الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

بعد حادث «كنيس جربة»| مخاوف تونسية من عودة العمليات الإرهابية.. تكثيف الإجراءات الأمنية لحماية الأماكن الدينية وطمأنة السائحين

كنيس جربة
كنيس جربة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد حادث "كنيس جربة"، سادت حالة من الخوف بشأن تجدد عودة العمليات الإرهابية إلى المشهد التونسي، خاصة وأن المراقبين والسياسيين يحذرون من أي تصرف غير مسئول قد يضر بالموسم السياحي المقبل في البلاد، بينما شدد آخرون على ضرورة إقصاء العناصر المنتمية إلى تنظيم الإخوان الإرهابي من مفاصل الدولة، خاصة وأنهم يملكون أفكارًا متطرفة وأجندات خارجية.
وتسبب الهجوم الذي وقع في كنيس "الغريبة" بجربة، الثلاثاء الماضي، في وقوع ٥ قتلى من بينهم المهاجم، فضلا عن إصابة نحو ١٠ آخرين. وفي اليوم نفسه، وفي "سوسة" أصدر قاضي التحقيقات الأول بالمحكمة الابتدائية مذكرة إيداع ثانية بحق راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة رغم رفضه حضور جلسة التحقيق، في قضايا تبييض أموال والتآمر على أمن الدولة الداخلي، بينما يواجه نائباه على العريض ونور الدين البحيري نفس المصير، حيث الاحتجاز والسجن على ذمة قضايا التسفير ومنح جوازات سفر غير قانونية، وقضايا فساد وغسيل أموال. 

نزار الجليدي

جهود أمنية
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي التونسي نزار الجليدي، إن تاريخ آخر عملية إرهابية في تونس يعود إلى ٢٦ نوفمبر ٢٠٢١ حينما حاول إرهابي استهداف وزارة الداخلية والدوريات الأمنية في شارع الحبيب بورقيبة، وقد تمّ إحباط المحاولة بنجاح. أما أكبر العمليات الإرهابية التي حدثت وراح ضحيتها مدنيون وأجانب فكانت في متحف باردو يوم ١٨ مارس ٢٠١٥ حيث توفّي ٢٣ شخصا، منهم ١٧ سائحا، إضافة إلى ٥٠ جريحاً. وكذلك العملية الإرهابية بنزل الإمبريال بسوسة في صيف ٢٠١٥ والتي ذهب ضحيتها ٣٨ سائحا أجنبيا والعمليّة الثالثة وقعت في محيط الغريبة يوم ٩ مايو ٢٠٢٣ وسقط فيها كما هو معلوم زائرون للمعبد اليهودي إضافة الى عوني أمن. والمؤسف أنه في عمليتي باردو وسوسة لم يتمّ حسن التعامل مع الأزمة، وتضررت السياحة لحد الانهيار تقريبا، وذلك بسبب الخطاب السياسي المعتمد حينها، والتقليل من حجم الحادثين وعدم تحديد المسئوليات بدقّة. وأضاف "الجليدي" في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز"، أننا اليوم ونحن على أبواب موسم سياحي كان واعدا جدا، وبعدما حدث لا بد من حسن إدارة الأزمة والتحلي بالهدوء والابتعاد عن التشنّج من أجل بعث رسالة طمأنة إلى العالم، والتأكيد على أن الحادث الإرهابي كما حدث في تونس كان يمكن أن يحدث وحدث في عديد الدول السياحية وآخرها تركيا والتي لم تنهر فيها السياحة كما يبشر بذلك المتشائمون من التونسيين.
وأكد "الجليدي"، أن الجهود الأمنية الكبيرة خفّفت كثيرا من دموية الحادث الإرهابي، وقد أشادت بها حتى وزارة الخارجية الأمريكية حيث قال المتحدث باسم الوزارة عبر حسابه على تويتر "تستنكر الولايات المتحدة الهجوم الذي وقع في تونس بالتزامن مع الزيارة السنوية التي يقوم بها اليهود من مختلف أنحاء العالم لكنيس الغريبة اليهودي". مضيفا: "نقدم تعازينا للشعب التونسي ونثني على التحرك السريع لقوات الأمن التونسية". ونحن ندرك أن الإجراءات الأمنية المتبعة في حماية الزوار للمعبد ولجزيرة جربة كانت استثنائية ولا بد من تسويق ذلك للخارج وطمأنة السياح كي لا يقع إلغاء الحجوزات. موضحًا، أن التونسيين بحاجة الى الوحدة الوطنية أكثر من أيّ وقت مضى ووزارات السياحة والخارجية من خلال سفاراتها بالخارج عليهما التحرّك سريعا ووضع كل الإمكانيات المادية واللوجستية تحت ذمتهما فتطويق الأزمة لا يزال ممكنا. ولا عزاء للشامتين وستكشف التحقيقات إن كانت عملية ذئب منفرد أم بتخطيط من ذئاب متكالبة.

راشد الغنوشي

حركة النهضة وعلاقتها بحادث جربة
أما ما يخص حصول الغنوشي وقيادات النهضة على بطاقات إيداع في التهم الموجه إليهم، قال "الجليدي"، إن بقاء الغنوشي وقيادات النهضة في السجون جاء بناء على إذن قضائي وترتيبات قضائية بعد تحريرات ونصوص مهمة أمام القضاء، وأنه من الواجب الإشارة إلى تورط حركة النهضة في حادث جربة بشكل مباشر، بمعنى أن الحركة هي التي خلقت هذا الجو من العدائية والكراهية لم تعرفه تونس إلا ما قل وندر، وبيانات الحركة حول إدانة الحادث أو التنصل منه عادة إخوانية معروفة. وقال المحلل السياسي التونسي، إن السؤال المطروح الآن هو كيف ستتخلص تونس من هذه الجراح التي ظنت أنها قد تخلت عنها وانتهت! وما هي المراجعات الممكنة لكل الذين تكونوا في الأمن! خاصة وأن هذه العملية فريدة من نوعها، لأن الغادر والقاتل من قوات الأمن وهو من خريجي مدارس الشرطة والأمن الذين تخرجوا فيما بعد ٢٠١١ بما معنى أن هناك مسئولية تنظيمية فكرية تقع على عاتق حركة النهضة. وعن رفض مثول الغنوشي أمام القضاء، لفت "الجليدي" إلى أن رئيس حركة النهضة يحاول ترويج مظلومية جديدة لنفسه، وتحويل الأضواء إليه بوصفه سجينا سياسيا أو سجين رأي، والحقيقة أنه يواجه قضايا إجرامية جنائية بالأساس وليست قضايا سياسية.

منجي الرحوي في وقفة احتجاجية الأربعاء الماضي

"الإخوان" ومؤسسات الدولة
بدوره، قال السياسي التونسي منجي الرحوي، الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، إن الإرهاب الذي استهدف "جربة"، جزيرة السلام والمحبة، كان مسنودا من قبل أحزاب سياسية إخوانية سيطرت على مفاصل الدولة طوال عشر سنوات ماضية، وإن استئصال هذه العناصر الإخوانية التي تسللت إلى أجهزة الإدارة والقضاء والأمن واجب وطني، لأن تونس تخوض معركة حامية بينها وبين الوكلاء المحليين للمستعمر الخارجي. وذلك في إشارة منه لتورط حركة النهضة الإخوانية في عدة أعمال إرهابية شهدتها تونس طوال مرحلة سياسية منصرمة. وأضاف "الرحوي" خلال كلمة ألقاها، الأربعاء الماضي، في وقفة احتجاجية للمطالبة بكشف حقيقة الاغتيالات السياسية والتي طالت كل من السياسي التونسي شكري بلعيد ومحمد البراهمي، أن منظومة الإرهاب هي منظومة التسفير، والاغتيالات، والجهاز السري، والتهريب، والأمن الموازي، ومنظومة التمكن من مفاصل الدولة، فهم خلال عشرية كاملة دمروا الدولة والمجتمع، وعملوا على التغلغل داخل مؤسسات الدولة، واليوم يجب التوجه نحو تطهير ومعالجة الدولة بشكل فوري وعاجل، واستئصال من تم زرعه في الإدارة والقضاء والأمن.
مستكملا، أن الظرف الآن يشهد فتح ملفات عدة لهؤلاء الذين كانوا في الماضي يقبعون تحت لافتة "الإفلات من العقاب"، ويرفعون شعار أنهم أصحاب الملفات البيضاء والفارغة، ويرددون أن من يمتلك ضدهم دليلا فيتقدم به وليواجهنا به، والآن عندما نلجأ للقضاء يلجأون للعنف، وكما قال الشهيد شكري بلعيد إنهم كلما تم تضييق الخناق عليهم اتجهوا للعنف.
وأكد "الرحوي"، أن تونس اليوم في معركة حامية بين كل تونس وبين وكلاء المستعمر والخونة، فالمعركة وطنية بالدرجة الأولى، والإرهاب أحد أذرع الخونة والوكلاء المحليين للمستعمر.
كلمة "الرحوي" التي أشارت إلى عدة قضايا تواجه قيادات عليا من حركة النهضة، مثل تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب، ومنح جوازات سفر غير قانونية، وقضايا فساد وغسيل أموال، وتآمر على أمن البلاد الداخلي، وهي القضايا التي جرى على إثرها توقيف رشيد الغنوشي رئيس الحركة ونائبيه علي العريض ونور الدين البحيري وغيرهم من شخصيات أخرى تابعة للحركة الإخوانية.  وأثارت كلمة "الرحوي" غيظ حركة النهضة، التي أصدرت بدورها بيانا مساء نفس اليوم، تندد فيه بكلمته، ووصفتها بأنها احتوت "كومة من الحقد والأباطيل والأراجيف والاتهامات المجانية لحركة النهضة والتحريض عليها"، حيث قررت الحركة رفع دعوى قضائية عاجله ضده، للتحقيق معه فيما قاله بحق الحركة وقيادتها.