السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السياحة العلاجية (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصبحت السياحة العلاجية أحد مصادر الدخل القومى للعديد من الدول، حيث تقدر جمعية السياحة العلاجية (MTA) عدد الباحثين عن العلاج خارج الحدود بحوالى ١٤ مليون شخص، وصناعة تقدر بحوالى ١٠٠ مليار دولار سنويًا.

خريطة الدول التى حققت طفرة كبيرة فى عدد المرضى وفى الدخل القومى من عائدات السياحة العلاجية تتوزع على قارات العالم. الدول المشهورة للسفر الطبى فى آسيا هى تايلاند والهند وسنغافوره، وفى أوروبا الغربية هى ألمانيا وسويسرا وانجلترا،  وفى أوروبا الشرقية هى جمهورية التشيك وأوكرانيا، وفى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تأتى تركيا والأردن وتونس ودبى ومصر.

فى هذا المقال نحاول أن نتعرف على متطلبات تنمية السياحة العلاجية، وماهى التجارب الدولية الرائدة فى هذا المجال؟

أولا: متطلبات تنمية السياحة العلاجية،

باستطلاع رأى المرضى حول الأسباب التى دفعتهم للبحث عن علاج خارج بلدانهم، جاءت الأسباب كالتالي:

١-الحصول على علاج بجودة عالية.

٢- البحث عن أرخص الأسعار.

٣-الحصول على علاج غير متوفر فى بلدانهم.

٤- تلقى العلاج فى أسرع وقت ممكن ودون أنتظار قوائم الانتظار.

كيف ننمى السياحة العلاجية فى مصر؟

 إذا أردنا أن ننمى السياحة العلاجية فى مصر، فعلينا العمل على تحقيق هذه العوامل الأربعة، وهى الجودة العالية، والتكلفة المنخفضة، والتميز فى مجال غير متوفر فى منطقتنا، وسرعة استقبال المرضى وذويهم.

مصر تمتلك كل الإمكانيات المادية والبشرية للنهوض بهذا المجال فى فترة وجيزة، حيث يتوفر بها المستشفيات والمراكز الطبية الحديثة المجهزة بأحدث التجهيزات، والأطقم الطبية المؤهلة دوليًا وصاحبة الخبرة الطويلة فى مجالات دقيقة مثل جراحات القلب والصدر وزرع الأعضاء، والموقع الجغرافى الممتاز، والطقس المعتدل والاستقرار السياسي، بإلاضافة إلى عدد من مناطق الاستشفاء الطبيعية مثل واحة سيوة، وحمامات فرعون وعيون موسي. ولكن ينقصنا العمل بسرعة والاستفادة من تجارب الدول الاخرى التى حققت طفرة كبيرة فى هذا المجال.

ثانيًا: التجربة الهندية،

تعد تجربة الهند فى تنمية السياحة العلاجية من أهم التجارب على المستوى العالمي، حيث أصبحت الهند من أكبر الدول فى هذا المجال، وتستقبل أكثر من ٢ مليون مريض سنويًا، وتحقق حوالى ٧ مليار دولار، ومعدل نمو حوالى ٢٥٪ سنويًا.

فكيف استطاعت الهند أن تحقق ذلك؟.. الإجابة تتلخص فى تخطيط محكم وشراكة كاملة بين القطاعين العام والخاص.

أ- دور الدولة:

تلخص دور الدولة فى إعطاء تسهيلات للقطاع الخاص لبناء سلسلة من المستشفيات حسب أحدث المعايير الدولية وتجهيزها بأحسن التقنيات واشترطت أن تكون هذه المستشفيات حاصلة على الاعتراف الدولى JCI . معظم المستثمرين الذين استعانت بهم الهند جاءوا من دول الخليج العربي.

ب- الأطباء المؤهلون فى الغرب،

استدعت الهند أحسن الأطباء الهنود العاملين فى أوروبا وأمريكا الشمالية، وسمحت لهم بتملك أسهم فى المستشفيات التى التحقوا بها، بل أشركتهم فى مجالس الإدارة وأعطتهم نسبة من الأرباح التى تحققها المستشفيات.

ج- تسهيل الاجراءات وتوفير اللوجستيات،

قامت الشركات الهندية بعمل دعاية عالمية تحت عنوان "أفضل علاج بأقل التكاليف" لتشجيع العلاج فى الهند، وسهلت إجراءات دخول الهند من خلال الحصول على الفيزا للعلاج من خلال الإنترنت، On line Visa.

وشكلت إدارة متخصصة داخل كل مستشفى لاستقبال المرضى وذويهم فى المطار، يتحدثون نفس لغتهم، ويحجزون لهم الإقامة فى الفنادق القريبة من المستشفيات. الملفت للنظر أن الفنادق كانت جزء من المستشفيات بحيث يتلقى المريض العلاج داخل المستشفى ويقيم المرافقون داخل الفندق التابع للمستشفى.

 أعتقد أن مصر تمتلك كل الإمكانات المادية والبشرية، وتتمتع بالاستقرار السياسي، والموقع الجغرافى المتميز، والعلاقات الطيبة مع كل دول العالم، مما يجعلها مؤهلة لكى تجتذب أعدادًا أكبر من المرضى الأجانب الراغبين فى العلاج فى مصر. فقط ينقصنا إطار قانونى وتنظيمي، وإرادة سياسية داعمة، وشراكة بين مختلف القطاعات، العام والخاص والأهلى للنهوض بالسياحة العلاجية.