الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

جمال خاشقجى.. السعودي الضال

جمال خاشقجى
جمال خاشقجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وصف أحكام القضاء المصري بـ«العبثية والمسيسة» ورجال الشرطة بـ«القتلة»
بعد ظهور «القرضاوي» في «جمعة النصر» كتب: «الله أكبر.. ما أعظم الإسلام حرًا قويًا»
صديقه طارق الحميد وصفه بـ«المخادع» و«المتحول».. وصحفي سعودي قال عنه: «رجل الأقنعة»
قال عن نفسه: «أنا ابن الحركة الإسلامية وأحن لأيام خشوعي مع عبدالله عزام»
يصف نفسه بـ«الليبرالي» ويرفض سفر ابنته إلى الخارج من دون «محرم»
في أواخر سبعينيات القرن الماضي انخرط الطالب جمال أحمد خاشقجي، صاحب الأصول التركية، المولود في المدينة المنورة عام 1958، في عمل بمركز المعلومات التابع لصحيفة «عكاظ» السعودية.
لاحظ السيد إياد مدني، المدير العام للمؤسسة وقتها، وزير الحج والثقافة والإعلام السعودى السابق الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حاليًا، أن «الشاب جمال» يعد التقارير المطلوبة منه بشكل لافت، قال له: «يا بني جرب أن تخوض يومًا العمل الصحفي»، وكانت تلك الكلمة الشرارة التي أطلقت الحلم.
بتلك الكلمات اختتم الصحفى السعودى المستقل عمر المضواحى «بورتريه» كتبه عن الصحفى السعودى الأبرز جمال خاشقجي، تحت عنوان: «جمال خاشقجي.. رجل الأقنعة ومهندس المشاكل الرابحة».
يحظى «خاشقجى» باهتمام واسع داخل الأوساط السياسية والإعلامية المصرى لم يحظ به أي من «أرباب الحبر والورق» العرب.
اختار «خاشقجى» مبكرًا أن يدخل تحت دائرة الضوء، يرتبط الأمر بخصاله الشخصية، فهو - كما يروى مقربون منه - يستحيل أن يخرج من تحت دائرة الضوء، لا وجود لكلمة «الظل» في قاموس «أبا صلاح»، فكان لنا أن نضعه تحت الأضواء التي يعشقها.


المخادع
كان يوم ١٨ فبراير ٢٠١١ فارقًا في مسيرة ثورة «٢٥ يناير»، أن يخطب الشيخ يوسف القرضاوى - الممنوع من دخول البلاد لسنوات طويلة - في جمع مليونين حضر إلى ميدان التحرير احتفالًا بإسقاط نظام حسنى مبارك، فإن «نقطة سوداء» آخذة في تلويث «الثوب الأبيض».
لم يفوت «خاشقجى» الفرصة، فألقى بـ«٢٢ كلمة» عبر حسابه على «تويتر» أشعلت الخليج العربى: «الله أكبر.. ما أعظم الإسلام حرًا قويًا، شاهدوا الشيخ القرضاوى من ميدان التحرير على القناة الأولى المصرية، حتى ندرك التغيير الذي حصل».
هل عاد الشيخ جمال إلى صباه؟
في حوار له مع صحيفة «سبق» الإلكترونية السعودية، سأل الزميل عبدالعزيز العصيمى، جمال خاشقجى: «هل لك أصدقاء من التيار الدينى؟ ومن يعجبك من المشايخ؟، فأجاب: «يعجبنى الشيوخ الذين يفكرون، منهم الشيخ سلمان العودة.. يا عبدالعزيز أنا ابن الحركة الإسلامية ونشأت فيها».
كانت إجابة «خاشقجى» مغرية لـ«العصيمي» فسأل مجددًا: «ألم تحن للعودة؟»، فرد: «لم أبعد حتى أحن، صحيح أننى أحن لإيمانى وخشوعى زمان، ولا أنسى صلاتى بجانب الشيخ عبدالله عزام (قائد الجهاد الأفغانى) في كهف في أفغانستان، صلينا التراويح خلف شاب يمنى استشهد لاحقًا، قراءته جميلة، لن أنسى هذه الصلاة، وأتمنى لو ألقى الله وأنا بتلك الروح نفسها في تلك الليلة».
فتحت تغريدة «خاشقجى» النار عليه من كل الاتجاهات، غير أن «القذيفة القاتلة» جاءته من صديقه طارق الحميد، رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية السابق.
انبرى له «الحميد» تحت عنوان: «المخادعون»، ليصف صديقه بـ«المتحول»، و«المخادع»، و«المزايد».
وضع «الحميد» تغريدة «خاشقجى» أمامه ثم أطلق ٣٥٠ طلقة، هي مجموع كلمات مقاله: «مشكلتنا نحن العرب مع فئة أسميهم (المخادعين)، وبالطبع فإن المخادعين كثر في منطقتنا، لكن دعونا نستعرض نموذجًا أعرفه شخصيًا، وهو الإعلامي السعودى جمال خاشقجى».
أعاد «الحميد» نشر تغريدة «خاشقجى»، ثم عقب: «أي تغيير الذي رآه الزميل؟ وعن أي إسلام يتحدث؟، وهل عظمة الإسلام مرتبطة بالشيخ القرضاوى؟، وهل مصر ما قبل ٢٥ يناير لم تكن فيها عظمة للإسلام، وماذا عن الأزهر؟، هل النموذج المؤمل لمصر المستقبل من قبل هؤلاء المخادعين هو النموذج الإخوانى، أم النموذج الأصولى؟».
انتهى الاقتباس من مقال طارق الحميد، وبقى السؤال: «إلى أي فريق ينتمى جمال خاشقجى حقًا؟».
هو يعترف بأنه «ابن الحركة الإسلامية»، ثم يصف نفسه بـ«الليبرالى»، ثم يعود: «قلتها من قبل لمن يصف نفسه بأنه ليبرالى، الليبرالية لا يمكن أن تكون بالمملكة»، كما رأى في حوار «سبق» المشار إليه.
المتناقض
تحمل مواقف جمال خاشقجى تناقضات متعددة، هو يرفض التدخل المصرى في ليبيا ردًا على ذبح ٢١ مصريًا «حتى لا تسقط مصر في فخ داعش»، كما ذكر في مقاله بـ«الحياة» اللندنية، ثم يؤيد بـ«كل قوة» التدخل العسكري السعودى في اليمن، ويدعو لـ«مساعدة مصرية أكبر» في العمليات العسكرية.
لا يقتصر تناقض «خاشقجى» على تباين موقفه تجاه التدخل المصرى في ليبيا والتدخل السعودى في اليمن، وإنما يمتد إلى الأزمة اليمنية نفسها.
في بداية الأزمة كتب: «دعوة البعض للجهاد ضد الحوثيين تحريض مقيت، وجهل بأحوال اليمن، وأهله الصابرون فوق برميل بارود، اليمن بحاجة للتهدئة وتقديم السياسة على الحرب»، وبعد التدخل العسكري ضد «الحوثيين» علق: «هذه بلادى التي أعرفها هذا هو الحزم الذي ينقذ المنطقة، اليوم اليمن وغدًا سوريا، ومن بعدها سلم ورخاء في مشرق عربى جديد».
هل نعود قليلًا إلى الوراء؟
دخل «خاشقجى» أكثر من مرة في معارك مع إعلاميين مصريين احتجاجًا على ما رآه إساءة للمملكة، وتجاوز ضد الإعلام المصرى سواء في أحاديثه الصحفية أو عبر حسابه على «تويتر»، فذكر أن: «الإعلام المصرى يدار بالريموت كنترول»، وأنه «إعلام النظام»، وأن «مصر ليست بها حرية إعلام».
لم يعتبر أن في حديثه أية إساءة لمصر، وحينما تظاهر مصريون معارضون لـ«عاصفة الحزم»، كتب على «تويتر»: «لا يقولن أحد إنها حرية رأى، أو إنهم إخوان، القاعدة التي تعمل بها الشرطة المصرية: تتظاهر تتقتل».
دخل جمال خاشقجى «منطقة حمراء» اعتمادًا على «الغمز واللمز» ضد مصر، فغرد: «الجزائر بلد مريح، تختلف معنا بكل وضوح فنتعامل معها باحترام لوضوحها رغم العتب، المشكلة مع حليف يبطن ما لا يظهر»، وحينما سئل عن «سر التويتة» قال: «ما ذكرته واضح وأكتفى به... عندما يتجاوز أحد علىّ أو على بلدى فلابد أن أرد عليه، لا أكثر ولا أقل، لكن لا أسترسل كثيرًا في الخصومة لحرصى ومحبتى لمصر وأهلها».
وبينما اعتبر تعليقات الإعلاميين المصريين حول بعض الأمور داخل المملكة العربية السعودية إساءة لبلاده، فإنه لم ير في تعليقه على أحكام القضاء المصرى تدخلًا مرفوضًا وإساءة تستوجب التوقف أمامها.
بعد الحكم باعتبار حركة «حماس» منظمة «إرهابية»، استنكر «خاشقجى» حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة: «حماس ليست إرهابية».
نفس الأمر تكرر بصيغة أكثر تجاوزًا بعد الحكم على الرئيس المعزول محمد مرسي وقياديى الإخوان في قضيتى التخابر واقتحام السجون: «بقدر ما أحكام الإعدام العبثية المسيّسة تؤلم كل من يحب مصر، فإن سكوتنا عما يجرى أكثر إيلامًا فنحن من بلد لا يقبل بالظلم».
لا تتوقف تناقضات جمال خاشقجى على «الجانب السياسي»، وإنما تمتد إلى المستوى الشخصى أيضًا، فداعية «الليبرالية والإصلاح»، حينما سئل: «هل ترضى لبنتك أن ترسلها للخارج للتعليم»، فأجاب: «لا، أرفض سفر ابنتى للخارج من دون محرم».
شيخ جمال.. شكرًا على نصائحك.
الفقري
في حياة جمال خاشقجى عدة مواقف تشير إلى أنه صاحب «فأل شؤم» على معظم الأماكن الصحفية التي يعمل بها، فبعد ١٠ ساعات فقط من انطلاق قناة «العرب» التي تولى إدارتها، أصدرت السلطات البحرينية أوامرها بوقف بث برامج القناة الإخبارية الوليدة بعد ٥ سنوات من الإعداد والتجهيز.
يحتفظ جمال خاشقجى بـ«علاقة خاصة جدًا» مع «الشؤم»، فقد تولى منصب رئاسة التحرير ٣ مرات، الأولى بالنيابة قرابة العام (صحيفة المدينة)، والثانية رئيسًا لتحرير صحيفة «الوطن»، ولم يستمر أكثر من ٥٢ يومًا، ثم عاد إلى «كرسى الوطن» مرة ثانية في عام ٢٠٠٧، قبل أن يجبر على الإقالة في نفس يوم استعداده لحفل زواجه الثالث، بعد نشر مقال بالجريدة تحت عنوان: «سلفى في مقام سيدى عبدالرحمن»، هاجم السلفية، ومجد الصوفية.
الإسلامجي
انطلاقًا من كونه «ابن الحركة الإسلامية»، لا يكل جمال خاشقجى عن الدعوة للمصالحة بين النظام في مصر وجماعة «الإخوان المسلمين»، بل يحاول أن يوحى أن هذا توجه للقيادة السعودية الجديدة.
يخطئ البعض أحيانًا في النظر إلى آراء «خاشقجى» على أنها معبرة عن القيادة السعودية، استنادًا إلى تعريف جديد أضيف إليه مؤخرًا، فحينما يذكر اسمه يكون مصحوبًا بعبارة «الكاتب السعودى المقرب من دوائر القرار في المملكة»، في حين أنه يؤكد في حواره أجرته معه صحيفة «التحرير»: «أنا لست مقربًا».
في كل مقالاته عن الوضع في مصر لا تجد أية إشارة إلى العمليات الإرهابية التي تشهدها البلاد، وإنما كل تركيزه على «قتل المصريين حماية للنظام»، مع محاولات «دق إسفين» بين القاهرة والرياض بذكر أن «مستقبل العلاقات بين العاصمتين تشوبه العديد من الغيوم»، واستمرار دعوته لتحالف «سعودى - قطرى - تركى»، معتبرًا أن على مصر أن تقبل بذلك مرغمة.
لن نعيد هنا إنتاج آرائه عن كون أحداث الاتحادية «مؤامرة حيكت بليل للانقضاض على قصر الرئاسة وطرد الرئيس»، أو حديثه عن تآمر وزارة الخارجية على «مرسي» في رسالته إلى الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز، أو تبشيره بـ«زمن الإخوان»، في كتابه عن ثورات الربيع العربي
"لا تسمعوا لجمال خاشفجي".