الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الفتنة نائمة لا توقظوها !!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حالة من الحراك الفكري يشهدها المجتمع حاليا لكنها تتسم بالعشوائية نتيجة فترة عدم الاستقرار التي عانينا منها ما دعا البعض إلى التغول في سرد أطروحات صادمة ليس هذا توقيتها ولا مكانها لماذا ؟ لأن هناك من سيستغل هذه الإطروحات سياسيا أو بعبارة أخرى الترويج لتيار أو جماعة أسدل الشعب عليه أو عليها الستار غير أن الأذناب ما زالت قابعة متربصة خلفها تتحين الفرصة لضرب أي إنجاز في مقتل، ودائما المناخ يصبح مواتيا كلما سادت الفوضى خاصة فيما يتعلق بأكثر الأمور حساسية لدى المصريين وهو الدين.
ونوضح بأننا أمام نموذجين:
الأول يتعلق بدعوة خلع الحجاب الذي أصبح أحد سمات شكل أو مظهر المرأة المصرية، بل دعنا نقول العربية والإسلامية وأرى أن الدعوة مختلفة تماما عن دعوة هدى شعراوي عام 1923 حيث أنها جاءت في ظل الاحتلال البريطاني لمصر واستهدفت تفعيل دور المرأة المصرية في مقاومة المحتل أما دعوة اليوم ما هو غرضها ؟ لا أعتقد أن ثمة هدف وطني وراءها لكن فيما يبدو محاولة لمسايرة نظرية الفوضى الخلاقة التي تريد تدمير المجتمع ذاتيا وليس أسهل من التسرب من خلال الدين؛ لتحقيق هذا الهدف ومن هنا يقدم أصحاب هذه الدعوة للظلاميين هدية النيل من ثورة الـ 30 من يونية التي اسقطتهم رغم أن الحجاب من حيث الشكل هو التزام بتعاليم ديننا الحنيف ولكنه من حيث الجوهر ليس دليلا على التدين؛ لأنه في أبسط معانية علاقة العبد بربه ولا تحتاج إلى إثبات الدليل بالحجاب أو بغيره إذن في التحليل الأخير يجب أن نتعامل مع ظاهرة التحجب بأنها سمة مجتمعية تدخل فيها عوامل الاختيار الشخصي بلا قصر أو إجبار ويصبح حقا طبيعيا من حقوق المرأة سواء في ارتدائة أو خلعه لا يحتاج إلى حملة دعائية لمناهضته لأنها ستصبح كمن يسبح ضد التيار .
النموذج الآخر يرتبط بحرية الفكر الديني إلى حد انتقاد الموروث الديني وأتعجب لماذا في هذا التوقيت ؟ أليس هذا محاولة لإعطاء البعض الفرصة لتكفير المجتمع وتقديم غطاء سياسي له لكي يتسرب إلى المجتمع من جديد لا سيما ونحن مقبلون على انتخابات برلمانية سيجد أحدهم في هذا الطرح معبرا للحصول على مقعد تحت قبة البرلمان ومرة أخرى ما أسهل التأثير بالدين على توجهات الناخب المصري، لكن ما السبب في وجود مثل هذه الأطروحات التي قد يكون بعضها أو كلها صادم لفكر وعقل المجتمع ؟
بصراحة لو كان هناك من يتصدى للإجابة على تفاصيل الرؤى النقدية للموروث الديني لما وجدت الفرصة لحدوث هذه الفوضى التي يرى فيها البعض شكلا من أشكال حرية الفكر والاعتقاد وهذا ينقلنا للحديث عن دور الأزهر الشريف الذي يقود عملية التنوير - أو هكذا تربينا على هذا – وتناولنا أكثر من مرة أهمية تطوير وتحديث الخطاب الديني بما يتفق مع متغيرات العصر خاصة أن فكر ديننا الحنيف لا يعرف الكهنوت ومنوط بالدعاة من الأزهريين القيام بهذا الدور ولكن للأسف القلة منهم هي المتمكنة التي تمتلك أدوات الأقناع والحجة بالحجة بعيدا عن اتهام الرأي المخالف بالخروج عن الملة لدرجة أن البعض حاول أن يدفن رأسة في الرمال ودعا إلى إهمال هذه الإطروحات ومقاطعة وتكميم أفواه منابرها دون الرد عليها وهكذا يصبح المواطن العادي المتدين بطبعة غير المتخصص ضحية فوضى الأفكار التي تنتقد السلف بحق أو بدونه .
إذن إحياء دور الأزهر ضرورة في هذه المرحلة لمواجهة فوضى الأفكار التي يريدها من بشر بنظرية الفوضى الخلاقة مستخدما التأثير السلبي للقوى الناعمة لإحداث تغيير عكسي في المجتمعات العربية والإسلامية لكني إذا كنت مع حرية الفكر والاعتقاد، كما ينص الدستور أؤكد على أن حرية الفكر لا يعني فتح الطريق أمام هدم ثوابت المجتمع لأنها عمود الخيمة ومحاولة باللعب بالنار والدين أي دين أحد هذه الثوابت !!
ويمكن القول: إن مجتمعا بلا ثوابت روحية ووطنية وقومية لا قيمة له وسط الأمم وكانت مصر دوما عبر التاريخ أمة شامخة بنت حضارتها قبل آلاف السنين بتمسكها بثوابتها وكانت الحضارة الفرعونية رغم أنها حضارة بناء إلا أنها أول من بشر بالوحدانية والحضارة القبطبة كان محورها رقي وسمو الإنسان وعندما جاءت الحضارة الإسلامية قدمت للبشرية قيما إخلاقية عالية من بينها العدل والسلام !!