السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

ألكسندر عون يكتب: تطورات سورية.. بشار الأسد يستعيد اتصالاته مع جيرانه العرب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى أعقاب الزلزال الرهيب الذى دمر جزءًا من الأراضى السورية، تمكن بشار الأسد من إحياء الاتصالات والعلاقات مرة أخرى مع شركائه العرب حيث تعيد المملكة العربية السعودية فتح سفارتها قريبًا فى دمشق مما يعنى بداية لإذابة الجليد بين العديد من الدول ودمشق نتيجة وساطة عدة دول.
بعد تصاعد التضامن العربى مع سوريا بعد الزلزال الذى إجتاحها فى فبراير الماضى، قامت الجهات الدبلوماسية العربية بمعاودة الاتصال رسميًا مع دمشق وبالإضافة إلى الكلمات الودية لقيس سعيد وزيارة وفد لبنانى ووصول وزير الخارجية المصرى إلى العاصمة السورية وأيضا استقبال كبير لبشار الأسد فى مسقط وأبو ظبى.. الآن جاء الدور على الرياض التى أعلنت إستئناف الحوار الرسمى مع النظام السوري.
وفى الحقيقة، وفقًا للمعلومات التى كشفت عنها وكالة سبوتنيك وأكدتها وكالة رويترز بعد ذلك، فإن السعودية ستعيد فتح سفارتها فى دمشق فى نهاية شهر رمضان كما ستدعو الرياض - التى ستستضيف القمة العربية المقبلة - الرئيس السورى فى ١٩ مايو وهذا يعنى أن دمشق ستستعيد مقعدها بعد أكثر من ١٠ سنوات من التعليق.
منذ عدة أسابيع، كانت التصريحات الرسمية قد أشارت إلى حدوث تحسن مستقبلى على مستوى العلاقات الثنائية. وإدراكًا منه للحاجة إلى نقلة نوعية فى القضية السورية، أصر وزير الخارجية السعودى، فيصل بن فرحان، فى فبراير الماضى، على مكان إجراء "الحوار" لتجنب "الوضع الراهن". وأشار الرئيس بشار الأسد إلى أن "السياسة السعودية اتخذت اتجاهًا مختلفًا تجاه دمشق منذ سنوات ولم تتدخل فى الشؤون الداخلية لسوريا ولم تدعم أيًا من الفصائل".. كل ذلك يعد تغيرًا فى اللهجة يدل على مواقف كل من الرياض ودمشق طوال الأزمة السورية.
لكن ذوبان الجليد الذى نصفه يعتبر - قبل كل شيء- ثمرة وساطة مشتركة بين الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان وروسيا. وفى الحقيقة، هذه الدول الثلاث تناضل بنشاط من أجل عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية وعلاوة على ذلك، تأتى بداية التقارب السورى السعودى أيضًا فى أعقاب تجديد العلاقات بين طهران والرياض، العدوين الإقليميين السابقين. ولا يجب أن ننسى أيضا أنه نظرًا لتأثيرات كل منهما على المشهد الشرق أوسطى، يمكن أن يكون هذا الحوار مفيدًا للدول التى تتمتع فيها إيران والمملكة العربية السعودية بقوة جذب.
من استعادة حلب إلى فتح السفارات
منذ ديسمبر ٢٠١٨ وإعادة فتح سفارة الإمارات فى دمشق أعادت الدول البترولية النظر فى مواقفها تجاه بشار الأسد. بعد استعادة حلب فى عام ٢٠١٦ من قبل قوات النظام، وكانت أبوظبى أول من غيرت لهجتها. من منطق العداء للإخوان المسلمين، كان محمد بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مستعدًا حتى لتمويل التدخل السورى فى مارس ٢٠٢٠ ضد آخر معقل للمعارضة فى إدلب، والذى يسيطر عليه الإسلاميون بشكل أساسى وهم تابعون لهيئة تحرير الشام. وعلى الرغم من مخاوف واشنطن وانتقاداتها، مضى الإماراتيون فى تغيير مسارهم السياسى تجاه دمشق. بالنسبة لأبو ظبى، يتعلق الأمر بإعادة سوريا إلى فلك العروبة من خلال التنافس مع النفوذ الإيرانى، ومنذ تعليق عضوية دمشق فى جامعة الدول العربية فى نوفمبر ٢٠١١، اقتربت دمشق باستمرار من إيران على حساب دول الخليج.
وفى غضون ذلك، تحدث محمد بن سلمان، ولى عهد المملكة العربية السعودية، عن هذا الواقع الجيوسياسى الجديد خلال مقابلة عام ٢٠١٨ مع مجلة تايم الأسبوعية، قائلًا إن "بشار الأسد سيبقى على الأرجح فى السلطة". وعلى الرغم من أن الرياض لم تعيد فتح سفارتها بعد، فقد حافظ البلدان على الاتصال من خلال أجهزتهما الاستخباراتية وأيضا سافر اللواء خالد بن على الحميدان، مدير المخابرات السعودية، إلى دمشق للقاء نظيره السوري، على مملوك، فى عام ٢٠٢١ وتجدر الإشارة إلى أن هذين المسئولين قد التقيا سابقًا فى السعودية فى صيف ٢٠١٥.
وهناك علامة أخرى مهمة على حدوث تغيير فى السياسة هى إيفاد السفير البحريني، وحيد مبارك سيار، إلى سوريا فى ديسمبر ٢٠٢١. خاصة أن البحرين تنسق دائما مواقفها مع السعودية ولكن هذه العودة العربية لن تحدث دون أهداف، خاصةً أن سوريا تحتاج إلى دعم من الدول النفطية لإعادة بناء البلاد، لكن قادة الخليج ينتظرون أيضًا أن تنأى دمشق بنفسها قليلًا عن طهران.
وقامت إيران - وهى حليف بشار الأسد المخلص طوال الصراع - بنسج شبكة من التحالفات على الأراضى السورية. نما دور إيران منذ الوجود الروسى فى أوكرانيا، وحلت القوات الإيرانية محل قوات موسكو فى بعض المناطق. الإيرانيون قريبون بشكل خاص من الفرقة الرابعة التى يسيطر عليها ماهر الأسد، شقيق الرئيس السوري. وبغض النظر عن التواطؤ العسكرى، فإن إيران، مثل روسيا، حريصة على تحقيق مكاسب اقتصادية بعد استثمار عشرات المليارات من الدولارات فى عملياتها فى سوريا.
كما قامت طهران أيضا ببناء العديد من محطات الطاقة فى بانياس وحلب ولديها مستودعات فى ميناء اللاذقية.. ولكى تدعم الدولة السورية فى مواجهة نقص النفط، قامت طهران بإرسال عدة ناقلات نفطية بالإضافة إلى كل ذلك، تستثمر الدولة الإيرانية بشكل أساسى فى حلب، ثانى أهم المدن السورية، حيث تسيطر على مطار المدينة، وأيضًا فى دير الزور أو البوكمال، على الحدود السورية العراقية لتحصين ممرها البرى إلى البحر الأبيض المتوسط.
لقد عادت سوريا بالكامل إلى مجموعة دول الشرق الأوسط ويبقى أن نرى الآن ما إذا كان بشار الأسد سيستغل هذا الانفراج بين السعودية وإيران ليتبنى نفس التوازن الذى اتبعه والده.
معلومات عن الكاتب: 
ألكسندر عون.. صحفى فرنسى من أصل لبنانى متخصص فى قضايا الشرق الأوسط.. يستعرض تطور علاقات دول الخليج مع سوريا، والاتجاه نحو إعادتها إلى الحضن العربى، بعيدًا عن النفوذ الإيرانى.