الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الهروب الكبير.. ماذا ترك العالم وراءه في الخرطوم؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حينما تنطلق الرصاصات فإنها عمياء لا تفرق بين مدني أو عسكري أو ميليشاوي، وتقود غريزة الإنسان في محاولته للبقاء، للفرار من الأخطار التي تجابهه، ليصبح "الهرب" هو الملاذ الآمن له فوق الأرض السودانية في الوقت الحالي ليتسابق العالم فرارا، تاركا وراءه أكثر من ٤٠ مليون نسمة، محاصرين تحت وطأة المواجهات المسلحة التي اندلعت منتصف أبريل الجاري، بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع، وتردي الأوضاع بسبب انقطاع المياه والكهرباء والاتصالات وقرب انهيار القطاع الصحي.
وحرصت دول العالم خلال الأيام الماضية على إجلاء رعاياها من السودان، مع استهداف مقار السفارات والبعثات الأجنبية من عناصر الميليشيات، بالإضافة إلى محاولة الآلاف من الشعب السوداني للتوجه إلى حدود دول الجوار، للنجاة من المصير المجهول في بلادهم، بعدما أصبح العيش فيها من دروب المستحيل.
ومازالت جهود التهدئة التي تقودها مصر وبعض القوى الإقليمية والدولية، تسعى لإقرار هدنة تلو الأخرى لتخفيف وطأة الأزمة على الشعب السوداني، واستكمال عمليات الإجلاء، في الوقت الذي أكد فيه مراقبون أن الوضع في الأيام المقبلة سيشهد تطورات كبيرة تظهر مؤشراته برحيل البعثات الدبلوماسية وإغلاق بعض الدول سفاراتها وقنصلياتها.
وخلال الأيام التي أعقبت الخامس عشر من أبريل، الذي اندلعت فيه المواجهات المسلحة، باتت جملة "دق ناقوس الخطر" هي العنوان الذي يمكن أن يأتي بعده كل المعلومات الواردة من المنظمات الدولية الإنسانية حول العالم، بشأن الوضع في السودان، حيث أكد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الأربعاء الماضي أن المنظمة تتوقع المزيد من الوفيات في السودان بسبب تفشي الأمراض ونقص الخدمات الضرورية في ظل القتال العنيف.
وأوضح جيبريسوس: "بالإضافة إلى الوفيات والإصابات الناجمة عن النزاع نفسه، تتوقع منظمة الصحة العالمية المزيد من الوفيات بسبب تفشي الأمراض ونقص الغذاء والمياه وتعطل الخدمات الصحية الضرورية بما في ذلك التطعيم"؛ مشيرا إلى أن ١٦٪ فقط من المرافق الصحية تعمل في العاصمة السودانية الخرطوم.
وقبل بيان منظمة الصحة العالمية، بأربع وعشرين ساعة، أصدرت الأمم المتحدة تحذيرا من مغبة النقص الحاد في الماء والغذاء والدواء في السودان جراء الاشتباكات المحتدمة بين الجيش وقوات الدعم السريع، مؤكدة أن ١٥ مليون سوداني يحتاجون للدعم الإنساني العاجل.
ولجأ بعض السودانيين إلى نهر النيل مباشرة، لتعويض النقص في المياه، وعادت عربات "الكارّو" الخشبية، التي تجرها الدواب، إلى الظهور في أحياء وسط العاصمة، الخرطوم، إذ يستخدمها البعض لجلب المياه في أوان كبيرة من نهر النيل.
وقال فرحان حق، نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، "إن أسعار المواد الأساسية ووسائل النقل ارتفعت بشكل هائل"، وأشار حق إلى ورود مزيد من التقارير عن نهب الإمدادات الإنسانية ومخازن الإغاثة.
ولم ينج أحد من المواجهات الدائرة في السودان، حيث أكدت منظمة اليونيسيف مقتل ٩ أطفال، وإصابة ٥٥ آخرين، واصفة الوضع الإنساني في السودان بـ"الكارثي" حتى قبل الأزمة الحالية، حيث كان أكثر من ثلاثة ملايين طفل يعانون من سوء التغذية.
وأكدت المنظمة الأممية المعنية بالأطفال في بيانها الأربعاء الماضي أن: "العديد من مراكز التغذية أو المستشفيات المتخصصة موجودة في مناطق الاشتباكات أو أقفلت بسببها، وبالتالي هناك عدد كبير من الأطفال الذين لا يستطيعون الوصول إلى هذه الأماكن، وهي حاجة ماسة لأننا نعلم أن الأطفال المصابين بسوء التغذية يجب أن يتبعوا برنامجًا مكثفًا لكي يستردوا صحتهم رويدا رويدا".
ولفتت المنظمة، إلى أن الأخطر وجود ١٧٠٠ طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، لديهم أيضا مضاعفات صحية، وهؤلاء الأطفال بحاجة إلى رعاية مستمرة على مدار الساعة"، ومن المرجح جدًا أن يكون هناك عدد كبير من الوفيات بين هذه الفئة من الأطفال".
وتوقفت ٧٢٪ من المستشفيات عن العمل، بحسب بيان نقابة الأطباء في السودان، يوم الخميس الماضي، الذي أكد قصف ١٤ مستشفى منذ بدء المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
فيما حذرت منظمة الصحة العالمية الخميس، بشأن تعرض معمل "ستاك" للأبحاث الطبية والبيولوجية لهجمات من قوات الدعم السريع، ما ينذر بكارثة صحية في السودان، بعدما اقتحمت الميليشيات مقر المعمل في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث يحتوي على مسببات أمراض الحصبة والكوليرا السريعة العدوى والشلل والسل الرئوي، وعينات محورة من فيروس كورونا "كوفيد ١٩"، حيث يجري الأطباء بالمعمل العديد من الأبحاث على مسببات تلك الأمراض، وهو ما ينذر بكارثة صحية كبيرة إذا حدث تسرب لمسببات الأمراض خارج إطار المعمل.