الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

مصريات

«مرنبتاح سبتاح».. صاحب المرض العجيب

الملك مرنبتاح سبتاح
الملك مرنبتاح سبتاح
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كان الملك «مرنبتاح سبتاح» قد تولى عرش مصر بعد أخيه «أمنمس» وتزوَّج من الملكة «تاوسرت» التي أقصاها شيعة الملك الراحل عن العرش. وقد ساعده حامل خاتم الملك «باي» الذي اشترك في قلب عرش الملك؛ لأنه كان من أنصار «تاوسرت». 

وقد قام الملك «سبتاح» بدوره بعد أن استتب له الأمر في محو آثار الملك «أمنمس»، وقام بنقش اسمه واسم زوجه «تاوسرت» بدلًا من اسم الملك الراحل. 

واستدل علماء المصريات بذلك بما جاء في أحد النقوش، والذي ذكر «حامل الخاتم الأعظم لكل البلاد حتى حدودها، مثبتًا الملك على عرش والده». 

وقد وُضع اسم «باي» على قطعة من الحجر، وعلى ألواح من الذهب وخواتم في قطع ودائع الأساس كلها التي وُجدت للملك «سبتاح» كالتي وضعها الملك لنفسه، "وذلك يدل على أنه قد استمر في إدارة شئون البلاد بصورة بارزة تدل على قوة عظيمة، بعد أن ثبت سيده على العرش"، كما رأى بعض الأثريين.

وتلفت "موسوعة مصر القديمة" في الجزء السابع الذي حمل عنوان "عصر أسرة مرنبتاح ورعمسيس الثالث ولمحة في تاريخ لوبية"، إلى أن «باي» هو الموظف الوحيد الذي كان له امتياز في أن يُدفن مع الملوك في واديهم. 

عصر «سبتاح»

في الواقع، لم يصل علماء المصريات إلى متون كثيرة عن زمن حكم «سبتاح» وما حدث فيه. ربما أهم ما تم العثور عليه هو نقش عن بعثة أرسلها إلى بلاد «كوش» لجلب الجزية. وفي السنة السادسة أُرسل بعثة ثانية.

ويعتقد الأثري الراحل سليم حسن أن الملكة «توسرت» -التي قال عنها الكاهن «مانيتون» إنها حكمت أكثر من سبع سنين- قد استمرَّت في حكم البلاد بعد زوجها «سبتاح» الذي، على ما يبدو، قد مات بعد السنة السادسة من حكمه. مستدلا بآثار تدل على أن «توسرت» قد ظلت في الحكم حتى السنة الثامنة، وقد اشترك معها في الملك «سيتي الثالث».

إخفاء آثاره

وقد بنى الملك لنفسه معبدا جنائزيًّا يقع شمالي معبد «أمنحتب الثالث»، وقد وجد كل أبنيته مخرَّبة، وتبلغ مساحته ثلث معبد الملكة «توسرت» تقريبًا. لكن، لم يتبقَّ منه إلا الخنادق التي كانت قد قُطعت في الصخر ووُجدت مملوءة بالرمل. 

وقد عُثر في أساس المعبد على ثمانية ودائع أساس، وهذه الودائع في الأصل كانت تحتوي على حوالي مائة وخمسين لوحة صغيرة مطلية، وجعارين أيضًا، وحوالي مائتين وثلاثين خاتمًا، ومائة لوحة صغيرة مصفحة بالفضة والذهب، وكلها باسم الملك «سبتاح». 

أيضا، تم العثور على حوالي مائة لوحة من هذه الأشياء باسم حامل الخاتم الملكي «باي»، وأكثر من مائتين وألف من النماذج المطلية والخواتم، وحوالي مائة وخمسين من نماذج آلات. تُضاف إلى ذلك الأواني الملونة المصنوعة من الفخار والأحجار وغيرها. 

وقد وُجد في مكان كل وديعة قطعة من الحجر الرملي عليها طغراء هذا الملك وأخرى مشابهة باسم «باي» وألقابه.

وكشف عن قبر هذا الملك الأثريان ديفز وأيرتون؛ ويقع على الممر الشمالي المؤدي إلى مقبرتي «توسرت» و«سيتي الثاني»، وتُرى صور هذا الملك بجانب الملكة على جدران الدهاليز الأولى للمقبرة.

وتشير الموسوعة المصرية إلى أن أنصار الملك الذي كان يناهض «سبتاح»، دخلوا المقبرة بعد دفنه بمدة وجيزة، ومحوا اسمه أينما وجدوه. وقد حمل الكهنة مومياءه إلى مقبرة «أمنحتب الثاني» ودفنوها هناك، وقد ظلت فيها إلى أن كشفت المقبرة.

مرض عجيب

وكما أن حياة الملك «سبتاح»، كانت مليئة بالجدل والمراوغات، فإن مرضه أيضاً حير العلماء، حتى أن دراسة دولية، نشرتها دورية «العلوم العصبية»، لم تجد أفضل من حالته لتكون نموذجاً للمشاكل المرتبطة بتشخيص الأمراض في العالم القديم.

وقد أجرى عالم التشريح الأسترالي جرافتون إليوت سميث في عام 1905، تشريحاً للمومياء، رجح على إثره أن «سبتاح» كان مصاباً في قدمه اليسرى بـ«القدم الحنفاء»، وهي تشوهات خُلقية بالقدم تظهر منذ الولادة، حيث تكون قدم الطفل ملتوية عن شكلها الطبيعي.

لكن، استبعدت دراسة لاحقة أجريت بالأشعة السينية عام 1968، هذا التشخيص، واستندت إلى أن هناك ضمور وقصر، ملاحظ في الساق اليمنى، يرجح بشكل أكبر الإصابة بشلل الأطفال. وقد أجرى هذه الدراسة والتر وايتهاوس، اختصاصي الأشعة بجامعة ميتشيجان الأمريكية، ونشرت نتائجها عام 1973. وحظي تشخيص وايتهاوس باهتمام كبير، حتى بات التأريخ لمرض شلل الأطفال يتوقف عند حالة الملك «سبتاح».