الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

اقتصاد

نقص السيولة الخارجية كلمة السر في تخفيض «فيتش» النظرة المستقبلية مع الإبقاء على التصنيف الإئتماني

الاقتصاد المصري
الاقتصاد المصري
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

اتفق خبراء الاقتصاد على أن تخفيض المؤسسات المالية الدولية للتصنيف مصر الائتماني جاء مدفوعًا بالتحديات والمخاطر الحالية على أثرت على النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني لمصر وعلى رأسها نقص السيولة الخارجية للبلاد.

وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من «مستقرة» إلى «سلبية»، فيما أبقت الوكالة على التصنيف الائتماني الحالى للبلاد عند «+B»، وعزت ذلك إلى النمو الاقتصادي القوي، والدعم الدولي القوي من الحلفاء الخليجيين والشركات الدوليين، لكنها حذرت من أنها قد تخفض التصنيف خلال الأشهر المقبلة، إذا استمرت ضغوط التمويل.

وقال الدكتور أحمد شوقى الخبير المصرفي، إنه مع ارتفاع حدة وتيرة الاضطرابات التي يمر بها العالم وقيام الاقتصاديات باستخدام أدوات السياسة المالية والسياسة النقدية ضمن مجهوداتها لاحتواء الضغوط الحالية، وفي ظل مساعي الدول لتمويل فجواتها التمويلية والحصول على التمويلات اللازمة لها والتي يحتاج الجهات والمؤسسات الدولية المقرضة دائمًا لتحديد التصنيف الائتماني للاقتصاديات المقترضة، والتي تتم بشكل دوري من خلال مؤسسات التصنيف الائتماني لتحديد الملاءة المالية للاقتصاديات ومستوى المخاطر الائتمانية بالاقتصاديات المقترضة للاطمئنان على قدرتهم في سداد مديونياتها، ومن الملاحظ خلال الازمات الحالة قامت وكالة «فيتش» بتخفيض نظرتها المستقبلة من مستقرة إلى سلبية للعديد من الاقتصاديات في آخر مراجعاتها كـ«فرنسا وانجلترا والولايات المتحدة الأمريكية والنمسا وجمهورية التشيك ومصر وكينيا والفلبين وتركيا والبرازيل» مع اختلاف الجدارة الائتمانية لكل دولة، وهو ما يعكس أثر تكرار الأزمات على الاقتصاديات سواء المتقدمة أو الناشئة نحو النظرة السلبية.

وأوضح «شوقى»، مع تحول النظرة المستقبلية السلبية لتصنيف الاقتصاد المصري من خلال كل من مؤسسة «فيتش» ومؤسسة «موديز» وتثبيت النظرة المستقبلية الإيجابية لمؤسسة «ستاندارد اند بور» مع تثبيت كافة مؤسسات التصنيف الائتمانية للمؤسسات الثلاثة عند «B+» في ظل التحديات والمخاطر المتزايدة، فنرى أن الاقتصاد المصري في ظل الظروف الحالية والعديد من الإجراءات المُطبقة على مستوى السياسة النقدية والمالية التي تمت في أواخر أكتوبر الماضي فستساهم في دعم موقف الاقتصاد المصري، فضلًا عن موافقة صندوق النقد الدولي لمنح مصر القرض الأخير والتي ستسهم في مجملها في تحسن التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري في المراجعات التالية لمؤسسات التصنيف الائتماني.

وشدد الخبير على أن هناك ضرورة خلال الفترة الحالية للإسراع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي والعمل على وضع المزيد من الإجراءات التحوطية لاحتواء المخاطر والتحديات الحالية، ووضع الخطط اللازمة لتقليل الفجوة التمويلية والتي تفاقمت بسبب ارتفاع الأسعار العالمية للسلع الأساسية والمواد البترولية لخفض أعباء الموازنة العامة ولتقليل عجز الميزان التجاري، وتهيئة المناخ الاستثماري لجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة بعد ارتفاع معدلات العائد على أدوات الدين السندات وأذون الخزانة المصرية وإعادة تقييم الجنيه المصري، والإسراع في إصدار مؤشر الجنيه المصري والحفاظ على تعافي القطاع السياحي واستغلال الزخم الحالي للاقتصاد المصري لاستضافته مؤتمر المناخ «COP27» واتخاذ المزيد من الإجراءات والتدابير لخفض نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي على المدى المتوسط؛ والاستمرار في تدعيم موقف الاحتياطي النقدي الدولي بعد أن ارتفع بحوالي ربع مليار دولار أمريكي في أكتوبر الماضي، فضلًا عن احتواء معدلات التضخم مع التوازن في حماية الفئات الأكثر احتياجًا والتي تأثرت بشكل واضح خلال الأزمات المركبة.

والأمر الذي لا يثير للقلق مع تكرار الأزمات التي أصابت الاقتصاد العالمي أن الاقتصاد المصري لم يحدث في تاريخه أنه تأخر في سداد أي مديونياته للجهات المقرضة، فضلًا عن قدرة الاقتصاد المصري على سداد استحقاقات الدين الخارجي خلال العام المالي الحالي والبالغة حوالي 6 مليارات دولار، واستحقاقات الدين الخارجي للعام المالي المقبل البالغة 9 مليارات دولار أمريكي، وذلك في ظل تحسن موارد مصر من قناة السويس وصادرات الغاز و بدء نمو إيرادات القطاع السياحي، بالإضافة الإجراءات الداعمة لتحسين أداء القطاع الصناعي وخروج الدولة من العديد من القطاعات الاقتصادية بوثيقة ملكية الدولة والتوجه نحو زيادة معدلات الاعتماد على الطاقة الصديقة للبيئة كالطاقة الخضراء وتوفير التمويل اللازم لها كإحدى أهم أدوات جذب الاستثمارات.

من جانبه قال الدكتور محمد عبدالهادى الخبير الاقتصادى، إن التدفقات الخارجة السبب الرئيسي لخفض التصنيف، حيث انخفضت استثمارات المحافظ الأجنبية إلى 13 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بأكثر من 30 مليار دولار في عام 2021، بحسب فيتش.، كما تضررت مصر بشدة من خروج رؤوس الأموال الأجنبية نتيجة ارتفاع تكلفة التمويل وارتفاع التضخم، والصدمة التي سببتها الحرب في أوكرانيا وقد ساهم ذلك في انخفاض الاحتياطيات الأجنبية إلى نحو 33.4 مليار دولار في أكتوبر، مقارنة بنحو 41 مليار دولار في فبراير.

وأكد «عبدالهادى» أن الوضع فد يتحسن ولكن سيستغرق ذلك بعض الوقت حيث من المرجح أن يحدث بعض الانتعاش في تدفقات المحافظ الأجنبية بسبب خفض سعر صرف الجنيه مؤخرًا ورفع سعر الفائدة، والاتفاق على تسهيل تمويل ممدد مدته 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

ولفت «عبدالهادى» إلى أن مصر تحتاج إلى الكثير من العملة الصعبة إلى جانب الحاجة إلى تمويل عجز الحساب الجاري، حيث إن على  مصر ديون خارجية مستحقة بقيمة 15 مليار دولار خلال العامين الماليين الحالي والمقبل.

وأوضح أن الالتزامات المصرفية تجعل من الصعب على مصر استيعاب ضغوط التمويل بلغ صافي الأصول الأجنبية بالبنك المركزي ما يقرب من سالب 9 مليارات دولار في نهاية الربع الثالث من 2022، في حين كان لدى البنوك 14 مليار دولار من صافي الخصوم الأجنبية.

لفت الخبير إلى تحليل «فيتش» الذى يتوقع أن يؤدي خفض الجنيه إلى زيادة معدلات التضخم، مما يرفعه على الأرجح إلى مستوى 17% في المتوسط على أساس سنوي خلال العام المالي الحالي، و12% في العام المالي 2023-2024، بافتراض ارتفاع متواضع لقيمة الجنيه مقابل الدولار ليصل إلى 24 جنيهًا.

تشير «فيتش» إلى أن المخاطر تميل إلى الاتجاه الصعودي وأن البنك المركزي قد يشرع في إقرار المزيد من زيادات أسعار الفائدة لترويض التضخم.

وتتوقع «فيتش» أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 4.5% في العامين الماليين الحالي والمقبل، على الرغم من أن صعوبة الظروف النقدية وتوافر التمويل يشكلان مخاطر كبيرة على هذا النمو. قد يستمر عجز الحساب الجاري في التقلص إلى 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة بـ3.5% في العام المالي 2021-2022، على خلفية ارتفاع إيرادات قناة السويس وانتعاش السياحة.