الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وماذا بعد النزوح إلى جنوب غزة؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

خبر خبيث أذاعته هيئة البث الإسرائيلية متزامنًا مع توقيت انعقاد القمة العربية الإسلامية يوم 11 نوفمبر التي انعقدت بالرياض، يقول الخبر أن تقديرات أمنية إسرائيلية ترجح وجود معظم المحتجزين الاسرائيليين في منطقة ما بجنوب غزة، وأن هؤلاء المحتجزين موجودون تحت يد حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى في مناطق جنوب القطاع.

وهنا مربط الفرس بعد أن أعادت إسرائيل شمال غزة إلى العصر الحجري، وعز على سكانه شربة ماء، وبعد أن تلاحقت الدعوات الإسرائيلية لسكان الشمال للنزوح نحو الجنوب تحت دعاوى مكذوبة، ها هي تمهد للتحرك نحو الجنوب من خلال تمهيدها الإعلامي بأن مواطنيهم الرهائن لدى حماس محتجزون جنوب القطاع، ولم تخجل هيئة البث الإسرائيلية وهي تضيف في خبرها الملغوم من أن تذكر بأن تلك التقديرات الامنية تشير إلى أنه حتى قبل بدء الهجوم البري للجيش الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، كان معظم الرهائن الإسرائيليين محتجزين في جنوب قطاع غزة.

والمعروف لدى الجميع أن تلك الهيئة لا تتحرك بمفردها ولا تتجه نحو مهنية إعلامية للبحث عن مصداقية ما تذيعه ولكنها تعتبر الذراع الإعلامي للمؤسسات الأمنية الإسرائيلية وينحصر دورها في أعمال البروباجندا كغطاء لما ينتوي الجيش الإسرائيلي على تنفيذه.

تم تخريب شمال القطاع والآن ينظرون نحو الجنوب الذي طالما ردد قادة إسرائيل سواء السياسيين منهم أو العسكريين بأن جنوب غزة يعتبر ملاذا آمنا للمدنيين الفلسطينيين الذين نزح منهم بالفعل ما يقترب من 200 ألف فلسطيني في الأيام الثلاثة الأخيرة.

إذن نحن نتكلم الآن عن كامل غزة وعن كامل أبناء غزة لا فرق بين من يحمل السلاح منهم ومن لا يحمله، المخطط هو الإبادة الشاملة للناس وحرق الأرض وتجريفها كوثيقة عار سوف تظل على جبين العالم مدى الدهر، ولعل بث هذا الخبر في ذات توقيت انعقاد القمة العربية والإسلامية يحمل رسالة للمشاركين في المؤتمر مفادها "تكلموا أنتم ونحن ماضون في طريقنا التخريبي"

المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هجاري يقول إن عدد المحتجزين في غزة هو 239 شخصًا، وبعض التقارير تقول إننا على أبواب صفقة تبادل للأسرى وتحددت ملامح تلك الصفقة بمشاركة رئيس السي آي أيه وبمعرفة وموافقة الطرف الإسرائيلي فلماذا تبدع هيئة البث الإسرائيلية وهي تذيع خبرها الخبيث عن وجود مواطنيهم في الجنوب؟ 

الذاكرة القريبة لنا تقول الألعاب الإسرائيلية تبدأ بتسريب وتنتهي بالدم لبلوغ هدفها، قبل شهر من الآن خرج عدد من المحللين الإسرائيليين يرددون نغمة موحدة وكأنها تم توزيعها عليهم من جهاز أمني إسرائيلي وكان مضمون تلك النغمة هو لماذا لا تستضيف سيناء شعب غزة لحين الإنتهاء من حماس؟ تلك النغمة قوبلت بالبتر الحاسم من الجانب المصري، والآن تعود ذات النغمة ولكن على تنويعة أخرى وهي دفع السكان من الشمال نحو الجنوب اختياريا ومن ثم تحت دعوى وجود الأسرى الإسرائيليين في جنوب غزة تبدأ المرحلة الثانية بدفع السكان ولكن هذه المرة إجباريا نحو سيناء.

هذه الألعاب الإسرائيلية مكشوفة تماما لدى أجهزة الأمن المصرية لذلك نرى عند الكلام عن سيناء لغة مصرية لا تغلفها الدبلوماسية ولا تعرف التوازن ولكنها لغة الحسم الباتر بأن مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية على حساب الدول المجاورة، ونضع تحت عبارة "لن تسمح" عشرات الخطوط الحمراء كي يفهمها الخصم المتغطرس الذي لا تنتهي حججة الواهية من أجل التوسع سواء على الجانب اللبناني أو الأردني أو المصري وفرض الأمر الواقع على الجميع، وهنا نعود لنذكرهم بموقفنا الواضح وهو أننا "لن نسمح".