الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بالعربي

Le Dialogue بالعربي

على صالح حمدان يكتب: جنديرس الكردية.. مدينة في مهب الريح بلا مساعدات تنقذ الضحايا من تحت الأنقاض

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فرق الإنقاذ المحلية تعمل بمعدات بدائية غير مجدية فى ظل إغلاق الحدود وعدم وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية

 

يعد الزلزال الأخير الذى ضرب سوريا وتركيا فى ٦ فبراير ٢٠٢٣، هو الأعنف من نوعه، إذ قتل حتى كتابة هذا المقال ٨٠٠٠ قتيل فى البلدين، سنحاول أن نركز فى مقالنا على نتائج الزلزال الكارثى على مدينة جنديرس الكردية والتابعة لمدينة عفرين التى تقع فى الريف الشمالى لمحافظة حلب شمالى سوريا، إذ لاتزال آثار الزلزال المدمر فى المدينة هى الأعنّف بالنسبة للمناطق السورية الأخرى، حيث سويت أكثر من ٢٥٠ بناية فيها على الأرض، إلى جانب أن مئات الأشخاص ما زالوا عالقين تحت الركام وأصبحت فرص نجاتهم تقل شيئا فشيئا، لأن أغلب فرق الإنقاذ غير مدربة ولا تملك الآليات الثقيلة، حيث يتم استخدام المعدات الخفيفة البدائية بالحفر خلال عمليات الإنقاذ، مع أن عددًا من المتطوعين، كانوا قدموا من مختلف مناطق الشمال من إدلب وحلب الغربى وحلب الشمالى للمساعدة، لكن هول الكارثة يعد الأكبر، حيث أصبحت أكثر من ٧٠٪ من بيوت مدينة جنديرس غير قابلة للسكن، بعد انهيار العديد من المبانى، ووقوع المئات من الضحايا غالبيتهم من النساء والأطفال.

يمكن القول إن مدينة جنديرس أصبحت منكوبة تمامًا فى ظل غياب أى فرق دولية، وترك الأهالى هناك لمصيرهم، والموت بردًا تحت الأنقاض ومن دون أن تتحرك الدول، بل وإغلاق تركيا للمعابر بحجة أن المدن التركية متضررة أكثر، والنظام السورى لم يبادر لتقديم أى مساعدة، ناهيكم عن رفض تركيا لأى مساعدة من طرف الإدارة الذاتية الكردية.

بسبب ما تقدم، الكارثة فى جنديرس فوق الوصف، إذ بعد مرور ساعات طويلة على الزلزال المروع، لا تستطيع المعدات البدائية التى يقوم الناس عن طريقها بأعمال الانتشال غير مجدية، بإخراج الجثامين من تحت الركام، وإلى الآن لم تصل إلى جنديرس أى نوع من المساعدات الإنسانية والإغاثية، ولم ترسل أى فرقة إنقاذيه للناحية المنكوبة، ولم يُسمح بفتح الحدود لتصل المساعدات للمنكوبين فى الناحية، وبسبب ذلك، لاتزال المئات من الأرواح تحت الأنقاض ومنهم على قيد الحياة ينتظرون من ينقذهم، حيث انهكت فرق الدفاع المحلية ومع إنها مستمرة بالعمل، لكن ذلك لا يكفى البتة.

لقد تم منع وصول المساعدات الإغاثية والآليات إلى ناحية جنديرس بحجة بأن جميع الآليات تعمل فى مدن الجنوب التركى ومدينة إدلب، إلى جانب أن الفصائل المعارضة السورية تقوم فقط بمساعدة أهالى مدينة إدلب واحتيملات والباب ومارع وجرابلس وإعزاز، على الرغم من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى استجابة دولية، مشيرًا إلى أن العديد من آلاف العائلات التى تضررت بفعل الزلزال كانت بالأساس فى حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، وتعهدت دول عديدة بتقديم المساعدات، لكن جهود الإغاثة تواجه عقبات بفعل ظروف الطقس السيئ وإغلاق ثلاثة مطارات رئيسية فى المنطقة، فضلا عن عدم وجود أى منظمة إنسانية (عربية أو عالمية) حاليًا فى ناحية جنديرس بسبب عدم سماح الحكومة التركية لفتح معبر باب الهوى أو معبر قرية حمام فى غربى ناحية جنديرس.

نتيجة لذلك، لجأ الأهإلى فى جنديرس إلى الشوارع وهم بحاجة إلى المساعدة، وفى بلدة شيا التابعة لعفرين، فارق العديد من الناس الحياة وانهار مسجد قرية سنارى التابعة للبلدة، وفى حى شيخ مقصود ذى الغالبية الكردية فى مدينة حلب، توفى العشرات بسبب الزلزال، كما اتجه الآلاف من أهالى حيّى الاشرفية والشيخ مقصود وغيرها من المناطق التى تضررت جراء الزلزال إلى مخيمات مقاطعة الشهباء، حيث استطاعت الإدارة الذاتية لمقاطعة عفرين والشهباء ومن خلال الإمكانيات الضعيفة، توفير المواد الغذائية والطعام للقادمين من تلك المناطق التى تضررت بشكل كبير على الرغم من الحصار المفروض عليهم.

المثير للاستغراب فعلًا، انتشار الأنباء فى جنديرس عن قيام عناصر من الفـصائل المعارضة المسـلحة بسـرقة بيوت الأهالى الذين نزحـوا إلى القرى خـوفًا من الهـزات الأرضية وخاصةً بعد مقتل العشرات من أهالى البلدة، ومازال هناك عدد كبير تحت الأنقـاض، حيث قام الدفاع المدنى بالنداء فى مكبرات الجوامع لحث الناس على إفـراغ المنازل ومن بعدها يقومون بسـرقة البيوت وحتى مقتنيات المتـوفيين من الذهب.

كما أن هناك خطرًا كبيرًا، يتمثل بتعرض جسم سد (ميدانكى) فى مدينة عفرين، لتصدعات طولية وعرضية ضخمة، بحسب صور وتسجيلات فيديو مصورة تداولها ناشطون، جراء الزلزال الذى تأثرت به المنطقة، وأوضحت التسجيلات المتداولة، حدوث تصدعات كبيرة فى السد، مُنع إثرها العبور عبر المنطقة، وإغلاقها بالكامل، وسط تحذيرات محلية بخطورة عدم ترميم السد فى أسرع وقت.

معلومات عن الكاتب 
د.على صالح حمدان.. أستاذ بجامعة دهوك وزاخو بالعراق، حصل على الدكتوراه فى أطروحة بعنوان «الحركة الوطنية فى كردستان - سوريا 1946-1970» ثم حصل على الدكتوراه الثانية عام 2014 عن «الدور الأمريكى فى المفاوضات السورية الإسرائيلية إبان إدارة بيل كلينتون 1993-2001». كتب العديد من الدراسات المرجعية حول تاريخ الشرق الأوسط بالإضافة إلى العديد من الكتب.. يطلق، هنا، صرخة تحذير من معاناة سكان مدينة جنديرس من تداعيات الزلزال فى ظل عدم وصول أى مساعدات دولية حتى الآن.

لمطالعة موقع ديالوج.. عبر الرابط التالي:

https://www.ledialogue.fr/