الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ذكرى اقتحام البوابة نيوز بالأسلحة النارية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جرت مياه كثيرة في النهر، وانقضت الأيام بحلوها ومُرِّها، كنا في 2013، ونذهب بعد عام واحد إلى 2023 لنقول: مرَّ عِقد من الزمان على أيامنا التي كانت، تفاصيل نحاول نسيانها حتى لا يأخذنا الغرور ونقول فعلنا كذا لنسترد مصر من خاطفيها، ننسى لأن ما فعله تيار عريض من أبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة كان كبيرا وفارقا، ليست مبالغة إذا قلنا إنهم حملوا أكفانهم وهم يتحركون ضد الفاشية الدينية التي ظنت أنها امتلكت رقابنا.
حدث ملهم شهوده على قيد الحياة، ويكتب عنه أصحاب الضمير الحي أن أبناء الدولة المدنية لم يعطوا للخصوم ظهورهم ولكن واجهناهم وجهًا لوجه، أما أصحاب الضمير المطاط فقد كتبوا من نسج خيالهم تاريخًا على مقاسهم المريض.
أقول: نسينا، ونواصل النسيان، تحيطنا السعادة بجلوسنا على مقهى في منطقة الخامسة بالإسماعيلية، نكتب بين الحين والآخر مقالا عن فريق الإسماعيلي أو يختصم بعضنا بعضًا؛ لأن التسلل بات منهجًا في التحكيم.
أما في 23 أغسطس من كل عام فهو يوم مختلف لا ننساه، تنشط الذاكرة بكل ما فيها من جحيم، في مثل هذا اليوم في 2013 وكنا في أعقاب فض البؤرة الإرهابية المعروفة ب رابعة، في مثل هذا اليوم جاؤوا بالأسلحة الآلية ليقتحموا مؤسسة البوابة نيوز التي نطل منها عليكم الآن، في زمن الحركة 2013 ما قبلها وبعدها كان حريق مؤسسات الدولة وضرب الكنائس مفهومة الأبعاد والخصومة يمكن تفسيرها رغم عدم قبولنا لتلك التفسيرات، أما  الاعتداء الفاجر على مؤسسة صحفية لا يمكن فهمه إلا في سياق واحد، وهو أن مؤسستنا أوجعتهم، وأنها تصدَّت بحق وعن جدارة دفاعا عن مصرية مصرنا، لذلك سوف أنسى كثيرا من التفاصيل لكي أجد المساحة الكافية في ذاكرتي وهي ترى فوهات الأسلحة الآلية وقد اشتعل جحيمها في مقر جريدتنا.
لم يقصدوا ضرب حوائط وتهشيم زجاج أو إسقاط لافتة.. كانوا يقصدون الدم والاغتيال وعلى رأسنا اسم صديقنا المناضل والكاتب المتخصص في الإسلام السياسي عبدالرحيم علي رئيس مجلس إدارة البوابة، ولأن عدوانهم كنا نتوقعه في كل لحظة وعلى كل ناصية كنا دائما في ستر الناس نتحصن بما نعتقد أنه الحقيقة، لم تكن محاولتهم الأولى للتخلص من عبدالرحيم علي وهو التلميذ النجيب لناظر مدرستنا الدكتور رفعت السعيد، لتبقى دراسات وأبحاث كل منهما شاهدة على دفاعهما عن وجه مصر المدني وفاضحة لتجار الدين الذين لا يعترفون حتى هذه اللحظة بمعنى وقيمة كلمة الوطن.
أكتب وأخرج عن ما حددته لنفسي منذ فترة لكي يتذكر الآخرون، وسوف أعود لمتعة النسيان من جديد والاعتكاف الاختياري، لم يعد يغرينا صورة ملونة هنا أو جهاز تكييف في غرفة مغلقة، نتذكر عندما يرتبط الأمر بالموت والدماء، أما جروحنا الكثيرة فنحن قادرون على علاجها.
لم تكن مؤسسة البوابة بالنسبة لنا مقرًّا للعمل والارتزاق، منذ تأسيسها بل وقبل تأسيسها وهي حلم يراود صديقنا الأعز عبدالرحيم علي ونحن نعرف أننا سنخوض تجربة ترضي الضمير المهني، وتتقدم ببلادنا نحو الأمام، وبالفعل تحقق ما نرجوه، وتأكدنا من ذلك عندما تمطع أيمن الظواهري وتنظيم القاعدة وأهدر دم مؤسس البوابة في فتوى رسمية منشورة على موقعهم، يومها عرفنا أننا على الطريق الصحيح، ولكن لم يخطر على بالنا أن فوهات السلاح الآلي سوف تكون قريبة مثلما حدث في 13 أغسطس 2013.
من حقنا أن نتذكر بل ونحتفل بذكرى صمودنا، ونفرح بحياتنا التي عشناها.. لتبقى مؤسسة البوابة على العهد وكوادرها على الطريق ومؤسسها قابضًا على الجمر.