الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

سهر الليالي و"فرويد" والديناميكية النفسية!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

باقٍ أيام قليلة وتحل ذكرى رحيل  أشهر الصحفيين العرب والمصريين فى القرن العشرين الأستاذ محمد حسنين هيكل.

 لقد أسعدني  الحظ بأن التقيت به مرات عديدة  دامت أعواما كثيرة... 

ولم ينقطع اتصالي به أو التحدث معه طوال حياته منذ ان التقيت بسيادته  فى أوائل التسعينات حتى رحيله.

فى داخلى تقديرا كبيرا له لتعامله معى بود شديد  بل وتفضله بالاهتمام  بأن  يضيف إلى معارفى بعضا من رؤيته وفكره  ويرشدني كثيرا لكى  أتقدم وأرتقي فكريا...

وقد لا أجيد كثيرا  ما تعلمته منه ولكنى أعترف بفضله، وله منى الكثير والكثير جدا من  العرفان والشكر والامتنان.

أذكر لسيادته موقفا غير حياتى الثقافية والفكرية. 

فى إحدى  اللقاءات سألته لماذا لم تكتب مذكرات حياتك  وخاصة أن الغالبية اعترفت بسيادتك  كظاهرة إعلامية متفردة ولا مثيل لها...؟

  أجاب بحماس متقد: كيف أكتب مذكراتي ومازال أمامي الكثير الذي يجب أن أكتبه؟ 

وتحدث سيادته عن عنوانين ينوي البدء فى كتابتهما وتاريخ البدء فى كل كتاب بتوقيت محدد يكاد يكون بالدقيقة والثانية وفى معرض حديثه سمعت  لأول مرة  تفسير لـ"علم النفس الديناميكي" لزلات اللسان  وكيف يراها "فرويد" انها ليست محل صدفة ولكنها "ديناميكية اللاوعي".

 والتي تكشف شيئا له معني.

 توقف فجأة الأستاذ هيكل بعد أن لاحظ  اندهاشي لما يقول فالتفت لى  وكعادته وباغتني بسؤال: 

عبد المنعم.. هل قرأت بعض كتب عالم  النفس النمساوي "سيجموند فرويد"؟.

أجبت: لم اقرأ كتبه ولكن  عرفت بعض آراءه أثناء دراستي.

نظر إلى  متعجبا وهو يقول طالما اخترت ان تكتب وتفكر وتحلل  الكثير من المواقف كان يجب عليك أن تهتم كثيرا بمؤلفات هذا العالم النفسي وبتحليله النفسي ونظريته والتى تعتبر من ضمن أهم النظريات في مجال علم النفس.

وبعد فتره صمت قصيرة للأستاذ طلب منى أن أبحث عن مؤلفات هذا العالم النمساوي لاقرأها ثم اناقش سيادته فيما فهمته فى طرحه من التحليل النفسي.

وعدت  سيادته بان أبحث عن مؤلفات هذا العالم النمساوي سيجموند فرويد واقرأها.

 لكنه لم  يتركني فى حيره ذكر لى  اسم مكتبة مشهورة فى ميدان "طلعت حرب "بوسط البلد وصاحبها يعتبر من  ابرز ناشري الكتب  فى مصر. وقال لى اذهب اليها ستجد  بها أكثر من كتاب لعالم النفس الشهير.

بالفعل.. لم اتأخر كثيرا ففى صباح اليوم التالى ذهبت الى هذه المكتبه ووجدت الكثير من مؤلفاته وقد  اخترت ثلاثه من كتبه، وهى "ثلاث مقالات فى نظريه الجنسية" و"حياتي والتحليل النفسي" و"الموجز في التحليل النفسي".

 وسهرت الليالي  وانا فى تحدي مع نفسي بان  اقرأها مره بعد مره  وفى كثير من الأحيان كنت استعين بمساعده بعض زملائي الدارسين  لمناهج علم النفس وأذهب إليهم  واجلس منصتا ثم اسألهم مرات ومرات فى كثير من افكار هذا العالم النفسي  الذي غيرت أفكاره الثورية العالم كله.

الغريب ان كتب هذا العالم النفسي  فتحت إمامي آفاقا كثيرة. 

مثلا.. عندما  قرأت ما قاله فرويد عن "دوستويفسكي" وهو واحد من اعظم الروائيين فى العالم بانه "معلِّمٌ كبيرٌ في علمِ النفس.. لا أكادُ أنتهي من بحثٍ في مجالِ النفسِ الإنسانيةِ، حتى أجدَ دوستويفسكي قد تناولَه قبلي في مؤلَّفاتِه"

فأسرع بالبحث عن مؤلفات هذا الروائى العظيم.. وهكذا...

لقد فتح الأستاذ هيكل لى بابا فى القراءة لم يغلق أبدا.

وختاما 

لأن سيادتك تعرف أن  الاستاذ "هيكل" علامة فارقة فى تاريخ الصحافة ستجد من يشيد به ويرى أنه معلم لأجيال كثيرة من الصحفيين ويشيد بفكره وتحليلاته السياسية.

وأيضا، ستجد الكثير ممن  يكتب  ضده نقدا وهجوما عليه.

وللحق كانت ومازالت حياة  "الأستاذ" محمد حسنين هيكل مملوءة وحافلة بكل التناقضات من إعجاب شديد جدا به  إلى هجوم شديد جدا عليه.

تحياتى