الإثنين 06 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة لايت

مئة بيت من الشعر العربي.. عصير الحب والموت والحكمة

 صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى تراث الشعر العربى، منذ ما قبل الإسلام إلى نهاية العصر العباسى، كنوز وجواهر لا ينبغى للأجيال الجديدة أن تجهلها. نقدم كل يوم بيتا من عيون الشعر القديم، مصحوبا بإضاءة قليلة الكلمات، فى محاولة لتحقيق التواصل الضرورى والاستمتاع بعصير الحب والحكمة والموت.

 عروة بن أذينة

«إن التى زَعمت فؤادك ملّها

خُلقت هواك كما خُلقت هوى لها»

منذ مطلع قصيدة عروة، وعبر أبياتها جميعا، مزيج ممتع من الرقة والعذوبة والصدق، ويقترن ذلك كله ببساطة خلابة قوامها بناء عفوى مردود إلى توهج الرؤية وعمق التجربة. الارتباط حتمى قدرى لا مهرب منه، ومفردة مثل «الملل»، حتى عندما تأتى على سبيل الزعم والادعاء، لا موضع لها فى قصة حب أقرب إلى الأساطير.

البناء القصصى فى قصيدة عروة القصيرة بمثابة البرهان على ريادته وتفرده، وهو ما ينعكس بالضرورة على لغة لا تقعر فيها أو تنطع. لغة كهذه لا تطل إلا فى التجارب الشعرية والإنسانية الصادقة، حيث الانشغال بالحالة دون اهتمام بلعنة الصناعة والتصنع وتسول الصدق.

قبل قرون من اختراع السينما، يبدع الشاعر القديم عظيم الموهبة، ابن القرن الثانى الهجرى، فى تقديم مشهد خلاب يحمل الكثير من روائح الفن السابع وإيقاعاته، مسلحا بالمتاح له من أدوات وإمكانات: السيناريو المحكم، الحوار المكثف، الوصف البعيد عن الثرثرة والتكرار، الحركة المحسوبة فى دقة بلا ترهل.

فقيه محدث ورع يكتب على هذا النحو؟ لا غرابة تثير الدهشة، والمنطق السوى ينفى التنافض الوهمى بين الدين والدنيا، ويحول دون الصدام بينهما.