رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

كوميديانات الزمن الجميل| تحية كاريوكا.. بنت البلد تحارب الفساد بالمسرح السياسي

الفنانة تحية كاريوكا
الفنانة تحية كاريوكا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

الكوميديا نوع من أنواع التشخيص الجميل ذات طابع خاص، يجسد فيه الممثل شخوص معينة في صور وقوالب مرحه من صنع المفارقات، ينتج عنها عروضا تُكتب بقصد التسلية في فصول سهلة تنهض على المفارقة والافيهات الخالدة لصنع حالة من البهجة والسعادة للجمهور.
وتحت قبة المسرح تجتمع كافة أشكال الفنون، وخلال رحلته الطويلة وقف على خشبته مبكرا؛ مجموعة من الرائدات منذ مراحله الأولى وصولا اللحظة الحالية، قدمن تراثًا خالدًا سيبقى على مر الزمان.
اختص المؤرخ المسرحي د. عمرو دوارة "البوابة نيوز" بفصول لم تنشر بعد من موسوعته الجديدة "سيدات المسرح المصري"، التي تضم السيرة الذاتية والمسيرة المسرحية لـ150 رائدة، منذ بدايات المسرح الحديثة 1870 حتى 2020، والمصحوبة بصور نادرة سواء شخصية أو لعروضهن المسرحية، وقد نجحن في المساهمة بإبداعهن في إثراء مسيرة المسرح المصري.
وخلال أيام الشهر المبارك نستكمل نشر 30 حلقة للسيرة الذاتية لرائدات برعن في أداء الأدوار الكوميدية، بعدما قدمنا على مدار الأعوام الماضية عدد من السلاسل حول رائدات المسرح المصري بمختلف تصنيفاته.

الفنانة تحية كاريوكا

احتراف ابنة محافظة الإسماعيلية الفنانة تحية محمد كريم الشهيرة بـ"تحية كاريوكا" – "22 فبراير 1917 – 30 سبتمبر 1999" - الفن بعدما استقرت بالقاهرة عام 1935، وبدأت المسيرة الفنية بانضمامها ككمبارس في صالة "رتيبة وأنصاف رشدى"، والتحقت بصالة الراقصة السورية سعاد محاسن، ومنها انتقلت إلى صالة بديعة مصابني التي تعهدتها بالرعاية والتدريب وأطلقت عليها اسم الرقصة الشهيرة "كاريوكا" لبراعتها في أدائها. 
تحية كاريوكا فنانة شاملة بمعني الكلمة ومتعددة المواهب، مارست الرقص، والتمثيل، والغناء، وشاركت في بطولة عدد كبير من الأفلام منذ النصف الثاني من ثلاثينيات القرن الماضي، واشتهرت في مرحلة البدايات بأداء شخصية الغانية اللعوب، والراقصة المتطلعة للثراء، وبعد ذلك بأدوار بنت البلد خفيفة الظل، والمعلمة أو زعيمة العصابة، هكذا أوضح المؤرخ المسرحي الدكتور عمرو دوارة، مضيفا أنه في أوائل الخمسينيات بعدما اعتزلت الرقص - وبالتحديد عام 1955 - تفرغت للتمثيل، وقامت بأداء بعض الأدوار الإنسانية للعالمة المعتزلة أو للأمهات المكافحات أو للحموات، ومن أهم أفلامها السينمائية: "لعبة الست، وشباب امرأة، والفتوة، وسمارة، وأم العروسة، والسقا مات، وخللي بالك من زوزو، والكرنك، والصبر في الملاحات". 
نجيب الريحاني
وكان للفنان نجيب الريحاني الفضل الأول في تحقيق مكانتها السينمائية باختياره لها لمشاركته بطولة فيلم "لعبة الست"، وأيضا في توجيه نظرها للمسرح.
والحقيقة أن شخصيتها لا تتميز بالقوة والصدامية فقط، لكنها تتسم أيضا بالرقة والحنان في تناغم فريد، ويكفي أن نذكر أنها كانت رابع امرأة في الشرق – بعد منيرة المهدية، وفاطمة رشدى، وملك – تؤسس فرقة مسرحية تحمل اسمها، بالإضافة إلى مشاركتها بمجلس نقابة المهن التمثيلية في أكثر من دورة، وتوليها لمنصب وكيل النقابة ورئيسة لجنة القيد بها، ويحسب لها استمرارها في عطائها وتميزها بجميع القنوات الفنية حتى بعد ارتدائها للحجاب عام 1994، وإن كانت قد تفرغت في آخر أيامها للعبادة، والصوم، والصلاة. 
وبخلاف مشاركاتها ببطولة بعض العروض بمسارح الصالات في نهاية ثلاثينيات وبداية أربعينيات القرن الماضي، كما شاركت أيضا خلال فترة الخمسينيات في بطولة عدد من المسرحيات بفرقة "إسماعيل يس"، وأيضا بمسرحية "يامدام لازم تحبيني" لفرقة "ساعة لقلبك" عام 1961، وذلك قبل قيامها بتأسيس فرقتها المسرحية. 
فرقة "تحية كاريوكا"
كونت "تحية كاريوكا" فرقة باسمها مع زوجها المخرج والممثل فايز حلاوة عام 1962، وقدمت من خلالها حتى عام 1982 أكثر من 20 مسرحية اجتماعية، وسياسية، وأغلبها من تأليف وإخراج وبطولة فايز حلاوة، وتميزت الفرقة عبر مسيرتها الفنية بتقديمها للمسرحيات الكوميدية ذات الصبغة السياسية، فمعظم عروضها انتقادية تتناول الكثير من سلبياتنا السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية بأسلوب ساخر هزلي، وتكشف خلاله الكثير من مظاهر الانحراف والفساد الإداري والسياسي بالمجتمع، ويدرج كثير من النقاد مسرحيات فرقتها تحت مسمي "المسرح السياسي" أو "الكوميديا الاجتماعية"، واستمرت في تقديم عروضها بانتظام تقريبا في الفترة من 1961 إلى 1977، حتى توقفت لمدة 4 سنوات لعدم وجود مسرح، وتوقف نشاطها نهائيا عام 1982. 

جانب من إحدى عروضها المسرحية 


مسرح كاريوكا
كانت البداية المسرحية لها حينما انضمت إلى فرقة "إسماعيل يس" التي أسسها عام 1954 مع رفيق دربه أبو السعود الأبياري، والذي تحمل مسؤولية الادارة بالإضافة إلى تأليف جميع عروض الفرقة، فقدمت معهما أول عروض الفرقة "حبيبي كوكو" عام 1954، واستمرت معهم كبطلة لبعض عروض الفرقة التي ضمت الكثير من النجوم منهم: "محمود المليجي، واستفان روستي، وزينات صدقي، وسناء جميل، وزهرة العلا، وحسن فايق". 
ومن أهم الشخصيات التي قدمتها بفرقتها منها: شخصية تاجرة الحمير بمسرحية "البغل في الإبريق"، والمعلمة لطافة بائعة الروبابيكيا في "روبابيكيا"، ورئيفة عبد المعطى تاجرة الفراخ بـ"التعلب فات"، والأم المصرية المكافحة بأصالتها وتحملها وصبرها بـ"أم العروسة"، والراقصة الشهيرة التي تعتزل الفن بـ"شفيقة القبطية"، وحسنات نقيبة الشحاتين بـ"الباب العالي"، والناظرة المثقفة بـ"شقلباظ"، وغيرها من الأدوار المسرحية التي برعت في أدائها بكل صدق وإخلاص، وأكدت موهبتها كممثلة مسرحية راسخة ومتمكنة، تمتلك الحضور المسرحي، والقدرة على تجسيد الأبعاد المختلفة وأيضا تقديم الكوميديا الهادفة من خلال الموقف الدرامي.
قدمت مع صالة "بديعة مصابني" مسرحيات: "ليالي بغداد، ومتحف الشمع، والجوز الأمريكاني، والسفيرة عزيزة، والشيطان شاطر، وبيجامة البيه، وآخر زمن، وباريس تنتخب آلهة الجمال" عام 1935، و"الجبة المسحورة، وحانوتي الأنس، وحنطور أفندي، وعروسة بالمزاد، ونينتي وخالتي" في 1937، و"بشرة خير، وجراح الحب، وبنسيون محترم" عام 1938؛ ومع صالة "ببا عز الدين" عروض: "كعبور أفندي" عام 1939، وحرامي أرستقراط، والدنيا حظوظ، وأما ورطة، ودقن الباشا، وتدبير منزلي" في 1940؛ ومع فرقة "إسماعيل يس" مسرحيات: "حبيبي كوكو" عام 1954، و"كل الرجالة كده" في 1956، و"يالدفع يالحبس" عام 1959، و"حماتي في التلفزيون" في 1960، و"الحبيب المضروب" عام 1961؛ ومع "ساعة لقلبك": "يا مدام لازم تحبيني" عام 1961؛ ومع فرقتها "تحية كاريوكا" مسرحيات: "بلاغ كاذب" عام 1962، و"شفيقة القبطية" في 1963، و"حارة الشرفاء" عام 1964، و"قهوة التوتة، ولوكاندة شهر العسل" عام 1965، و"عفريت الست شوقية، وحضرة صاحب العمارة" في 1966، و"روبابيكيا" عام 1967، و"البغل × الإبريق، والقنطرة، وأوراق رسمية" في 1968، و"أم العروسة، والتعلب فات" عام 1969، و"علاقات عامة" في 1970، و"ياسين ولدى" عام 1971، و"كدابين الزفة" في 1972، و"نيام نيام" عام 1973، و"يحيا الوفد" في 1975، و"الباب العالي" عام 1977، و"شقلباظ" في 1982.
وإذا كانت "تحية كاريوكا" قد توقفت عن العمل بفرقتها بعد الخلافات الكبيرة بينها وبين "فايز حلاوة" بدءً من عام 1982 التي انتهت بالطلاق عام 1989، فإنها لم تتوقف عن العمل المسرحي بل شاركت في بطولة أكثر من عرض سواء بالقطاع العام أو الخاص، ومن أهمها عرض "جمعية قتل الزوجات" لمسرح الشباب عام 1986 للمخرج جلال توفيق، وعرض "شباب امرأة" للمخرج هاني مطاوع، للقطاع الخاص.

في السينما
شاركت "تحية" في إثراء مسيرة الفن المصري ببطولة ما يزيد عن 135 فيلمًا خلال ما يقرب من 60 عاما، وكانت أولى مشاركتها بفيلم "الدكتور فرحات" عام 1935 للمخرج توجو مزراحي، وآخر أفلامها "الجراج" عام 1995 للمخرج علاء كريم. 
شاركت زميلها الفنان حسين صدقي، والمخرج حسين فوزي، تأسيس شركة للإنتاج السينمائي تحت اسم شركة "أفلام الشباب"، وقامت بإنتاج ثلاثة أفلام هي: "أحب البلدي"، و"أحب الغلط"، و"الصبر طيب"، كذلك تم اختيار عشرة أفلام من بطولتها فى قائمة أفضل مائة فيلم فى تاريخ السينما المصرية طبقا لاستفتاء النقاد عام ١٩٩٦، وهي الأفلام التالية: "شباب امرأة، والفتوة، وإحنا التلامذة، وا إسلاماه، وأم العروسة، وخلى بالك من زوزو، والكرنك، وزائر الفجر، والسقا مات، وللحب قصة أخيرة".
جسدت بعض الأدوار الرئيسة بعدد من المسلسلات والتمثيليات التليفزيونية المهمة منها: "شقة بدون سقف، وحكايات هو وهي، وصابر يا عم صابر، ودموع الشموع، وسر الأرض"؛ كما ساهمت في إثراء الإذاعة المصرية بعدد كبير من الأعمال الدرامية على مدار ما يقرب من نصف قرن منها: "مدرسة الفضائح، ورزق الهبل، والهاربة، وبركة الست، وزكية الغبية".