رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

قراءة في الصحف

بوادر صراع "شيعي - شيعي" بين طهران وبغداد

لوقف نفوذ آيات الله فى العراق

الامام السيستاني
الامام السيستاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السيستانى يقود المقاومة من النجف ضد سيطرة «قُم» على المذهب.. وإيران تبحث عن بديل «مطيع» له
تصاعدت مؤخرًا مشاعر الغضب والقلق لدى الكثير من العراقيين والمرجعيات الشيعية في النجف ضد إيران، وتزايدت الدعوات للتصدى لنفوذ طهران المتزايد ومحاولة الهيمنة على العراق بشكل كامل سياسيًا وعسكريًا ودينيًا أيضًا.
وبدأت بوادر الصراع الشيعى الشيعى بين طهران وبغداد، تطفو على السطح بشكل لافت مؤخرًا، وبخاصة بعد التحالف العسكري الوثيق بين الولايات المتحدة والقوات الإيرانية في العراق لمحاربة «داعش»، ما أغضب الكثير من العراقيين الذين يرون في أمريكا قوة احتلال، وسببًا رئيسيًا في الكوارث التي عانت منها بلادهم، وعلى رأسها صعود تنظيم «داعش» الإرهابى.
وأشارت دراسة حديثة نشرها مركز «راند» الأمريكى للأبحاث السياسية والإستراتيجية، إلى أن الكثير من العراق باتوا ينظرون بقلق إلى تنامى النفوذ الإيرانى في بلادهم، ويرفضون الوصاية التي تفرضها طهران عليهم، والتصريحات المستفزة لمسئولين ومرجعيات دينية إيرانية حول اعتبار العراق دولة تابعة لهم.
وعلى الرغم من العلاقات الروحية والتاريخية التي تربط الأحزاب الشيعية العراقية بإيران، فإن العراقيين يعتبرون أنفسهم المرجعية الرئيسية للطائفة الشيعية في العالم، وأن المراقد المقدسة في النجف وكربلاء هي أساس المذهب الشيعى وليست المدارس والحوزات الشيعية في قُم.
كما أن الحكومة العراقية لا تتعامل في الحكم بنظام دينى مثل طهران، ولا تطبق نظام ولاية الفقيه وحكم الملالي، الذي يخشى غالبية الشيعة في العراق من تطبيقه ويفضلون نظام حكم سياسيًا وليس دينيًا. واعتبر الخبراء الأمريكيون أن النفوذ الإيرانى في العراق نفوذ مؤقت ولن يطول، وأن استمرار الممارسات الإيرانية غير المقبولة وتصريحات مسئوليها المسيئة لشعب العراق، قد تؤدى في النهاية توحد سُنة وشيعة العراق ضدها.
ويعد آية الله على السيستاني، قائد المقاومة الشيعية العراقية ضد إيران، انطلاقًا من النجف الأشرف، وهو معروف بمواقفه الرافضة لولاية الفقيه ويدعو إلى تعددية مذهبية في الحكم.
ولا يعتبر نفوذ إيران الروحى والدينى في العراق قويًا كما يعتقد البعض، ويتخوف العراقيون من نفوذ إيران الدينى والسياسي في بلدهم، وأظهر استطلاع أُجرى في عام ٢٠٠٧ أن ٦٢٪ من الشيعة العراقيين يعتقدون أن إيران تشجع العنف الطائفي، وفى العام ٢٠١٠، رأى ٤٨٪ من الشيعة العراقيين أن طهران تضر بلادهم.
وتبذل إيران جهودًا كبيرة لتعزيز نفوذها الدينى في العراق، بسبب هذا الموقف السلبى منها حتى في أوساط الشيعة، وكذلك بسبب نفوذ السيستانى الذي يقلقها، لذا تنشط المؤسسات الدينية والشركات الإنشائية الإيرانية في بناء مدارس دينية ومساجد ومستوصفات في بغداد والنجف وغيرهما من المراكز السكانية الشيعية، بل إن نفوذ إيران في مدن العراق الدينية بلغ حدا في العام ٢٠٠٩ دفع وزير الداخلية آنذاك إلى منع استخدام الإشارات الفارسية في مدينة كربلاء.
وفى العام نفسه تظاهر الشيعة العراقيون في شوارع كربلاء، احتجاجًا على توقيع الحكومة عقدًا بقيمة ١٠٠ مليون دولار مع شركة إيرانية لإعادة بناء المدينة المقدسة.
لكن السيستاني، الذي يقف عقبة في طريق المشاريع الإيرانية، لا وريث معروفًا له يخلفه على رأس المرجعية الشيعية في النجف، ويتوقع باحثون أن تقع النجف تحت تأثير قُم حين يرحل، بسبب انعدام الاستقرار والقلق السائد في العراق.
وإذا كانت إيران غير قادرة على اختيار خليفة للسيستاني، فإنها قادرة على استخدام نفوذها العسكري والسياسي لتحديد شكل المرجعية الشيعية في العراق، والتأكد من أن يكون خلف السيستانى أكثر تجاوبًا مع المصالح الإيرانية، إن لم يكن خاضعًا لها.
وتهدف السياسة الإيرانية بالحفاظ على نفوذ طهران إلى ضمان مجئ حكومات تقودها أحزاب شيعية في بغداد، مع التوثق من ألا تصبح هذه الحكومات قوية، وبذلك يكون النفوذ الإيرانى قويًا داخل الحكومة الاتحادية، وبين التنظيمات غير الحكومية التي تتحدى سلطة المركز، فيما يمنح انعدام الاستقرار في العراق اليوم فرصة أكبر من ذى قبل لتقوية إيران نفوذها فيه.
النسخة الورقية