الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

فورين بوليسي: المنافسة بين واشنطن وبكين حول أفريقيا تصب في صالح تعزيز التنمية بالقارة

اشنطن وبكين
اشنطن وبكين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تزايد الصراع الدولي على قارة أفريقيا خلال الفترة الأخيرة، حيث يتهافت رؤساء دول عظمى وكبار مسؤوليها على زيارة دول القارة بين حين وآخر، وهو ما يطرح تساؤلات عن المغزى الحقيقي وراء ذلك، هل هي محاولات أمريكية وغربية لاحتواء النفوذ الجيوسياسي لروسيا والصين داخل القارة؟ أم أن موانئ القارة الاستراتيجية وممراتها المائية، ومواردها الطبيعية باتت محل تنافس كبير بين مختلف القوى للفوز بها؟ وهل يمكن لأفريقيا الاستفادة من هذا التنافس المحموم والمطالبة بفرص أفضل لمجالات التعاون، بما يمكن القارة من تعزيز قدراتها التنموية والصمود أمام الصدمات الخارجية؟!

وفي هذا الإطار، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أنه خلال إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق "باراك أوباما"، ومع إثارة قضية انخراط الصين الاقتصادي طويل الأمد مع إفريقيا، كان أحد التحذيرات الأكثر شيوعا من جانب واشنطن هي أن بكين قد تسعى إلى تصدير نموذجها السياسي إلى دول القارة.

وتلقت الصين من جانبها هذا التحذير والانتقادات ذات الصلة بحساسية شديدة، وبذلت جهودا كبيرة لنفي صحة ذلك، وأكدت أن موقفها الرسمي في التعامل مع العالم النامي سيما دول القارة الأفريقية هو أنه على عكس الغرب، فإنها تعتبر السياسات الداخلية للدول الأخرى مسائل داخلية بحتة لا تتدخل فيها.

وتساءلت المجلة الأمريكية عما إذا كانت عبارات "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول" التي تعلنها بكين في كل مناسبة كافية للقارة الأفريقية، أم أن دول القارة بحاجة أكثر إلى التركيز على البنية التحتية، والبدء في تقديم أنواع أخرى من المساعدة، خاصة تحسين القدرة على الحوكمة؟

وأشارت المجلة إلى أن المسؤولين الصينيين دائما ما يبررون عدم انخراط بكين في عالم أكثر انفتاحا تجاه أفريقيا، بأن ذلك يعود إلى مخاوف الغرب بشأن الصعود السريع للصين وما قد يترتب عليه من إثارة مخاوف غير مرغوب فيها، معتبرة، (فورين بوليسي)، أن الغرب يتحمل مسؤولية السجل المتباين فيما يتعلق بالمساعدات الإنمائية للقارة والذي أتاح الفرصة أمام قوى أخرى لمحاولة سد الفجوة التي تركها الغرب.

وترى المجلة الأمريكية أنه إذا كانت الصين والغرب سيتنافسان فيما يسمى بالعالم النامي، فيجب أن يشمل التنافس النطاق الكامل لما يعتقد كل جانب أنه يجب أن يقدمه لخدمة دول القارة وتنميتها، لافتة إلى أهمية الابتعاد عن فكر التكتلات (كتل موالية للغرب وأخرى للشرق) أو تشكيل تحالفات، أو الانجراف إلى صراعات وحرب باردة سيما وأن النسبة الأكبر من تكلفة هذه الصراعات ستتحملها دول القارة نفسها.

وشددت "فورين بوليسي" على أهمية أن يتخذ الغرب موقفا أكثر تواضعا في تعامله مع إفريقيا، وأن تكون البداية بالإقرار بأن الأموال التي أُنفقت ببذخ لسنوات تحت العنوان الغامض "بناء القدرات" لم تكن ذات جدوى أو مفيدة للمنظمات غير الحكومية أو المنظمات غير الهادفة للربح العاملة هناك أو حتى للمستشارين في واشنطن والعواصم الأوروبية.

كما يجب الإقرار بأن القيمة العملية للديمقراطية الانتخابية -لا سيما بالصورة الرسمية الضحلة (الشكلية)- صمدت فقط خلال حقبة ما بعد الحرب الباردة في العديد من البلدان الأفريقية، بدوافع غربية قوية، شملت –وفقا للمجلة- التلويح بـ "العصا والجزرة"، وأن التآكل المستمر للديمقراطية في الولايات المتحدة –خاصة مع تدمير الأعراف من جانب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، والهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير 2021، وغيرها- يضع الولايات المتحدة في موقف ضعيف للغاية يمكن من خلاله وعظ أو توجيه الآخرين. 

لذا، يجب على الغرب العمل بجدية أكبر مع الجانب الأفريقي لتطوير طرق لربط الانتخابات بنواتج الحوكمة الحقيقية، مثل معدلات الالتحاق بالمدارس عالية الجودة، ومدى وفرة المرافق والخدمات، وتحسين الشفافية في موازنات الدولة والمشتريات والعقود، والحد من الفساد العام على جميع المستويات بشكل قابل للقياس.

وعلى الرغم من النجاحات المبهرة التي حققتها الصين في بعض المجالات، سيما البنية التحتية العامة التي أقامتها بسرعة فائقة خلال فترة قصيرة نسبيا، وتحسين جودة بيروقراطيتها، إلا أنه لا يجب التسليم بفكرة أن البلدان الأفريقية يمكنها أو ينبغي عليها أن تحاول تقليد نموذج الصين، خاصة وأن هذا النموذج –وفقا لفورين بوليسي- لا يخلو من العيوب، وهناك بعض المشاكل الخطيرة التي بدأت تظهر بشأنه بعد سنوات من تطبيقه.

وشددت المجلة الأمريكية على أنه إذا كان لدى الصين ما تساهم به في مساعدة أفريقيا، فيجب أن يكون من خلال تدريب الناس، أو استخدام مقاييس الأداء في مختلف القطاعات، أو مشاركة رؤى ناجحة من تجربتها الخاصة، بما يمكن أن يساهم بصورة كبيرة في التنمية الأفريقية، داعية الغرب أيضا إلى إعادة النظر في تصوره ونهجه غير الفعال للمساعدة في تحسين الحكم وبناء القدرات في القارة الأفريقية إذا رغب الاستمرار في المنافسة.