الإثنين 27 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

"هتعمل إيه في رأس السنة".. سؤال العمر كله وإجابات على الطريقة المصرية

صوره ارشيفيه
صوره ارشيفيه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
منذ قديم الأزل والمصريين في مثل هذا اليوم 31 ديسمبر من كل عام بيسألوا بعضهم السؤال الآتي نصاً وبدون أي تحريف: ها تعمل إيه ليلة رأس السنة.. فمن منا لا يحتفل بليلة رأس السنة، طبعا الإجابة لا أحد، مع احتفاظ كل إنسان بطريقة الخاصة، فالكل يراها مناسبة رائعة لتوديع عام مر بذكرياته السعيدة والبائسة، والتطلع لعام جديد يحدوه الأمل والتفاؤل في غد مشرق.
وعلى قدم وساق تجري الاستعدادات في مصر المحروسة للاحتفال بليلة رأس السنة التي يتشارك فيها جميع طبقات المجتمع مسلمين ومسيحيين شباب وعواجيز، فهنا الكل يفرح ويمرح، حتى أن السائحين العرب والأجانب يفدون إليها في هذه الأيام لقضاء "الليلة الموعودة" في أحضان القاهرة الساحرة والتي تتسع لكل الأطياف.
وبالتأكيد تختلف أشكال هذا الاحتفال من شخص لآخر، لكن الأمر المؤكد أن الجميع يحتفل، وهذا ما نعرضه في السطور الآتية:
هأقضي ليلة رأس السنة على كورنيش النيل مع أصحابي ونتعشى كشري ونحلي بالمهلبية من عند "أبو طارق"، هذا ما أكده معتز حسين، طالب جامعة، الذي أضاف أن برودة الشتاء لا تحول بينه وبين تمضية هذه الليلة بطريقة مختلفة، أما عن متى ينام ليذهب لدراسته فالإجابة أن الطلبة يمنحون أنفسهم أجازة في أول أيام السنة الجديدة وبما أن أول يوم في السنة الجديدة الخميس فطبعاً بعديه الجمعة والسبت.. يااااه دي سنة "بيضة" والنبي "بيضة".
أما رشا محمود، عروسة جديدة، فتؤكد أنها انتزعت وعدا من زوجها بفسحة ليها العجب، سيركبون خلالها "الحنطور" في ميدان التحرير
لأننا لم نستطع قضاء شهر عسل بعد زواجنا لأن رصيده نفد قبل الزواج، وكل الخوف أنه يتراجع عن وعده لأنها علمت أن ساعة الحنطور تصل ليلة رأس السنة إلى 100 جنيه على حد قولها.
وحين سألنا طاهر الغريب، صحفي، عن كيف سيقضي ليلة رأس السنة أجابنا أنه سيمتطي دراجته البخارية ويحمل كاميراته ليسجل احتفال الناس ومن هنا فهذه الليلة ستكون خدمة شاقة لكن ممتعة بالنسبة له.
أما عماد رمزي فسيحتفل بالعام الجديد بحضور قداس في الكنيسة على أمل تجلي العذراء مريم في هذه الليلة ليكون نذير خير على البشرية، مؤكدا أن بركة ظهورها تهدي لجميع من يراها خيرا لا يقدر بثمن وتبقى أثاره طوال العمر.
"أنا راجل صاحب عيال ومرتبي على القد، هاجيب لولادي لب وسوداني و2 كيلو يوستفندي وتبقى الليلة آخر سعادة"، بهذه الطقوس البسيطة سيقضي عم محمود ليلة رأس السنة وسط عائلته التي لا تحلم بالملايين ولكن بالستر فهذه نعمة يراها عظيمة جدا فشعارهم جميعا "فقر بلا دين غنى كامل".
"أم حمدي" بائعة الخضار حين سألناها عن كيف ستقضي هذه الليلة ردت علينا ردا بالغ التأثير حيث قالت بتلقائية: "يابني راس سنة إيه اللي انت جاي تقول عليها، أنا باروح لولادي بطلوع الروح وبيكون منى عيني أحط جسمي ع المرتبة علشان أنام وأقدر أصحى الصبح أشوف أكل عيشي، وع العموم يا سيدي إذا سهرت فسأصلي ركعتين لله أدعي فيهم لبناتي يتستروا في بيت العدل وابني يلاقي شغلانة قبل ما ينتحر".
وعلى الجانب الآخر فتحت أبواب شارع الملاهي، المريوطية سابقاً، لاحتضان طائفة أخرى من المصريين نادرا ما تراهم في وعيهم، فدائما يغترفون من المتعة أراذلها ويبحثون عن كل ما يقربهم للشيطان وذلك بعد انطفاء أضواء شارع الهرم منذ حرق "كباريهاته" خلال أحدث ثورة 25 يناير 2011.
حيث يتبارى أصحاب الكباريهات في وضع "بروجرام" سهرة حمراء بدءا من تناول الخمور وجلب راقصات لا يرتدين من الملابس إلا أقصرها وأشلحها، ولا ينسى طبعا وضع التسعيرة الجبرية التي تبدأ من 250 جنيها، وهذا طبعا لمن يكفيه شرف المشاهدة، وتصل حتى 1000 جنيه لمن يرغب في العشاء والشراب وأشياء أخرى وبالطبع "كله بحسابه" كما يقول أبناء مصر.
هذا طبعا بخلاف مسألة "النقوط" التي يعرفها كل من يرتاد هذه الأماكن، حيث يتم إجبار راغبي مشاهدة اللحم العاري على دفع نقود للراقصة أو المطرب نظير إشهار اسمه عبر المايكروفون أو إتاحة الفرصة الذهبية له للرقص على خشبة العرض، وهناك تزرف الأموال كما لو كان أصحابها يجدونها في الشارع.
وكل "رأس سنة" تقع حوادث عديدة تصل لأقسام البوليس، ليس بسبب شرب الخمور أو تدخين المخدرات "لا سمح الله" فكل هذا متاح وآمن، ولكن بسبب عدم دفع المعلوم، حيث يفاجأ "الزبون" بفاتورة حساب تختلف تماما عن توقعاته ويكون أمامه أحد خيارين، إما يدفع بالتي هي "أوحش" أو يتم تلقينه علقة ساخنة تنسيه اسمه، فلا يجد أمامه سوى التقدم ببلاغ للبوليس على أمل استرداد جزء من كرامته التي أهدرت بمحض إرادته.
أما السواد الأعظم من "شعب" قاهرة المعز فيقضي ليلته أمام شاشات التلفزيون أو على شاطئ النيل والكباري المقامة على النهر واشهرها "قصر النيل" و"عباس" و"الجامعة" مكتفين بقضاء الليلة على همسات النهر الخالد وهم يتناولون "الفول السوداني" و"اللب" و"حمص الشام" الساخن.
وبعيدا عن كل هذا وذاك فإننا نقدم نصيحة ذهبية للمواطن "المصري الأصيل الشريف" بأن يكتفي بالقبوع أمام التلفاز لمشاهدة الأعمال المسرحية المستهلكة ليس خوفا من إصابته بأنفلونزا الخنازير من جراء السهر.. بل عملا بالمثل الشعبي الشهير "على قد لحافك مد رجليك، أحسن ما يمدوا هم رجليك".
أ ما أنا شخصياً قررت أن أحتفل بهذه "الليلة الموعودة" على طريقتي الخاصة كما قضيتها في الأعوام الست السابقة منذ أن كتب الله علي الهداية وتكفير الذنوب وتزوجت، وهي أن أتضرع بدعائي هذا إلى الله تعالى عسى أن يجيبه لنا ولكم:
ـ اللهم اجعل أول عامنا الجديد بركة وأوسطه أمنا وأخره رحمة للعالمين
ـ اللهم ارض كل منا بما قسمت له أو اقسم لنا ما يرضينا
ـ اللهم ولا تحمل خلقك ما لا يطيقون انك بهم لراحم وعليهم لقادر
ـ اللهم طهر قلوب الحاكمين و"جيوبهم".. وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .. وتصبحوا على خير ونشوفكم السنة الجاية إن شاء الله.

خير الكلام
(وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)
صدق الله العظيم