الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ملاحظات حول مشروع قانون العمل الجديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حسنًا ما فعلته الدكتورة وزيرة التضامن الاجتماعي بتأجيل مناقشة مشروع قانون الجمعيات الجديد لحين انتخابات مجلس النواب الجديد والذي أثار متلقي التمويل الاجنبي، حيث أفزعهم خضوع الجمعيات والاشخاص الذين يحصلون على أموال من جهات اجنبية لرقابة الوزارة.
في حين أن الدكتورة وزيرة القوى العاملة صرحت بالانتهاء من مناقشة مشروع قانون العمل الجديد، وسيتم احالته لمجلس الوزراء تمهيدا لإصداره مرسوم بقانون، ونرى بأنه لا وجه للاستعجال بعكس مشاريع قوانين الاستثمار التي يجب علينا الاسراع بإصدارها عقب النجاح الكبير الذي حققه مشروع القناة الجديدة، وحصيلة السندات التي أقبل عليها الشعب المصري بشكل فاق أي توقع، وأذهل العالم، وهذا حفز الشركات العالمية بأن تبدي رغبتها في الاستثمار في مصر، وكذلك الاستقبال الحافل للسيد المشير رئيس الجمهورية بأمريكا في الامم المتحدة بقمة المناخ والذي أكد شرعية ثورة 30 يونية، واعتراف العالم بها.
الأمر الذي أغاظ البعض فحاولوا الشوشرة من خلال مقال بإحدى الصحف الامريكية، والذي يجب الرد عليه في ذات الجريدة وهذا شأن يخص وزارة الخارجية المصرية، وقد يكون سبب كتابته في هذا التوقيت ممارسة اقصى انواع الارهاب على النجاحات التي يحققها الشعب المصري خاصة تنويع مصادر السلاح، وما تردد بالمواقع الاخبارية عن قرب وصول صفقة السلاح السوفيتي لمصر.
وعودة لموضوعنا نحن في حاجة ماسة لقانون جيد للعمال المصريين كمكافأة لهم عن دورهم في ثورتي 25 يناير، و30 يونية ونزيل رواسب الزمن الماضي عن كاهلهم، وما عانوه من ظلم واضطهاد، وتعسف فالقانون الحالي الساري رقم 12 لسنة 2003 أسوأ قانون عرفته مصر، والمواد القليلة التي انتزعها العمال من خلال نضالهم الطويل في قانون العمل الذي سبقه رقم 137 لسنة 1981 تم حذفها خاصة فيما يتعلق بالفصل الذي يتساوى مع عقوبة الاعدام في قانون العقوبات.
حيث المادة 62 منه كانت تنص على: (اذا نسب الى العامل ارتكاب خطأ تأديبي يستوجب معاقبته بالفصل وجب على صاحب العمل قبل ان يصدر قراره بالفصل ان يتقدم بطلب بذلك الى لجنة ثلاثية تشكل على النحو التالي
أ‌) مدير مديرية القوى العاملة او من ينيبه رئيسًا.
ب‌) ممثل للعمال تختاره للمنظمة النقابية المعنية عضوًا.
ج‌) صاحب العمل او من يمثله عضوًا.
(ويتعين على صاحب العمل ان يرفق بالطلب ملف خدمة العامل ومذكرة بأسباب طلب الفصل)
وكانت هذه اللجان ترفض فصل العامل بالرغم من ان رأيها كان استشاريًا عملا بنص المادة 64 من ذات القانون، ولكن المادة 65 رتبت على عدم قيام صاحب العمل بفصل العامل دون العرض على هذه اللجان بالمعدوم حيث نصت على:
(لا يجوز لصاحب العمل فصل العامل قبل العرض على اللجنة الثلاثية المشار اليها في المادة 62 والا اعتبر قراره كأن لم يكن مع التزامه بأجر العامل)
كما ان تعدد التشريعات العمالية ادت الى الالتباس، والتضارب في بعض الاحيان ويتضح ذلك من خلال استعراض التطور التشريعي لقانون العمل في مصر.
فعقب ثورة 23 يوليو 1952 والوحدة ما بين مصر وسوريا صدر قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959، وحققت مواده قدرًا من العدالة ما بين العمال واصحاب الاعمال ثم صدرت اللوائح العمالية بالقرار الجمهوري رقم 3546 لسنة 1962، والقرار الجمهوري باللائحة رقم 3309 لسنة 1966 بعد صدور القرارات الاشتراكية، واصبح القطاع العام هو الذي يقود خطة التنمية وفقا للخطة الخمسية والتي حققت نتائج اقتصادية كبيرة. فصدر القانون رقم 61 لسنة 1971 الخاص بالقطاع العام، وحل محله القانون رقم 48 لسنة 1978، وتعد هذه الفترة افضل فترة في حياة العمال المصريين حيث حصلوا على كامل مستحقاتهم وحقوقهم، والجميع يتحسر على هذه الفترة، ولكن عقب انتصار الرأسمالية العالمية، وانهيار الانظمة الاشتراكية (العولمة) فكان له اثره على مصر فصدر قانون قطاع الاعمال رقم 203 لسنة 1991 الذي ركز على نقل ملكية شركات قطاع العام الى الشركات المساهمة الجديدة الخاصة، أما ما يخص حقوق العمال فتركها للوائح التي تم وضعها عن طريق المفاوضة الجماعية ما بين ادارة الشركات، والنقابات العامة العمالية كل في نطاق تخصصه الامر الذي ادى الى وجود عدد من القوانين العمالية المتضاربة (القانون رقم 48 لسنة 1978، والقانون 203 لسنة 1991 قانون قطاع الاعمال والقانون رقم 137 لسنة 1981) ومن طرحت الفكرة الخبيثة بضرورة توحيد تشريعات العمل ولكن حقيقة الامر هو ربط سوق العمل في مصر بالسوق العالمية في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد وهيمنة الرأسمالية العالمية وبتاريخ 31/3/1993 تم الاتفاق ما بين كل من:
وزارة القوى العاملة والتشغيل.
برنامج الامم المتحدة.
منظمة العمل الدولية.
على صياغة قانون عمل جديد، وتشكلت لجنة لهذا الغرض تم الاتفاق على عقد اجتماعاتها بالزمالك من خلال معونة مالية صرفتها منظمة العمل الدولية، وانهت عملها بإصدار القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003 بتاريخ 7/4/2003 الذي حرر العمال من المكاسب التي حصلوا عليها وأخيرًا نصل للمشروع الحالي محل النقاش.
ولتسمح لنا السيدة الدكتورة وزيرة القوى العاملة بأن نتقدم لها بتحية على موقفها المشرف في اجتماعات منظمة العمل العربية التي انعقدت في مصر، وتم فيها تأجيل انتخابات امينها العام، ومشروع القانون الجديد وضع مواده من تولى الوزارة من قبلك اصحاب رؤية النقابات المستقلة "تعدد النقابات" روشتة الاتحاد الحر الذي يسيطر عليه اتحاد عمال اسرائيل "الهستدروت" واتحاد عمال امريكا – ومع ذلك لا يأخذون بالتعددية النقابية – وإحدى وسائل اشاعة الفوضى، وباب خلفي لتلقي الاموال الاجنبية، وحاولوا تمرير مشروع قانون المنظمات النقابية العمالية وحماية حق التنظيم التي تضمنت المادة السابعة منه حق انشاء اكثر من لجنة نقابية داخل المنشأة الواحدة مما أدى إلى تصدي العمال له فتم سحبه لأنه يضر بمصلحة الحركة النقابية العمالية، والامن القومي المصري، والمشروع الجديد يؤيد التعددية النقابية في عدد من مواده، ونعرض احداها للتدليل على ما نقول حيث تنص المادة 147 منه على (يتم التفاوض في المنشآت التي تستخدم خمسين عاملًا فأكثر بين ممثلين عن المنظمة العمالية وصاحب العمل، وفي حالة وجود اكثر من منظمة عمالية يكون التفاوض وفقًا لما هو وارد بقانون المنظمات النقابية وحماية التنظيم، فاذا لم توجد نقابة عمالية يكون التفاوض بين صاحب العمل وبين ثلاثة – على الاقل – من ممثلي العمال الذين يتم اختيارهم من جانب اغلبية العمال بعد تحقق الجهة الادارية من الصفة التمثيلية لهم .. الخ).
وتم اختيار هذه المادة لأنها تشير بصراحة للقانون الذي رفضه العمال وتم سحبه، ويوجد العديد من المواد التي تشير للتعددية النقابية وتوقيت مناقشة هذا المشروع غير مناسب على الاطلاق حيث ان الجميع يركز، ويسعى للحصول على رخصة عضوية البرلمان خاصة القيادات النقابية العمالية، ونأمل من سيادتكم الاسراع بإجراء انتخابات مجالس الادارات للجان النقابية، واتحاد عمال مصر حتى يستطيع العمال ان يختاروا من يمثلهم حقا، وليس المجالس الحالية التي انتهت مدتها، وبالتالي شرعيتها منذ نوفمبر 2011، ونحن نريد قانون عمل حقيقي يفعل مواد الدستور خاصة المادة 13 التي تحظر الفصل التعسفي حيث تنص على: (تلتزم الدولة بالحفاظ على حقوق العمال، وتعمل على بناء علاقات عمل متوازنة بين طرفي العملية الانتاجية، وتكفل سبل التفاوض الجماعي، وتعمل على حماية العمال من مخاطر العمل وتوافر شروط الامن والسلامة والصحة المهنية ويحظر فصلهم تعسفيا، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون).
والمادة 14 التي تنص على: (الوظائف العامة حق للمواطنين على اساس الكفاءة ودون محاباة او وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم، وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي، الا في الاحوال التي يحددها القانون).
والمادة 76 التي تنص على: (انشاء النقابات والاتحادات على اساس ديمقراطي حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتيادية، وتمارس نشاطها بحرية، وتسهم في رفع مستوى الكفاءة بين اعضائها والدفاع عن حقوقهم، وحماية مصالحهم، وتكفل الدولة استقلال النقابات والاتحادات، ولا يجوز حل مجالس ادارتها الا بحكم قضائي، ولا يجوز انشاء اي منها بالهيئات النقابية).
وهذه مبررات رفضنا لهذا المشروع.
والله ولي التوفيق