الأربعاء 01 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

شائعة تسليم السويس.. وعيدها القومي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الشائعات الكثيرة والمكثفة ضد الدولة المصرية هذه الأيام، ذكرتني ونحن نحتفل بالعيد القومي الـ 49 لمحافظة السويس بشائعة قيام اللواء محمد بدوي الخولي محافظ السويس بتسليمها للعدو الإسرائيلي أثناء فترة الحصار فى 24 أكتوبر 1973.

وقد انطلقت شائعة قوية حول قبول المحافظ محمد بدوي الخولي الإنذار الإسرائيلي بضرورة تسليم المدينة للإسرائيلين وعليه أن يخرج حاملا العلم الأبيض ومعه كل أبناء السويس المتواجدين فى تلك الفترة متجهين إلى الاستاد الرياضي واستمر الاتهام يلاحق الرجل من قبل بعض مروجي الشائعات والموتورين الذين هتف بعضهم بهتاف " لا للمحافظ وهاتوا حافظ " والمقصود بالهتاف " الشيخ حافظ سلامة ".

وللإنصاف ومن خلال مراجعات كثيرة من الشهادات من ابناء السويس منهم رحمة الله عليه الشيخ على عبد العزيز الذراع الايمن للشيخ حافظ سلامه وقد قمت بتسجيل اعترافاته، كذلك الاستماع الى شهادات الاستاذ عبد الفتاح ابن المقاول ابراهيم عبد العظيم، وسمير محمد على ابن البقال التمويني بشارع شميس بالاربعين فضلا عن شهادة عدد من الكتاب والصحفيين منهم " رياض سيف النصر " الذي كتب افضل يوميات عن دفتر احوال السويس وعدد من قيادات منظمة سيناء والكاتبة الصحفية " فريدة النقاش " بالاضافة الى شهادة المؤرخ العسكري اللواء جمال حماد فى كتابه عن " معارك اكتوبر " الصادر عن دار الشروق.

ويضاف الى ذلك مجموعة الصور والمواقف على ارض الواقع للرجل الذي ان الاوان لانصافه ورد الاعتبار الوطني والانساني له واليكم الوقائع:-

فى الساعة التاسعة من صباح يوم 25 اكتوبر اتصل سعد الهاكع المدير المنوب بشركة السويس تصنيع البترول بالمقدم فتحي غنيم رئيس الدفاع المدني بميدان الاربعين واخبروا ان الدبابات الاسرائيلية وصلت الى الشركة وانه مضطر للتسليم ومعه 300 عامل من الشركة ومن هيئة قناة السويس.

كان المحافظ ومدير الامن اللواء خفاجة قد وصلوا الى غرفة الدفاع المدني وعندما رد عليهم المقدم فتحي اخبروا ان قائد القوات الاسرائيلية التى احتلت مقر الشركة يريد التحدث مع المحافظ او مدير الامن وتناول المحافظ السماعة وقال لسعد العاكع ان المحافظ غير موجود وعندما سألوا عن القائد العسكري قال أنه غير موجود.

وكرر الضابط اسرائيلي أين المحافظ ؟ وكان يتحدث باللغة العربية بلهجة شامية فاجابه بدوي الخولي المحافظ غير موجود.. فطلب منه ابلاغ المحافظ بانه مطلوب منه تسليم المدينة فى خلال نصف ساعة وان على المحافظ الحضور ومدير الامن والقائد العسكري للسويس فى سيارة عليها علم ابيض وبصحبتهم جميع المواطنين بالمدينة الى الاستاد الرياضي ويتعهد الاسرائليين بتأمينهم والمحافظة على حياتهم واذ لم يتم ذلك خلال نصف ساعة وسوف تضرب المدينة بالطيران الاسرائيلي ويتعرض كل سكانها للابادة.

اخذ الضابط يصيح بصوت عالي فى الهاتف " رد يا زلمه ليش ما بترد يا زلمة ؟ " واوضح الضابط فى نهاية انذاره " انه على اطلاع باحوال المدينة فليس بها مياه ولا كهرباء ولا احد لديه السيطرة على الجنود بداخلها والدقيق قد اشتعل فيه النيران ولذا لا مفر من التسليم ".

رد عليه المحافظ قائلا " المحافظ مش هيسلم البلد وعلى كل حال الصليب الاحمر وصل " ورد الضابط الاسرائيلي قائلا " ما في صليب احمر انت بتغشني " واسترد المحافظ قائلا " وحتي هيئة الامم وصلت " واغلق سماعة الهاتف.

بعدها اتصل المحافظ فى الحال هاتفيا بالعميد عادل اسلام القائد العسكري بالسويس وقال له المحافظ " الاسرائليين طلبوا مني التسليم وانذروني بضرب السويس ان لم نسلم فى خلال نصف ساعة " ما رائيك ككائد عسكري ورد عليه عادل اسلام قائلا " اعطني فرصة للتفكير ".


واتصل المحافظ هاتفيا بعد ذلك بالرائد شرطة محمدرفعت شتا قائد الوحدة اللاسلكية باعتبارها حلقة الاتصال الوحيدة بين السويس والقاهرة وطلب المحافظ ابلاغ الرسالة التالية الى المسئولين بالقاهرة " اليهود انذروني بالتسليم فى ظرف نصف ساعة والا سنضرب بالطيران ليس عندي مياه ولا ذخيرة ولا أسيطر على أي قوات ودقيقي يحترق.. اوامركم ".

بعد مرور 10 دقائق اعاد المحافظ الاتصال بالعميد عادل اسلام وسأله عن رائيه فقال انا لم اقرر بعد فرد عليه المحافظ قائلا فى شئ من الحده " قرارك مش نهائي والقرار قراري انا عايز أعرف موقفك ورئيك فى التسليم مجرد رأي استشاري " واجاب عادل اسلام " انا هاخد رأي الموجودين معي والمستشارين بتوعي " فساله المحافظ " ومين عن المستشرين بتوعك " ورد عادل الاسلام " الحج حافظ سلامه " وانفعل المحافظ وقال فى غضب " وايه قيمة راي الشيخ حافظ فى هذا الموضوع ؟؟ " انت اتجننت يا عادل ؟؟ انا عاوز اعرف رائيك العسكري ؟؟ فرد قائلا " رأي الي تشوفه سيادتكم " وانهي المحافظ الحوار الساخن " عمومًا عندما اتخذ القرار النهائي هقبلك واحنا فى انتظار قرار القاهرة ".

ولم يكد ينتهي المحافظ من محادثته مع القائد العسكري حتي دق جرس الهاتف ووجد الضابط الاسرائيلي على السماعة للمرة الثانية وكان يستعجل رد المحافظ واجابه بدوي الخولي " انتم كلمتوني بالامس والمحافظ غير موجود " واغلق التليفون وطالب المحافظ بضرورة قطع الخط التليفوني المباشر بين شركة السويس تصنيع البترول وغرفة الدفاع المدني بديوان المحافظة.

وبالفعل تم فصل الخط وانقطعت الاتصالات مع الاسرائيلين المباشرة وكان الرائد رفعت شتا بمجرد تلقية رسالة المحافظ قد قام بابلاغها فى الحال عن طريق اللاسلكي الى العميد محمد النبوي اسماعيل مدير مكتب ممدوح سالم وزير الداخلية وقد اذ وبعد مرور 20 دقيقة ردت القاهرة على رسالة محافظ السويس والتى تم عرضها دون شك على الرئيس السادات.

ونظرا لاهمية رسالة القاهرة قام العميد النبوي اسماعيل بابلاغها بنفسه الى الرائد رفعت شتا وطالب منه بعد ان تلاقاها باعادة تلاوتها عليه للتأكيد من انها قد استقبلها صحيحة وكان نص الرد كما يلي " لا تسليم بمعرفة المحافظ.. يتم الدفاع عن السويس وعلى المحافظ ومدير الامن الانضمام الى المقاومة الشعبية " وفى التاسعة والدقيقة 55 ابلغ الرائد شتا نص الرسالة الى المحافظ الذي رد قائلا " هننضم للمقاومة الشعبية ونموت شهداء " كما رد اللواء محي خفاجي مدير الامن " قلن لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا ".

وبمجرد وصول رد القاهرة طلب المحافظ عادل اسلام وقال له " القاهرة ردت يا عادل لا تسليم " ونظرًا لان انباء اتصالات الاسرائيليين بالمحافظ وتقديمهم اليه انذار بالتسليم قد انتشرت بين كثير من المواطنيين واحدثت بلبله شديدة طالب المحافظ من المقدم فتحي غنيم ان يتجول فى سيارة فى شوارع المدينة وان يذيع على الناس بمكبر من الصوت " المحافظ قد رفض الانذار الاسرائيلي بتسليم السويس وان المدينة ستقاومة وعلى كل فرد ان يتخذ لنفسه ساترًا خشية ان ينفذ الاسرائيليين تهديدهم بضرب المدينة بالطائرات".

كما طالب المحافظ من الشيخ على عبد العزيز بمسجد الشهداء " الذراع الايمن " للشيخ حافظ سلامه ان يذيع على المصليين رفض الانذار الاسرائيلي بتسليم السويس وان ينصح الناس بعد التجمع خوفا من الغارات الجوية.

على الجانب الاخر كان محافظ قد انتقل من مكتبه الى محل البقال التمويني بشارع شميس بالاربعين الذي يملكه الحج محمد علي كما كان له مكان بديل يقيم فيه بمنزل الحج المقاول ابراهيم عبد العظيم وكان يدير معركة السويس وقد طالب من مدير التموين علاء الخولي بتوفير الخبز والاحتفاظ بمخزون الدقيق وترشيد الاستخدام بصرف رغفين فقط لكل مواطن عدي يومي الثلاثاء والخميس رغيف واحد بحجة الصيانة.

كما امر بتوفير مياه الشرب فى خزانات إحتياطية لتوفير المياه للمخابز والمستشفيات بعد ان وضع الاسرائيليين حاجزا ترابية على ترعة السويس، كما اعلن المحافظ ان منطقة السويس عسكرية واصدر انشاء محكمة عسكرية لضبط الخارجين عن القانون، كما كان المحافظ فى متابعة دقيقة مع القاهرة ومع قيادات الجيش الثالث الميداني.

وكانت دائما قراراته جماعية من خلال المشاروة مع قيادات الامن والمخابرات العسكرية والاتصال اليومي بالجيش الثالث الميداني.

لقد عمل محافظ السويس بدوي الخولي فى ظروف صعبة وكان مثلا للإيثار والتضحية فى ظروف خطيرة لقد آن الاون ان يتم الاعلان عن رد الاعتبار عن محافظ السويس اللواء محمد بدوي الخولي وتكريم اسمه واسرته وابطال المقاومة واسماء قيادات تلك الفترة ورد الاعتبار للسويس باهمية:

• انشاء متحف السويس الوطني.
• سرعة البدء فى انشاء السويس الجديدة بشرق القناة.
• الاهتمام بالتحديدات للمشاكل البيئية التى تواجه المحافظة.
• تطهير وتطوير منطقة عيون موسي السياحية.
• وانشاء بوابة حضرية فى مدخل المحافظة على طريق السوس القاهرة تليق المحافظة.
• انشاء مطار السويس الدولي.
• ترسانة رأس الادبية.
• انشاء مدينة شرق السويس.
• تشغيل ميناء بورتوفيق للركاب.
• الاهتمام بالخدمات بالصحة والتعليم وصيانة الطرق الداخلية والنظافة والتجميل.
• مواجهة مشاكل البطالة

خصوصًا ونحن نحتفل بالعيد 49 بعيد السويس القومي الذي اصدر رئيس الجمهورية محمد انور السادات قرارات بان يكون عيدًا قوميًا لكل مصر.