السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بعد اختتام القمة الروسية الأفريقية.. بوتين يتعهد بإرسال الغذاء والسلاح وتعزيز أمن الطاقة بدول القارة.. والسيسي يكشف ملامح الرؤية المصرية لأولويات التعاون المشترك.. وخبراء: القمة تبعث برسالة طمأنة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اختتمت القمة الروسية الأفريقية، مساء أمس الجمعة، بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وسط تعهدات بتعزيز الشراكة بين الجانبين في مجالات التجارة والأمن والغذاء والتكنولوجيا، وهو ما أوصى به البيان الختامي للقمة، الذي أشار إلى مخاطر ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة، وكذلك الأعمال الإرهابية في القارة الإفريقية، واعتمدت القمة خطة للتعاون في مكافحة الإرهاب، وخطة لتنشيط التنسيق في السياسة الخارجية.

وخلال كلمته في ختام القمة تعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بإرسال الغذاء والسلاح لأفريقيا وتعزيز التعاون مع أجهزتها الاستخباراتية، وقال بوتين في مؤتمر صحفي: "ستكون هناك آلية عمل وتنسيق بين روسيا وأفريقيا في المرحلة المقبلة، وقال "سنقدم مساعدة للدول الأفريقية لمحاربة الأوبئة، وقد وصلت المبالغ المخصصة إلى 1.5 مليار روبل".

وأضاف "بوتين" أن الشركات الأفريقية منفتحة على تمكين الشركاء الأفارقة من التكنولوجيا وزيادة التعاون الثقافي والرياضي، وأن لدى موسكو خطة عمل مع أفريقيا حتى عام 2026 تهدف لزيادة التبادل التجاري وبنيته التحتية والتعامل بالعملات المحلية، قائلا: "اتخذنا موقفا موحدا بالقمة الأفريقية الروسية على تحدي النظام الاستعماري ومحاولات القضاء على القيم".

وفي وقت سابق، قال بوتين إن بلاده وأفريقيا "تؤيدان إنشاء عالم متعدد عادل مبني على احترام الشرعية الدولية". وأضاف أن موسكو تعارض فرض بعض الدول منظومة قائمة على القواعد التي تلائمها وليس على القانون الدولي.

وأكد بوتين أن روسيا مستعدة لتزويد أفريقيا ببعض الأسلحة مجانا لتعزيز الأمن في القارة والعمل بشكل أوثق مع أجهزة إنفاذ القانون والمخابرات الأفريقية.

وأضاف أن بلاده ستزيد الصادرات الزراعية وستظل موردا للغذاء يمكن الاعتماد عليه. وذكر أن موسكو ألغت ديونا على أفريقيا بقيمة 23 مليار دولار، من دون أن يوضح الفترة الزمنية أو يحدد الدول المعنية.

وأشار بوتين إلى أن أفريقيا تتحول إلى مركز قوة جديد وينبغي للجميع أخذ ذلك في الحسبان. وقال "لنأخذ على سبيل المثال مبادرة عدد من الدول الأفريقية بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية. هي مشكلة حادة ونحن لا نتغاضى عن النظر فيها. هذه الخطوة تدل على الكثير، إذ إن كافة عمليات الوساطة في السابق كانت حصرية على الدول التي يّقال إنها ديمقراطيات نامية، أما الآن فلا".

وأضاف "اليوم أفريقيا مستعدة للمساعدة في معالجة مشاكل تقع خارج نطاق مصالحها الأساسية. بكل احترام نتعامل مع مبادرتكم، وسندرسها بكل اهتمام".

وكانت القمة الروسية الأفريقية، قد انطلقت في نسختها الثانية، أمس الأول الخميس، في مدينة سان بطرسبورغ الروسية، في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين موسكو ودول القارة السمراء والارتقاء بها لمستوى جديد، بمشاركة عدد من قادة الدول الأفريقية، بينها مصر وجنوب أفريقيا، ضمن 49 دولة أفريقية من أصل 54 في القمة، التي عقدت نسختها الأولى في مدينة سوتشي الروسية عام 2019.

نشاط مكثف للسيسي في روسيا

وشهدت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا نشاطا حافلا خلال المشاركة في القمة الروسية الإفريقية حيث التقى الرئيس السيسي في اليوم الأول من الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في "قصر قسطنطين" بمدينة سانت بطرسبرج.

وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس الروسي رحب بزيارة الرئيس إلى روسيا، مشيدًا بالدور الهام للرئيس في إطلاق النسخة الأولى من القمة الروسية الأفريقية أثناء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي في عام 2019، والتي هدفت إلى دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الأفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.

كما أشار الرئيس بوتين إلى الأهمية التي يوليها لاستمرار التنسيق والتشاور مع السيد الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتقديره لدور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأضاف المتحدث الرسمى أن  الرئيس أعرب عن حرصه على تعميق علاقات الشراكة مع روسيا الاتحادية في إطار التطور المستمر الذي تشهده تلك العلاقات، والذي تكلل بالتوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام ٢٠١٨، مشيدًا في هذا الصدد بالتعاون الثنائي القائم في العديد من المجالات والمشروعات المشتركة الجارية، خاصةً مشروع إنشاء المنطقة الصناعية الروسية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروع إنشاء محطة الضبعة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية.

كما أكد الرئيس أهمية العمل على بلورة نتائج فعلية وعملية من القمة الروسية الأفريقية لصالح الشعوب الأفريقية بالمقام الأول، باعتبار أن القمة تستهدف إرساء التعاون المستدام بين روسيا والدول الأفريقية، معربًا في هذا الصدد عن استعداد مصر لتعزيز مختلف أوجه التعاون الثلاثي بين البلدين في القارة الأفريقية.

وأشار المتحدث الرسمي إلى أن الرئيسين تطرقا خلال اللقاء إلى تطورات عدد من الموضوعات المتعلقة بالعلاقات الثنائية، ومنها مشروعي محطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية، إلى جانب التعاون فى مجال تطوير منظومة النقل والسكك الحديدية، وكذا على صعيد التعاون المشترك في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب.

على جانب آخر، استعرض الرئيسان القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأن عدد من النزاعات القائمة فى منطقة الشرق الأوسط، وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في السودان وسوريا وليبيا، والقضية الفلسطينية، حيث توافقت الرؤى على دفع الجهود من أجل استعادة وترسيخ الأمن والاستقرار والسلام لدول المنطقة، وعلى نحو يحافظ على وحدة وسيادة أراضيها وحقوق شعوبها المشروعة.

كما قام الرئيس بوتين بإحاطة الرئيس بمستجدات الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث أكد الرئيس دعم مصر لكافة المساعي التي من شأنها سرعة تسوية الأزمة سياسيًّا بشكل سلمي من أجل الحد من المعاناة الإنسانية القائمة، وإنهاء التداعيات الاقتصادية السلبية على دول العالم خاصة الدول النامية والأفريقية، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين.

كما شهد اليوم الثاني مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي والإنساني، الذي عقد على هامش أعمال النسخة الثانية من القمة الأفريقية الروسية المنعقدة بمدينة سان بطرسبرج.

وشهدت الجلسة الافتتاحية إلقاء كلمات لكلٍ من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب رئيس جمهورية جزر القمر باعتباره الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.

جدير بالذكر أن المنتدى الاقتصادي والإنساني يشمل أيضًا تنظيم 38 جلسة موضوعية، تم توزيعها على أربعة محاور هي الاقتصاد العالمي الجديد، والتكامل الأمني وتعزيز السيادة، والتعاون في مجال العلوم وتكنولوجيا المعلومات، والتعاون الإنساني والاجتماعي.

كما شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة سان بطرسبرج، في اجتماع مع قادة الدول الأفريقية لمبادرة الوساطة لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية؛ الرئيس "عثمان غزالي" رئيس جزر القُمُر الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، والرئيس الجنوب أفريقي "سيريل رامافوزا"، والرئيس الكونغولي "دينيس ساسو نيجيسو"، والرئيس السنغالي "ماكي سال"، والرئيس الأوغندي "يوري موسيفيني".

وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن القادة الأفارقة تابعوا خلال الاجتماع تطورات الموقف التنفيذي للمبادرة، خاصةً عقب زيارة الوفد الأفريقي لكل من روسيا وأوكرانيا في شهر يونيو الماضي لمحاولة الإسهام بشكل جاد في مساعي الحل الجارية للأزمة بين البلدين، مع تأكيد مواصلة دعم القارة لكافة الجهود الرامية لتسوية الأزمة الروسية الأوكرانية اتصالًا بالتداعيات الاقتصادية بالغة الأثر على اقتصادات الدول الأفريقية والحفاظ على السلم والأمن الدوليين.

كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس "سيريل رامافوزا"، رئيس جمهورية جنوب أفريقيا، على هامش انعقاد القمة الأفريقية الروسية الثانية بمدينة سان بطرسبرج.

وصرح المستشار أحمد فهمي أن الرئيس أكد تطلع مصر لتعزيز العلاقات الثنائية التاريخية بين البلدين الشقيقين، وتفعيل أطر التعاون المشترك في شتى المجالات، خاصةً ما يتعلق بزيادة التبادل التجاري، واستكشاف فرص الاستثمار المتبادلة، بما يحقق المصالح المشتركة، إلى جانب مواصلة التنسيق بشأن قضايا القارة الأفريقية ذات الاهتمام المتبادل.

من جانبه، أكد الرئيس رامافوزا حرص جنوب أفريقيا على تطوير علاقات التعاون مع شقيقتها مصر، ودفعها نحو آفاق أرحب من العمل المشترك، فضلًا عن مواصلة التشاور مع مصر بشأن القضايا والتحديات التي تواجه أفريقيا، خاصةً في ظل الدور المصري الرائد على الصعيد الأفريقي، وجهودها في دفع عملية التنمية وصون السلم والأمن بالقارة الأفريقية.

وأضاف المتحدث الرسمي أن المباحثات تناولت آخر المستجدات والتطورات الإقليمية على المستوى القاري، فضلًا عن أهم تطورات الملفات ذات الاهتمام المشترك على المستوى الدولي، لا سيما الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث تم في هذا الصدد تبادل وجهات النظر بين الزعيمين بشأن مستجدات المبادرة الأفريقية للوساطة في الأزمة، والتي تضم كلًا من مصر وجنوب أفريقيا في عضويتها.

وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمدينة سان بطرسبرج، في غداء عمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى جانب رؤساء الدول والحكومات الأفارقة من رؤساء التجمعات الاقتصادية الأفريقية المختلفة.

وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس شارك في هذا الحدث باعتباره الرئيس الحالي للوكالة الإنمائية للاتحاد الأفريقي "نيباد"، التي تمثل الذراع التنموي للاتحاد، خاصةً فيما يتعلق بحشد الموارد المالية التي تُمكِّن من تنفيذ المشروعات القارية الرائدة لأجندة أفريقيا التنموية 2063، فضلًا عن تعزيز الجهود القائمة لتحقيق الاندماج القاري، بما فيها اتفاقية التجارة الحرة القارية، بالإضافة إلى دعم المبادرات الهادفة إلى تطوير التنمية في أفريقيا، لا سيما مشروعات البنية التحتية والتحول الصناعي.

واستعرض الرئيس الرؤية المصرية لأولويات الشراكة الأفريقية الروسية، على النحو التالي:

أولًا: تعزيز السلم والأمن في القارة، في ضوء حرص مصر على دعم القدرات الأفريقية في هذا الصدد، بما في ذلك عبر تفعيل ريادة مصر لملف إعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات على مستوى الاتحاد الأفريقي والذي تستضيف القاهرة في إطاره مركز إعادة الإعمار والتنمية، بالإضافة للحفاظ على دورية انعقاد منتدى أسوان للسلم والأمن والتنمية المستدامة كمنصة نقاش هامة ورئيسية.

ثانيًا: تُدرك مصر عُمق الرابطة بين التنمية من ناحية وبناء واستدامة السلام من ناحية أخرى. لذا، تحرص مصر في إطار تولي رئاسة لجنة النيباد خلال العامين المُقبلين عل الدفع بتنفيذ برنامج تفعيل الرابطة بين السلم والأمن والتنمية، وكذا تكثيف جهود حشد الموارد للاستثمار في البنية التحتية ومشروعات الربط القاري.

ثالثًا: تعزيز قدرات القارة على تحقيق أمنها الغذائي عبر إيجاد حلول لتوفير الغذاء والأسمدة والتكنولوجيا الزراعية وآليات التمويل اللازم لها.

رابعًا: مواجهة تحديات تغير المناخ واتخاذ خطوات جادة وصادقة نحو توفير التمويل اللازم لدعم الدول الأفريقية في مساعيها ذات الصلة

وفي اليوم الثالث والأخير بختام القمة قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: تشرفت إلى جانب الرئيس بوتين بإطلاق النسخة الأولى من القمة الروسية الأفريقية عام 2019، كما استعرض الرئيس السيسي رؤية مصر تجاه التعاون الروسي الأفريقي وتجاه الظرف الدولي الراهن.

وفي هذا الشأن، أكد الدكتور أيمن سمير، خبير العلاقات الدولية، أن المشاركة المصرية في القمة كانت فعالة، مؤكدًا ان القمة تعد نتاج لجهود القيادة السياسية في مصر، وتعد الدورة الثانية من القمة هي تفعيل للآلية المصرية بضرورة إقامة قمة إفريقية روسية.

وأضاف "سمير" أن مصر ترأست الجانب الإفريقي في القمة الأولي بمدينة سوتشي الروسية، وتأتي النسخة الثانية لتؤكد على أهمية هذه القمة، والتي تأتي لتعميق العلاقات بين روسيا وافريقيا، الأمر الذي يعكس در مصر في إقامة هذه القمة والتي وضحت في إشادة الرئيس الروسية بدور مصر في إقامة هذا الحدث العالمي. 

وتابع: "مصر من خلال كلمة الرئيس السيسي تحمل لواء الدول الإفريقية فيما يتعلق بأمن الطاقة والأمن الغذائي، وقل انعكس ذلك في كلمة الرئيس السيسي خلال القمة". 

أما د. حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، أكد أن البيان الختامي للقمة أوضح جميع الجوانب المتعلقة بالعلاقات الروسية الإفريقية، وبعثت برسالة طمأنة للدول الإفريقية. 

وأضاف "فارس" في تصريحات تليفزيونية، أن الدول الإفريقية تعاني أشد المعاناة في أمن الغذاء وأمن الطاقة، وهما الملفان الأخطر على القارة، إلا أن القمة ستحدث نقلة نوعية في العلاقات الروسية والأفريقية، كما أن القارة الأفريقية أصبحت لها ثقل وتسعى القوى الكبرى للاستفادة من قوة القارة".