رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عروسة الإسماعيلية وحق المجتمع

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

انتوا ازاي تتهجموا على الناس كده في بيوت الدعارة؟!".. ذلك الإفيه الشهير للفنان محمد هنيدي في فيلم جاءنا البيان التالي، هو ما راودني عند قيام عريس الإسماعيلية الذي لقن زوجته علقة ساخنة في الشارع وذويه، باللوم على من قام بتصوير ونشر الفيديو الذي يوثق جريمته.

الغريب في الأمر أن البعض اتفقوا معهم بشأن ذلك العبث، حيث تركوا جريمة الضرب التي يعتبرها القانون المصري جنحة تصل عقوبتها للحبس مدة ثلاث سنوات، ورأوا أنه طالما تنازلت الزوجة عن حقها ولم تحرر محضرًا فالتصوير والنشر هنا يعتبر خطأ وفضيحة لأطراف الواقعة.

الحقيقة أن تصوير فيديو جريمة عريس الإسماعيلية من قبل الزميلة الصحفية أميرة عبد الحكيم هو فعل ينبغي الاحتفاء به لعدة أسباب، أولها أنها قامت بتوثيق الحدث من خلال فيديو كان يمكن للعروسة الاستعانة به أمام جهات التحقيق إذا قررت اللجوء للقانون لينال الزوج عقابه على ما بدر منه تجاهها.

أيضًا تصوير جريمة في الشارع هو أمر لا بد منه ويجب أن يقوم به أي مواطن عادي، فقد لا تستطيع منع الجريمة ولكن يمكنك توثيقها لمعاقبة مرتكبها ومساعدة الضحية، وهنا مصور الواقعة يقوم بواجبه الإنساني والمجتمعي، بل والقانون يؤيده في ذلك فهناك العشرات من القضايا التي أثيرت وتم إدانة مرتكبيها بسبب هذا النوع من الفيديوهات.

وفي تلك الواقعة، حتى وإن لم يتم عقاب عريس الإسماعيلية بالقانون، فيجب معاقبته وردعه مجتمعيًا، يجب أن يظل موصومًا بعار تلك الجريمة حتى يعلم مدى حجم الخطأ بل والجرم الذي ارتكبه، ولكن لم يكن يتحقق ذلك بدون الفيديو الموثق للواقعة.

تعالت نبرات البعض عقب تصالح الضحية مع الجاني وإتمامها للزواج، قائلة طالما أنها راضية فهي حرة والمجتمع ليس له حتى حق إبداء الرأي في ذلك السلوك المشين الصادر على مرأى ومسمع من الجميع، متغافلين عن حق المجتمع الذي تأذى معظم أفراده الأسوياء نفسيًا من رؤية تلك الواقعة المؤسفة.

لا أعلم كيف تغافل هؤلاء عن مشهد الفتيات الصغيرات وهن يبكن بشدة حول العروسة، من يعالجهن من تلك الصدمة التي يصعب نسيانها، كيف تغافل هؤلاء عن السب الذي قد طال كل من حاول الدفاع عن العروسة ومنهم الزميلة مصورة الفيديو التي أكدت على تعرضها للسب من قبل شقيقة العريس.

كيف تغافل هؤلاء عن الجريمة بتفاصيلها المهينة للمرأة واعتبروها واقعة لا يحق لأحد التحدث عنها بمجرد تنازل الضحية عن حقها؟!

أرى أنه يجب مناقشة وجود تشريع لمثل تلك الحالات يعاقب الجاني حتى في حالة تنازل الضحية، فهناك وقائع يعاقب عليها القانون بهذا الشكل، مثل خدش الحياء العام، حيث قد يتم معاقبة زوجين حال تبادلهم للقبلات في الشارع، وهنا جريمة الضرب تضر المجتمع نفسيًا بشكل مؤذي أكثر من مجرد خدش الحياء، كما أن الكثيرين يحاكمون بتهمة هدم القيم الأسرية، فهل ما فعله ذلك الذكر ليس هدم لقيم المودة والرحمة التي يجب أن تؤسس عليها البيوت؟!

على جانب آخر، أريد توجيه اللوم لبعض وسائل الإعلام التي أجرت حوارًا مع العريس وذويه عن طريقة إجراء الحوار، فالإعلامي الذي يوجه الأسئلة يجب أن يكون محايدًا وليس منصاعًا أو خائفًا عند توجيه الأسئلة.. الحقيقة كنت مندهشة عندما وجدت أحدهم يطلب من الجاني توجيه رسالة للناس فرد العريس بكل ثقة "خليكم رجالة وكونوا غيورين على أهل بيتكم واللي عملته ده عادي في أي بيت"، بل وتحدث باسم الدين حتى يبرر جريمته، في ظل صمت الزميل.

لم أتوقع من الزميل الذي أجرى الحوار أن يسأله بصوت ريهام سعيد "مش ندمان؟!" ولكن على الأقل كان يجب أن يستوقفه ويوجه رسالة تحذيرية للجمهور بأن الضرب جريمة والدين بريء من مثل هذه الأفعال، بدلًا من جعله بطلًا يوجه النصائح للمجتمع!

ختامًا.. تحية للزميلة أميرة عبد الحكيم، مدير مكتب البوابة نيوز بمحافظة الإسماعيلية، لتصويرها الفيديو، وتحية لكل شخص سوي نفسيًا استنكر تلك الجريمة التي قد تكون جرس إنذار للمجتمع، لوجوب تسليط الضوء على مثل تلك الجرائم ووضع حد لها بالقانون.