الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

سقوط بغداد.. هل كان صدام حسين بين خيارى الحرب أم التنحى؟

سقوط بغداد
سقوط بغداد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بعد مرور عقدين من الخراب على سقوط بغداد في قبضة الاحتلال الأمريكي، تثار أسئلة عدة حول البدائل التي كان يمكن خلالها تغيير مجرى التاريخ ليبقى تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس بالعاصمة العراقية، ولا نرى مشهد تغطيته بالعلم الأمريكي وجره بالحبال وإسقاطه أرضا، قبل سقوطه بقبضة الاحتلال الأمريكي الذي التقطه من حفرة بمسقط رأسه في تكريت، وتسقط بعده بلاد الرافدين في فوضى عارمة وخراب.تتلاحق الأسئلة التي تبدأ بـ«ماذا لو» ثم يأتي بعدها الافتراضات التي هي في نفوس كثير من العرب أمنيات بعيدة المنال بعد ما مر العراق بعقدين من الخراب، سبقهم 30 عاما من الحروب والعقوبات والنكبات التي أتت على الأخضر واليابس، ولكن هل كان يمكن تجنيب بلاد الرافدين كل هذه الويلات وتفويت الفرصة على التحالف الغربي للتخريب والتدمير في بلاد العرب، وقد حاولت بعض الأطراف الوصول إلى تفاهم مع الرئيس الراحل برحيله عن الحكم بطريقة أو بأخرى لوقف العدوان الأمريكي ضد العراق.

بدأت إحدى محاولات تحويل فوهة الدبابة الأمريكية، عن بغداد في مستهل عام الغزو ٢٠٠٣ حيث بعث الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك بمستشاره الدبلوماسي موريس جوردو مونتاني إلى واشنطن، للتعرف بشكل أعمق على نيات الولايات المتحدة تجاه العراق ونظام الرئيس صدام حسين، والتقى "مونتاني" نظيرته الأمريكية كوندوليزا رايس، ووجه لها سؤالا مباشرا بشأن الأمر الذي يمكن أن يوقف الحملة الأمريكية ضد بلاد الرافدين.
وأورد مستشار شيراك، في كتابه المعنون "الآخرون لا يفكرون مثلنا" الذي صدر في ذكرى مرور عقدين على غزو العراق ونشرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية مقتطفات منه نهاية شهر فبراير الماضي، تفاصيل مواجهته مع "رايس" حين سألها "ما الذي يمكنه أن يجعلكم تتخلون عن خطة الحرب؟ ما الشروط التي تريدونها لذلك؟" وجاء جواب رايس كالنصل الباتر: "أن يتخلى صدام عن السلطة".
وكان موريس جوردو مونتاني مستشار دبلوماسيا للرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، ما بين ٢٠٠٢ و٢٠٠٧، ليصبح شاهدا ومشاركا في الأحداث التي سبقت مارس ٢٠٠٣ الذي شهد بداية النهاية لنظام الرئيس صدام حسين، ودخول العراق في فوضى امتدت على مدى عقدين من الزمان غير قادر على الخروج منها حتى الآن.
ولكن ما هو رأي الرئيس الراحل صدام حسين، في المطلب الأمريكي بضرورة تنحيه عن الحكم لوقف آلة الحرب عن تدمير حضارة العراق، وهو القرار المتخذ في الساعات الأولى التالية لهجمات الحادي عشر من سبتمبر ٢٠٠١ كهدف أول لإدارة الرئيس بوش الابن.
يكشف وزير الخارجية الروسي الراحل يفجيني بريماكوف "١٩٢٩-٢٠١٥"، عن رأي صدام حسين برحيله عن السلطة، وهو المطلب الذي كان مقترحا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وحمله بريماكوف في رسالة إلى صدام حسين، قبل ثلاثة أسابيع من الغزو الأمريكي للعراق.
وأوضح وزير الخارجية الروسي الأسبق في كتابه المعنون بـ"الكواليس السرية للشرق الأوسط" تفاصيل العرض الروسي بالتنحي ورد الرئيس صدام حسين، قائلا "ذهبت إلى بغداد بعد حديث مع الرئيس بوتين، الذي كلفني بإبلاغ رسالة شفهية عاجلة لصدام حسين، وفكرة الرسالة تنحصر في دعوته لترك منصب الرئيس، والتوجه للبرلمان العراقي باقتراح إجراء انتخابات ديمقراطية".
وأضاف "بريماكوف": "وخوفا من احتمال أن يؤذي خروج صدام إلى حدوث فوضى في العراق، كلفني بوتين بأن أقول لصدام إنه من الممكن على سبيل المثال أن يحتفظ بمنصبه في الحزب، وبوصولي إلى بغداد رفضا في البداية لقاء طارق عزيز، لإدراكي أنه سيحاول معرفة تفاصيل مهمتي".
ويؤكد وزير الخارجية الروسي الراحل، أن هذه من الممكن أن تكون آخر فرصة لمنع الأعمال العسكرية الأمريكية ضد العراق.
وعن جواب صدام على المقترح الروسي، يقول بريماكوف "رد صدام كان في صورة اتهام لبلادنا "روسيا" بأنها مرة أخرى تكذب عليه، كما حدث في حرب الخليج "غزو الكويت" وزعم "صدام" أننا قلنا حينها إنه إذا وافق على سحب قواته من الكويت، لن تكون هناك عملية برية ضد الجيش العراقي، من جانبي قلت بشكل ليس أقل حدة، إنه تباطأ في اتخاذ قرار سحب القوات، قد تأخر".
وتابع "عندما سمع  صدام هذا ربت على كتفي بصمت وخرج، وبعد خروج صدام قال طارق عزيز بصوت عال لكي يسمع صدام: "بعد عشر سنوات سنعرف من كان على حق رئيسنا المحبوب أم بريماكوف".
هنا تنتهي رواية الدبلوماسي الروسي الراحل يفجيني بريماكوف، عن المقابلة الأخيرة مع صدام حسين، والتي يتبين من خلالها انفصال النظام الحاكم في العراق، عن مجرى الأحداث من حوله الذي يصم آذانه عن طبول الحرب والتي تدق أبواب قصره ويوشك السهم أن ينطلق في قلب الأمة العربية.
محاولة إماراتية
كانت المحاولات عديدة لوقف الغزو الأمريكي للعراق، وإحداها قادها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، حيث أوضح في كتابه "قصتي" الصادر في نهاية ٢٠١٩ تفاصيل مبادرة استضافة صدام حسين في الإمارات في محاولة لإجهاض الحرب الأمريكية.
وقال "بن راشد": "عزمت الذهاب إلى صدان بنفسي، ركبت الطائرة من دبي للبحرين ومن هناك ركبت البحر باتجاه البصرة، تقابلنا في أحد الأمكنة التي كان يلجأ إليها، ثم بدأنا حديثا صريحا وواضحا". ويضيف حاكم دبي "تحدثنا في كل الأشياء التي أتفق معه فيها، وتلك التي أختلف معه فيها وهي أكثر، ذكرته بشبح الحرب وأنا أعرف أنني أعظ رجلا أفنى شطرا كبيرا من حياته في الحروب، وكان من الواضح أنه لا يمكن أن يربح الحرب ضد الأمريكيين".
ويواصل "بن راشد" رواية تفاصيل مقابلته مع الرئيس الراحل صدام حسين قائلا "إن لم يفعل شيئا "صدام" لتجنب الهجوم القادم فسوف يخسر العراق كل شيء، حاولت أن أستخدم المنطق والعقلانية في حديثي معه، همست له لو اقتضى الأمر رحيلك عن الحكم من أجل العراق ارحل، ودبي مدينتك الثانية أهلا بك فيها دائما.، نظر إلي ثم قال: لكنني يا شيخ محمد أتحدث عن إنقاذ العراق وليس نفسي".