الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"الثقافة" تصل "الدايرة المقطوعة" مع الجماهير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"إذا مش نازلين للناس

فَ بلاش

مادام الدايرة ماكاملاش

والحاجة ماتاماش

وأصحاب الحاجة ماعارفاش".. هكذا عبر الشاعر الكبير الراحل، صاحب الحكمة، عبدالرحمن الأبنودي، ابن الصعيد، عن ضرورة النزول للجماهير في مواقعهم ومخاطبتهم بالفنون ومواد الثقافة الرفيعة، بدلا من مخاطبة الجماهير من الأبراج العاجية التي يسكنها المثقفون.

أبدع الابنودي مصطلح "الدايرة المقطوعة" في قصيدته الخالدة،  ليرمز به إلى حالة القطيعة التي صارت لوقت طويل أشبه بالدستور الذي يحكم العلاقة بين النخبة والناس، محرضا على أهمية وصول مناقشات المثقفين إلى "عويضة"، الذي يفصل بيننا وبينه حاجز..

 

أكبر من كل الأحلام

واسْمَك..

وأكبر

من جهلى وجهلك..

واسمى..

واسمك!!.

هذه الأيام، بدأت وزارة الثقافة بالتفكير في طريقة تصل بها رتق القطع الذي أصاب هذه "الدايرة"، و"خلى ما بين النبى والخلْق"، "غربة وتقطيع مشاوير"، ولم تجد الوزارة سوى الفنون والطرب الأصيل رسالة سامية تتوجه بها إلى أهالي الصعيد في ثلاث محافظات.

ثلاثة مهرجانات فنية أحياها نجوم الطرب والفنون الشعبية، نجحت في أن تجذب عشرات الآلاف من المواطنين المتعطشين لأحداث فنية كبرى، لم تتح لهم الفرصة في أن يشاهدوا نجومهم أمامهم وجها لوجه من قبل، وقد شاهدت بنفسي آلاف المواطنين من أهالي أسوان الطيبين قبيل ساعات من تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بمعبد أبوسمبل، منبهرون بعروض فرقتي رضا والقومية للفنون الشعبية، خاصة أن هذه الفرق ومعها فرق فنية من ٨ دول مختلفة، تقف لأول مرة على أراضي قرى ونجوع ومسارح أسوان لتقديم عروضها، بحضور أكثر من 15 ألف مشاهد من أبناء المحافظة وضيوف مصر من الأجانب.

بدأت الرحلة من أسوان عبر مهرجان أسوان التاسع للثقافة والفنون، والذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة الفنان هشام عطوة وأقيم في الفترة من 15 وحتى 22 فبراير الماضي، ونُظمت فعالياته في 13 موقعا بقرى ومراكز محافظة أسوان.

وتواصلت الجهود بإقامة الدورة الثانية لمهرجان دندرة للموسيقى والغناء، في محافظة قنا، ونظمته دار الأوبرا المصرية وضم 3 حفلات أحياها على التوالى كل من أمير الغناء العربى هانى شاكر، ريهام عبد الحكيم ونجما الأوبرا ياسر سليمان وايمان عبد الغنى، طارق العربى طرقان وأبناءه، وحضره 20 ألف مواطن.

وخلال هذه الساعات تضع الوزارة اللمسات النهائية للدورة الأولى من مهرجان أبيدوس، بمحافظة سوهاج، والذي تنظمه دار الأوبرا المصرية برئاسة الدكتور مجدى صابر فى الفترة من 10 حتى 12 مارس، تضم 3 حفلات يحييها على التوالى النجوم هشام عباس، على الحجار، ومدحت صالح، بمصاحبة عازف البيانو الشهير عمرو سليم وفرقته.

نجاح هذه المهرجانات والفعاليات الفنية يأتي كونها تقام في بهو المعابد المصرية القديمة، بما تحمله من سحر خاص، خارج الأماكن التقليدية في قصور الثقافة أو غيرها من المسارح الأخرى، وهو اختيار يكشف عن جوانب تنظيمية مميزة، تضم أيضا اختيار المطربين والفقرات الفنية المناسبة لكل محافظة عن الأخرى وفق ثقافتها وتقاليدها وأعرافها، بما يضمن الإقبال الجماهيري للمهرجانات والنجاح اللائق للحفلات.

كل ذلك يتم بينما على بعد خطوات من قريتي "العقلية"، وهي قرية نائية في محافظة المنيا تقام عروض مسرحية "أمر تكليف" إنتاج البيت الفني للمسرح في قرية "شم البحرية"، فيما ينتقل العرض اليوم إلى قرية عطف حيدر، وهي قرية مجاورة أخرى.

ولفت نظري الحشد الجماهيري الغفير من النساء والأطفال الذين تسابقوا للفوز بمقعد في العرض، ما يعني أن الفنون لها تأثير كبير وجاذبية خاصة على أهالينا في الأرياف والصعيد يجب استغلالها بشكل جيد لبث الأفكار الإيجابية مثل قيمة العمل والاجتهاد، ونبذ العنف والتطرف.

يتبقى أن يتنبه القائمون على هذه المهرجانات والفعاليات إلى ضرورة تطويرها خلال الدورات المقبلة، من خلال العمل على تطعيمها بفقرات من الفنون الرفيعة مثل بعض المشاهد الأوبرالية للارتفاع بذوق جماهير الصعيد التي باتت تنتظر مثل هذه الفعاليات بشكل سنوي يشبه انتظار جماهير القاهرة لمهرجان القلعة، وكذلك ينبغي أن تكون هناك صيغة ما لإقامة أمسيات شعرية وندوات فكرية سريعة، يمكن أن تكون كبسولات فكرية تسبق الحفلات الفنية التي تتوق لها الجمهور، بما يضمن حضور أكبر عدد من المواطنين، خروجا من الأزمة الأزلية التي تحكم الوسط الثقافي، التي عالجها الأبنودي خاتما قصيدته بقوله: الفاس يردم بذرة

المنجل يحصد سبلة

الشغل يجيب أجرة

وانت بعى….ـد

بحكاية

مامفهوماش!!

بينَّنا وبينُه شعْرة

وأرقّ من الشعرة

ده اللى مفروض

ناسج علم الثورة

وصانع بكرة

واحنا شهدا..

مع إننا.. ماحاولناش.

حاجة..

ماراكْباش!!