الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

"بعبع الدراسة".. وذكريات "والنبي عايز أنام شوية يا حاجة"

الطفل الباكي: والنبي
الطفل الباكي: والنبي عايز أنام شوية يا حاجة!!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في كل عام وتحديدًا في مثل هذه الأيام التي تسبق بدء العام الدراسي الجديد، تنطلق شائعات تأجيل العام الدراسي.. المثير في هذا الأمر أنه يلقى هوى لدى غالبية الأسر التي تتمنى أن يكون حقيقة لا شائعة لدرجة أن كثيين منهم يتمنون إلغائه من الأساس.

وفي واقع الحال.. وإن "جينا للحق" فإن المسألة لا تتعلق بالخوف من انتشار عدوى كورونا مثلا أو حتى "جدري القرود"، بقدر ما هو انزعاج من العملية التعليمية برمتها والتي بكل أسف تحولت إلى "بعبع" مخيف في كل بيت مصري.

فمع كثرة الالتزامات ما بين مذاكرة الأبناء والخوف من فشلهم الدراسي إضافة إلى مصروفات الدراسة وميزانية الدروس الخصوصية التي تنهك قوى كل بيت مصري.. إلى جانب أننا ربما أصبحنا في مجتمع يكره العلم في كثير من أوجه حياته، وهذا ليس كراهية للعلم في حد ذاته بل في المؤسسات التي تديره والمدرسون الذين يجهلونه لدرجة دفعت الكثيرين لترديد مقولة "يقطع العلم على اللي بيعلموه واللي بيتعلموه والكل كليلة".

وليس ببعيد عن ذاكرتنا مشهد الطفل الباكي في أحد الفصول المدرسية وهو يستعطف "الأبلة" قائلًا: “والنبي عايز أنام شوية يا حاجة”.. فهذه اللقطة المأساوية تلخص مأساة الجيل الحالي الذي يرى في العام الدراسي عقوبة يتمنى زوالها.

وقد ناقش المفكر الكبير الراحل الأستاذ السيد ياسين هذه الظاهرة منذ سنوات هذه القضية في مقال له بعنوان: "هل الثقافة العربية معادية للعلم المعاصر؟" وقد حاول من خلاله رصد التحديات التي تقف حجر عثرة في وجه مسيرة التقدم العربي، وذهب كما ذهب عدد من مفكري الغرب إلى أن التخلف حالة عقلية.

وأشار "ياسين" في كتاباته إلى أزمة المجتمع العربي المعاصر مع العلم والتعليم مؤكدًا أن التخلف العلمي يرجع في الحقيقة إلى سببين رئيسيين، الأول عدم إيمان المجتمع برمته بأن العلم ركيزة التقدم الأولى، وثانيا تقاعس أو فشل كبار العلماء عن محاولة إقناع الحكام بأهمية العلم في دفع قوى الأمة نحو مستقبل أفضل.

وجنح بعض الباحثين مثل د. سمير أبو زيد إلى تفنيد الأسباب التي أدت إلى كراهة العرب لكل ما هو علمي، وإلصاق تهمتها في الدين بدعوى أنه يقيد حركة التفكير العلمي ويكبح التوجه نحو اكتشاف المجهول وأن فقهاء ومفكري الدين رسخوا الاعتقاد بأن الدين هو كل شيء في حياة البشر وهو الدنيا والآخرة، وهى رؤى مخالفة للواقع حيث يبالغ كاتبها في تقدير هيمنتها ويعول عليها كثيرا، وقد لاحظ ذلك الأستاذ السيد ياسين وتحفظ عليه متسائلا عن السر في النهضة العلمية الإسلامية الكبرى في القرون الوسطى إذا كان الدين له تأثير سلبي يحول دون الإقبال على العلم.

في الواقع فإن المصاب جلل وأن الرسالة التي وصلتنا من فرحة الناس بشائعة تأجيل الدراسة إلى هذه الدرجة تحتاج وقفة حاسمة من كل مسئول في هذا البلد الأمين.. فلا يمكن السكوت عليه بأية حال إلا إذا كنا نصر على أن نبقى دولة "نايمة".