الأحد 02 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

اشترى لوحتين معدنيتين بـ2 مليون و150 ألف جنيه في «مزاد علنى».. يشار عباس حلمي وصية «الشعراوي» أنقذت «مليونير اللوحات المعدنية» من الإفلاس

يشار عباس حلمي
يشار عباس حلمي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الابن الأصغر لـ«ملك الدواء في مصر».. وله أصدقاء من رموز السياسة والإعلام ينفق عليهم بـ«سخاء» والده فكر في كتابة ثروته باسم ابنه الثانى «شيرين».. و«الشعراوى» رفض وأوصاه بـ«يشار» خيرًا: «إذا حرمته منها فيمكن أن تزول ثروتك»

كان الخبر قصيرا جدا، بلا تفاصيل تقريبا، قالوا: إن مواطنا من الإسكندرية يدعى يشار حسن عباس حلمى اشترى لوحتين معدنيتين بـ ٢ مليون و١٥٠ ألف جنيه من مزاد علنى، وتقرر تحويل المبلغ إلى صندوق «تحيا مصر».. ولأن من جلبوا الخبر لا يعرفون من هو يشار على وجه التحديد، فقد أضافوا أنه يسكن في شارع سوريا بمنطقة رشدى الراقية بالإسكندرية..

هنا يمكن أن نشير إلى شخص أسطورى اسمه يشار حسن عباس حلمى.. يملأ الدنيا ويشغل الناس في كل مكان يحل به أو يتحرك في محيطه، له أصدقاء عديدون يختارهم بعناية من رموز السياسة والفن والصحافة، وينفق بسخاء على أصدقائه، فهو يهتم فقط بأن يكون محل اهتمام الجميع.


يشار هو الابن الأصغر للملياردير حسن عباس حلمى ملك الدواء في مصر ومالك مجموعات «فاركو للأدوية»، والرجل الذي ارتبط اسمه باسم الدكتور أحمد زويل، حيث تبرع لمدينة زويل العلمية بـ ٢٥٠ مليون دولار، واشترط أن تقوم المدينة بأبحاث لتطوير الدواء، فهو يتبرع من أجل العلم نعم، ولكن العلم الذي يفيده، ويفيد أعماله.

حسن عباس حلمى رجل طاعن في السن، ولذلك ترك إدارة أعماله لولديه «شيرين» الذي ارتبط بعلاقات قوية برجال مبارك وعلى رأسهم رشيد محمد رشيد، ثم ارتبط بعد ذلك برجال محمد مرسي وأهمهم حسن مالك، بل كان واحدا من الوفد الذي رافق محمد مرسي في زيارته إلى الصين، وكان واحدا من أهم أعضاء جمعية «ابدأ» التي أسسها حسن مالك، وكانت همزة الوصل بين رجال الأعمال ومؤسسة الرئاسة.

شيرين هو الأكثر جدية وحرصّا على العمل، وطبقا للصفحة الرسمية لشركة «فاركو» فهو رئيس مجلس إدارة مجموعة «فاركو» للأدوية، وعضو مجلس إدارة الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، ورئيس مجلس أمناء مدينة برج العرب، وعضو مجلس تحديث الصناعة، وإلى جانب هذه الأنشطة فهو محاضر أيضا في ملتقى «مصر ما بعد موجتى الثورة»، ألقى محاضرة عنوانها «تأثير القيم الإسلامية في حل المنازعات المؤسسية».

استطاع حسن عباس حلمى أن يكون ثروة طائلة من عمله في الأدوية، بعد دراسته في كلية الصيدلة عام ١٩٥٣، حصل على عدة دبلومات في صيدلة المستشفيات والصيدلة الصناعية، بدأ حياته العملية صيدلانيا في مستشفيات جامعة الإسكندرية التي لم يبق فيها طويلا، حيث انتقل إلى شركة الإسكندرية للأدوية.

تقلب في الوظائف الحكومية، آخرها كان في المؤسسة المصرية العامة للأدوية، حيث خرج منها مديرا عاما للتصدير ليتفرغ لأعماله الخاصة.

لم يخف حسن عباس توجهه الإسلامى، فعلى طريقة الجماعات الإسلامية في تسمية الشركات التي تقوم بتأسيسها، أسس الشركة «الإسلامية للأدوية والكيماويات والمستلزمات الطبية».. ليظهر إلى الوجود اسم «فاركو» لأول مرة عام ١٩٧٨، ولم يكن حسن مالكها وحده، حيث شاركه فيها بنك فيصل الإسلامى، وبعد سنوات قليلة خرج بنك فيصل من الشركة ليصبح حسن عباس هو مالكها الوحيد.

تعددت بعد ذلك الشركات التي يملكها عباس حلمى، فأصبح على ذمته، شركة «العامرية» للصناعات الدوائية، والشركة «الأوربية المصرية» للصناعات الدوائية و«فاركو امبكس» و«فاركو التجارية» و«تكنو فارما» التجارية و«سيف فارما»، ليتحول الرجل في سنوات قليلة إلى إمبراطور الدواء في مصر.

الجدية الشديدة، والصرامة التي اتبعها حسن عباس حلمى في حياته والتي سار على نهجها ولده شيرين، لم يعرف عنها يشار شيئا، يمكن أن نقول إنه نموذج خاص وفريد جدا.

ومن بين ما يروى في كواليس عائلة عباس حلمى، أن الملياردير الكبير، أراد من منطلق حرصه على ثروته أن يكتب معظم ما لديه لشيرين، ويحصل يشار على جزء بسيط من الثروة، حتى إذا أتلفه لا تتأثر ثروة العائلة الكبيرة، ولأنه يسير في كل شىء في حياته طبقا للشرع، فقد عرض الأمر على الشيخ الشعراوى الذي كان صديقا مقربا له.

رفض الشعراوي ما قاله حسن عباس حلمى تماما، وأوصاه ببيشار خيرا، بل قال له: أنت لا تعرف الثروة التي لديك أتتك من أجل من، قد تكون من أجل يشار، وإذا حرمته منها فيمكن أن تزول ثروتك، فترك الأب الأمر على ما هو عليه وأطلق يد يشار في العمل والثروة.



طبقا لأصدقاء مقربين من يشار، فإنه يهتم بنفسه أكثر من اهتمامه بأعماله، يحاول أن يجمع أكبر عدد من الألقفيها اب، منها الدكتور رغم أن المؤهل الذي حصل عليه مجرد مؤهل متوسط.. «يشار لديه خمس شهادات دكتوراه يبدو أنه دفع الكثير»، ومنها «اللورد» وهو لقب يحرص على أن يضيفه لاسمه، رغم أن ملابسات حصوله عليه تبدو غامضة للغاية.

ويكفى أن نقرأ تفاصيل الإعلان الذي نشره يشار أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لتعرف أي خلل يحيط به، وهو يجمع إلى نفسه ألقابا وعلاقات لا حصر لها ولا عدد.

نص الإعلان يقول: «اللورد يشار حسن عباس حلمى الرئيس الفخرى للجالية المصرية بدولة رومانيا والرئيس الفخرى للاتحاد الدولى العربى للتحكيم ونائب رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات فاركو للأدوية أول شخص يدلى بصوته للمشير عبدالفتاح السيسى بالمقر الانتخابى بسفارة بوخارست».

يحاول يشار كما فعل والده ويفعل شقيقه من قبل أن يتقرب إلى السلطة، فعلوا ذلك مع نظام مبارك، فتبرعوا لجمعية «جيل المستقبل»، وعينوا عددا كبيرا من أعضائها الشباب في شركاتهم، وفعلوه أيضا في عهد الإخوان عندما وثقوا علاقاتهم مع حسن مالك، وفتحوا أبواب شركاتهم لعدد كبير من الإخوان ليصبحوا عاملين لديهم، والآن يحاول يشار أن يتقرب من السلطة بأى طريقة، مرة بنشر إعلانات يثبت فيها أنه كان أول من أدلى بصوته للسيسى، ومرة بشرائه لوحات معدنية لسيارتين في مزاد علنى، لمعرفته أن الأموال التي سيدفعها ستذهب إلى صندوق «تحيا مصر».


لا يمكن لأحد أن يلوم يشار بالطبع، لكن السؤال هنا، هو لماذا لم يتبرع بملايينه لصندوق «تحيا مصر» في صمت كما فعل غيره من رجال الأعمال، أو حتى فعلها مع إعلان بسيط مثل عدد آخر من المستثمرين، وساعتها ما كان لأحد يلتفت له، لأنه سيكون واحدا ممن تبرعوا لمصر لا أكثر ولا أقل، لكنه يحب دائما أن يكون في دائرة الضوء، يضع اسمه في جملة مفيدة دائما مع أشياء غريبة حتى يتردد اسمه، يشترى ألقابا ويحرص على أن يثبتها في مكاتبات رسمية، حتى يلفت الانتباه لما يفعله، يجلس مع إعلاميين كبار ليقال إنهم أصدقاؤه، ويسافر إلى بلاد خلق الله ليوسع دائرة معارفه، ويخرج مع أصدقائه في رحلات بحرية بيخوته التي يمتلكها من أجل أن يتحول إلى أسطورة.

سيقولون لماذا لا تشكره على أنه يتبرع من أجل مصر؟

سأقول من حقه أن نشكره، ومن حقنا أيضا أن نعرف من هو على وجه التحديد، ولماذا فعل ما فعل، مع العلم أننى لم اقترب من سيرته السياسية والشخصية.. لقد أشرت فقط إلى طرف من حياته، أما ما خفى فهو دائما أكثر وأعظم.