش المنتشرة، في المساحات الواسعة التي يصعب السيطرة، عليها من قبل إدارة النادي، وأشارت مصادرنا إلى أنه يتركز بها مخازن السلاح وعدد من العناصر الإخوانية المطلوبة.
بلد النخيل والتكفيريين
القرية تحولت من مدينة النخيل إلى مدينة التكفيريين، وانتشر بها الإخوان، والسلفيون، والجهاديون، بها أكبر تجمع إخوانى بالشرقية وينظم الإخوان بها مسيرات لا تنقطع، مستغلين الطبيعة الجغرافية للمدينة حيث الحدائق، والأشجار العتيقة المتشابكة التي تسهل الاختفاء والهروب، وبالتالى هي ملاذ آمن للهاربين من الإخوان، وصعب السيطرة عليها أو التحكم في مخارجها ومداخلها. فقد كانت قرية قبل أن تتحول لمدينة فتخطيط الشوارع ضيق وبها عشوائيات كثيرة.
ويكثر التثبيت والسرقة بالإكراه بالطرق العامة حول المدينة، ويقومون بتثبيت قائدى السيارات وسرقة سياراتهم، وطلب فدية مقابل إعادتها إليهم ومما يسهل اختفاء الإخوان والتكفيريين، حيث إنها تتكون من عدة عائلات مترابطة وتجمعهم أنساب وقرابة.