الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة ستار

ثنائية الرحيل والبقاء.. إشكالية "الهجرة" بأفلام الإسماعيلية السينمائي

مهرجان الاسماعيلية
مهرجان الاسماعيلية السينمائي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعتبر إشكالية الهجرة واحدة من الموضوعات الحساسة التى عملت السينما جاهدة على معالجتها على مدار تاريخها بشتى القصص والأنماط المختلفة، باعتبارها هما جماعيا يخص ملايين ممن تركوا بلادهم بحثا عن مستقبل وحياة أفضل. 

وخلال الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان الإسماعيلية السينمائى الدولى للأفلام التسجيلية والقصيرة، ركزت عدد كبير من الأفلام على هذه القضية كونها مادة ثرية وخصبة لا تقتصر على زمان ومكان محددين، ولكن الإشكالية المتعلقة بهذه القضية دفعت عددا من صناع السينما لتسليط الضوء عليها بأشكال ومعالجات متنوعة، ذهب بعضها إلى الخيار الأسهل نسبيا وهو الرحيل، بينما ظل البعض الآخر متعلقا بالمكان محاولا إحداث فارق طويل الأمد.

الفيلم التسجيلى القصير «طحطوح» للمخرج الجزائرى محمد والى، والذى تدور أحداثه فى تسعينيات القرن الماضى فى الوقت المعروف بالعشرية السوداء غاب الأمن عن قرية «أفيغو» بأعالى جبال برج بوعريريج الجزائرية، مما دفع سكانها إلى هجرها، ومعهم الصغير حسان بحثا عن منطقة أكثر أمنا، ومع هذا الرحيل أصبحت الذكريات من الأطلال، لكن حسان أبى فى كبره أن تضيع هذه الذكريات.

 

فى الفيلم يتمسك حسان بالمكان الذى تربطه به ذكريات يصعب محوها مع مرور الوقت، فبدلا من الرحيل قرر البقاء وإعادة بناء قريته المهجورة من جديد مستعينا بعدد من أصدقاء الطفولة والجيران ليضفى إعادة البناء هذا ترميم لذاكرته أيضا التى ما تزال تحتفظ بذكريات عن طفولته بقريته «أفيغو» حيث تدور أحداث الفيلم.

وأكد المخرج الجزائرى محمد والى فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، أن بطل فيلمه حاول الجمع ما بين الأمرين، ترميم القرية وذاكرته أيضا، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن قرية «أفيغو» التى وردت بالفيلم هى نموذج لأكثر من ٢٠٠ قرية هجرها أهلها، وفى كل قرية هناك واحد من أهلها الذى يرفض أن يغادرها تحت أى ظرف مثل بطل الفيلم «طحطوح».

نموذج آخر يمثل فكرة التمسك بالمكان نلاحظه فى الفيلم التسجيلى القصير «أفتونا» للمخرجة الأرمينية آنى جريجوريان، والذى تدور داخل قرية «أفتونا» المهجورة والتى يسكنها الأيزيدون فى العراق من خلال صبى يبلغ من العمر ١٢ سنة يعيش بهذه القرية المهجورة ويعيش فى صراع بين عالمين لكل منهما طباع ومبادئ مختلفة العالم الأول متخيل من نسج خياله يتمناه لنفسه والثانى هو الحياة الحقيقية التى يحياها داخل القرية.

 

وأكدت جريجوريان فى تصريحاتها لـ«البوابة»، أنه فى الوقت الذى رحلت فيه عدد من عائلات هذه القرية إلى روسيا بحثا عن فرصة حياة أفضل، حاولت من خلال تصويرها لبطل فيلمها تصوير حياته اليومية الشاقة التى لا تقترب من حياة طفل بهذا العمر يفترض أن يقوم بأشياء أخرى تخص مرحلته العمرية، لذلك حاول الصبى خلق عالمين: الأول يتعلق بالروتين اليومى الذى يقوم به داخل القرية من رعاية الماشية والاعتناء بزراعته، والآخر عالم متخيل يتمثل فى تحويله لتلك الظروف الصعبة المحيطة بقريته المعزولة ومحاولة إضفاء حس طفولى على مظاهرها للتخفيف من حدة وقسوة الحياة التى يعيشها هو وعائلات محدودة العدد أخرى داخل هذا المكان.

أما فيلم «أضواء الصحراء» للمخرجة كاثرينا هاردير، فأحداثه تدور بقلب صحراء أتاكاما بتشيلى، حيث يشهد أحد الأطفال الصغار قريته الصغيرة وهى تختفى بفعل الجفاف، ونتيجة لذلك تقوم عدد من العائلات بمغادرة القرية بعدما استحالت الحياة بها، ليقوم هو ومجموعة صغيرة من أصدقائه بمحاولة الاستمتاع واللعب فى هذه القرية القاسية للحفاظ على ما بقى من طفولتهم وقريتهم فى آن واحد.

على جانب آخر، هناك أفلام ركزت على معاناة المهاجرين الذى قرروا ترك بلادهم بحثا عن مكان آخر أفضل يصلح للعيش، وهو ما نلاحظه فى فيلم «عثمان» للمخرج جورجى كاماروتى، ونتتبع خلاله شخصية «عثمان» المهاجر البوركينى الذى يعيش فى ظل ظروف صعبة هو وأسرته فى بلجيكيا، إلى أن يتقاطع طريقه بعد انتهاء ليلة عمل شاقة بسيدة مسنة يتصادف أنها تسكن معه فى نفس البناية، لتحيله ظروف هذه السيدة التى تخلت عنها ابنتها ورفضت رعايتها إلى والدته أو وطنه، وهو ما نتابعه خلال أحداث الفيلم بعد علمه بخبر وفاة أمه، ليعرب لزوجته عن ندمه فى المغادرة وأنه لم يعلم ما كان ينظره هنا لما كان ترك وطنه.