الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الغرب يستنفر ضد الإرهاب.. فرنسا وبريطانيا ترفعان درجة الاستعداد القصوى تحسبًا لعمليات إرهابية وشيكة.. واشنطن تدعو لتحالف دولي لصد تقدم داعش.. وهولندا تسحب الجنسية من المتشددين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
جاء الإعلان البريطاني برفع درجة التأهب إلى مستوى الخطر تحسبا لهجمات إرهابية محتملة، وكذلك الدعوة الفرنسية إلى حملة دولية لمكافحة الإرهاب، مؤشرًا على تزايد القلق الغربي إزاء تعاظم نفوذ المتشددين في سوريا والعراق.

ويتزامن هذان التحذيران مع سعي أمريكي حثيث لبناء تحالف دولي وإقليمي ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي بات يشكل خطرا على مصالح الغرب وعلى مصالح حلفائه في المنطقة.


وقالت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي أن بلادها رفعت الجمعة درجة الخطر الإرهابي إلى "شديدة" وهي ثاني أعلى درجة، وذلك تحسبا لأي هجمات ربما يجري التخطيط لها في سوريا والعراق.

وقالت ماي في بيان "هذا يعني أن وقوع هجوم إرهابي مرجح بشدة لكن لا توجد معلومات مخابراتية تشير إلى هجوم وشيك."، ورجحت أن يشترك في بعض هذه الخطط مقاتلون أجانب سافروا إلى سوريا والعراق من أوروبا".



بدوره، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه سيتخذ خطوات إضافية لمنع الأشخاص من السفر إلى سوريا والعراق.

وحث كاميرون المجتمع الدولي على محاربة التطرف والإرهاب، معتبرا أن خطر تنظيم "الدولة الإسلامية" يهدد أوروبا كلها.

وعبر كاميرون عن خشيته من امتداد تنظيم الدولة إلى لبنان والأردن، إلا أنه قال إن ذلك التنظيم لن يحقق أهدافه في نهاية الأمر.

وهذه هي المرة الأولى منذ منتصف 2011 التي ترفع فيها بريطانيا مستوى الخطر إلى هذه الدرجة وذلك بعد تقييم أجراه المركز المشترك لتحليلات الإرهاب، وهو الجهة المسئولة عن تحديد مستوى التهديد القومي.


من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الجمعة، إن بلاده "تقوم بجهود دبلوماسية للاعداد لمؤتمر دولي بشأن الأمن في العراق وبحث سبل مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية"، مطالبا المجتمع الدولي للتحرك بشكل عاجل ومنظم ضد الإرهاب".

وأضاف فابيوس في مؤتمر صحفي: "علينا أن نقود حملة باستخدام المعلومات والوسائل العسكرية وكذلك الوسائل المادية لتجفيف منابع التنظيم".
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة الهولندية الجمعة عزمها سحب الجنسية من المقاتلين الاسلاميين المتطرفين حتى في حال عدم ادانتهم المسبقة أمام القضاء.
وأكدت الحكومة في رسالة لوزير العدل ايفو اوبستلين أنه "سيتم تشديد القانون بهدف سحب الجنسية الهولندية من الجهاديين الملتحقين بمجموعة إرهابية مسلحة حتى من دون ادانتهم جنائيا".


تحديات في وجه التحالف

وتواجه الإدارة الأمريكية عدة تحديات لبناء التحالف المنتظر المرتبط بقضايا وملفات معقدة ومتداخلة في الشرق الأوسط.
ويأتي على رأس هذه التحديات الموقف الإيراني الملتبس، ففي الوقت الذي تدعم فيه طهران توجيه ضربات جوية ضد داعش في كل من سوريا والعراق، فهي تؤيد الحوثيين في تصعيدهم ضد السلطات اليمينة، وكذلك تؤجج النزاعات الطائفية في البحرين، كما أنها تدعم ميليشيات شيعية تحارب إلى جانب الجيش السوري ضد المعارضة المسلحة بمختلف فصائلها وتياراتها.

أما التحدي الآخر فيتمثل في الموقف التركي الخجول إزاء التقدم السريع الذي أحرزه داعش في كل من سوريا والعراق، ويرى مراقبون أن هذا الصمت التركي نابع من الاستقطاب السني الشيعي في المنطقة، فتركيا "العلمانية"، هي في النهاية دولة سنية وتقودها حكومة ذات توجه إسلامي يمثلها "حزب العدالة والتنمية" الحاكم في البلاد، وهو ما يعني أن أنقرة تنتظر اثمانا للمشاركة في أي تحالف مقبل ضد الحركات المتشددة في المنطقة.

أما التحدي الثالث، فيتمثل في كيفية محاربة التنظيم في سوريا في الوقت الذي ترفض فيه واشنطن التعامل مع نظام بشار الاسد، وتحمله مسئولية ما آلت أليه الأوضاع في البلاد، علما أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعرب، قبل نحو أسبوع، عن استعداد بلاده للتعاون والتنسيق اقليميا ودوليا من أجل مكافحة الإرهاب.

وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند قال في خطاب الخميس إن "الأسد لا يمكن أن يكون شريكا في الحرب ضد الإرهاب"، ووصفه بأنه حليف الجهاديين، وأنه لا يمكن الاختيار بين نظامين همجيين، حسب وصفه.

وتأتي هذه المواقف وسط تقارير تفيد أن الولايات المتحدة بدأت تزويد دمشق بمعلومات حول مواقع تنظيم "الدولة الإسلامية" على الاراضي السورية، عبر بغداد وموسكو.

وأفادت مصادر أن "طائرات استطلاع غير سورية حلقت فوق دير الزور وسجلت معلومات حول مواقع الدولة الإسلامية نقلت إلى الحكومة السورية عبر الحكومتين الروسية والعراقية".

وكان أوباما قد خول للبنتاغون السماح لطائرات مراقبة بالتحليق فوق سوريا، صقور الجمهوريين، وحمائم الديمقراطيين

ويواجه الرئيس الأمريكي ضغوطًا من الجمهوريين لمواجهة "داعش" في سوريا، بينما تفضل القيادات الديمقراطية والرأي العام الحذر من جر الولايات المتحدة إلى جبهة جديدة كتلك التي فتحت في العراق من قبل.

ودعا جون ماكين زعيم الجمهوريين في الكونجرس الرئيس أوباما إلى تغيير استراتيجيته، بينما قال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب مايك روجرز إن هناك 2000 مقاتل في "داعش" يحملون جوازات سفر أجنبية ويشكلون تهديدًا مباشرًا لأمن الولايات المتحدة.

ويشارك الرئيس أوباما تردده معظم النواب في حزبه الديمقراطي، فتوسيع العمليات العسكرية لا يبدو أولوية لديهم أو لدى الرأي العام الأميركي.

وعزز رئيس الأركان الجنرال مارتن دمبسي من هذا التوجه، حيث أكد أن "داعش" تشكل تهديدًا إقليميًا حتى الآن، وهي ليست في طور التخطيط لهجمات إرهابيه في أمريكا التي تفضل مصالحها على الشعارات البراقة التي ترفعها.

ودعا الجنرال دمبسي دول الجوار مثل السعودية والأردن وتركيا إلى تشكيل حلف لمواجهة "داعش"، فالإدارة ترى أن مفاتيح الحل تكمن في يد قادة المنطقة.

وحتى الآن تبدو إستراتيجية الرئيس أوباما هي احتواء تنظيم "داعش" في العراق ومنع تقدمه وخصوصًا في الأراضي الكردية، لكنها لم تقرر بعد توسيع العمليات العسكرية إلى سوريا وتصر على أنها لن تتعاون مع الرئيس الأسد بأي حال من الأحوال، فهي تراه السبب الأساسي وراء ظهور "داعش".

وعبرت روسيا الجمعة عن هذه المفارقة في سلوك الإدارة الأمريكية، إذ قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الجهات الغربية تريد مكافحة الإرهاب في العراق فقط، ولا تريد مكافحته في سوريا، لأنها لا تريد أن تتعاون مع النظام السوري.


الخليج.. رقم مهم في المعادلة

وفي سياق الحديث عن إنشاء تحالف دولي وإقليمي يصعب تجاهل دول الخليج التي يمكن أن تكون شريكة لواشنطن، والتي أجرت، مؤخرا، مشاورات على مستوى رفيع في ما بينها ومع لاعبين آخرين ضمنهم إيران، ويرى مراقبون أن الخلافات والمنافسة كبيرة بين بعض دول الخليج لدرجة قد يكون من الصعب جدا أن تكون هذه الدول في معسكر واحد.

وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل سلسلة من اللقاءات البارزة منذ الأحد الماضي، وفي أعقاب اجتماع ترأسه الامير سعود الفيصل مع ممثلين عن الإمارات ومصر وقطر والاردن الأحد، صدر بيان مشترك أكد وجود توافق بين الدول الخمس على ضرورة العمل "الجدي" ضد انتشار الأفكار المتطرفة.

وبعد ذلك بيومين، اجتمع الامير سعود الفيصل مع مساعد وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان في لقاء هو الارفع بين البلدين منذ وصول الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى سدة الرئاسة قبل أكثر من سنة، وتطرق اللقاء بين مسئولي البلدين اللذين تربطهما علاقات متوترة، أيضا مسألة "التطرف" وسبل مواجهته.

وبعد ذلك، ترأس وزير الخارجية السعودي وفدا رفيعا ضم وزير الداخلية السعودية ورئيس المخابرات في المملكة، وتوجه في جولة إلى قطر ثم البحرين فالإمارات.

وتستضيف جدة اليوم السبت اجتماعا مهما لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي يخصص لبحث الخلاف مع قطر، ويرى خبراء أن فشل جهود التقارب بين دول الخليج سيؤثر سلبا على امكانية تشكيل جبهة موحدة في الخليج تنضم إلى أي تحالف دولي ممكن في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي اعتبر مفتي السعودية أن أعماله هي "العدو الأول" للمسلمين.

ويضيف مراقبون أن دول مجلس التعاون تجد أصلا صعوبة في التعاون في ما بينها في المجالات العسكرية والاستخباراتية بسبب "الريبة" و"الخلافات"، واذا ما شاركت دولة من هذه الدول في عمل عسكري "تكميلي للضربات الأميركية"، فإن ذلك لن يتعدى اعطاء مباركة عربية رمزية للعمل العسكري الأمريكي، على اعتبار أن ثمة قرارا دوليا صدر عن مجلس الأمن مؤخرا يقضي بمحاربة الإرهاب.