الإثنين 03 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الروائية اللبنانية سونيا بوماد: قررت خوض المجهول عبر "ثقب الذاكرة الأسود"

غلاف الرواية والكاتبة
غلاف الرواية والكاتبة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في روايتها الجديدة "ثقب الذاكرة الأسود"، تخوض الكاتبة والروائية اللبنانية سونيا بوماد عالمًا جديدًا من الفنتازيا، مُبتعدة عن أجزاء حملت بعضًا من سيرة ذاتية وحنين إلى الوطن، سواء في روايتها "الرصاصة الصديقة" أو مجموعتها "البحث عن الوطن"، لتلاحق أجواء تمزج التاريخ بالخيال، كما فعلت في مسرحيتها الأخيرة "محاكمة زيوس"، التي عُرضت في مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية قبل عام تقريبًا.

"هنا يا صديقي، في هذا الفضاء المهجور، تستفيق المشاعر كأننا نعيش حالة ما قبل الموت. فعندما يعلق الجسد بين السماء والأرض، ويصبح موطنك كحبة رمل كونية تحت قدميك، يتغير منظورك للأمور كأنك دخلت مرحلة وضوح الرؤية التي تحجبها عنك زحمة الحياة وصخب المشاعر، وتلك الأنا التي تحاول جاهدة طوال الوقت أن تقصر اهتمامك عليها دون سواها".

في هذه الرواية، التي تشارك بها ضمن إصدارات مكتبة مدبولي في الدورة الـ 53 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمزمع انطلاقها في الفترة بين 26 يناير الجاري وحتى 7 فبراير المُقبل، تعود سونيا إلى أسطورة مغبرة من أيام نهايات الرايخ الثالث في ألمانيا النازية، حيث السلاح السري الذي لوّح به هتلر لخصومه قبل أن ينتحر في دار المستشارية".

غلاف الرواية

"حتى الثقب الأسود كان يوما كوكبا جميلا وأجبرته الطبيعة على التحول، وانتقاما لفتنته راحت هالته تدور وتدور وتبتلع كل ما حوله وتأخذه إلى العدم، لقد أصبح هذا دوره في هذه المرحلة. ربما سيعود ليتشكل كوكبا من جديد؟ فلولا هذه الثقوب السوداء، لما خلق الثقب الأبيض، وهذا ما علينا أن نفعله لكي نخرج الحياة من الموت".

 ترى سونيا هذه الأسطورة بعين مهندس صواريخ انتقل إلى الولايات المتحدة بعد انهيار ألمانيا. بعدها، تقفز بالزمن إلى حفيده الذي يواصل مسيرة جده، فيعمل مهندسًا لصواريخ الدفع الفضائية، وينتهي به الحال إلى محطة الفضاء، عالقًا بين زميلين آخرين، هما رجل وامرأة، كل منهما له قصة أخرى بدوره. هؤلاء الثلاثة يواجهون خطرًا مجهولًا أصّلته حكايات أمريكية بلغت ذروتها بين الحرب العالمية الثانية ومنتصف الستينات من القرن العشرين، حيث الحديث عن الأطباق الطائرة والكائنات الفضائية، واحتمالية وجود حياة خارج الأرض لا نعرفها.

في حديثها لـ "البوابة نيوز"، تُشير سونيا، المقيمة أغلب الوقت بالعاصمة النمساوية فيينا، إلى أن الرواية تحمل الكثير من القضايا بين طيات صفحاتها. تتحدث عن العنصرية، وتقبل الآخر، والحديث عن الماضي والمستقبل والكثير من الذكريات. حاملة همّها المُهاجر الذي اعتادت عليه، لكن هذه المرة بشكل آخر.

يأتي اسم الرواية من أكبر أسرار الكون، الثقب الأسود الذي يبتلع كل ما في مجله دون رجعة، حتى الضوء نفسه. تعتبر الروائية اللبنانية أن ثقبها الأسود هو "المكان الذي تدخل فيه المعلومات والأسرار التي يراد التخلص منها واخفاءها دون رجعة".

"نحن يا مريم أضعف من أن نواجه حتى أنفسنا بحقيقتها، إننا نُعالج الجريمة بجريمة أكبر حتى نبقى أبرياء إلا من الرياء".

تُشير سونيا إلى أن فكرة الرواية انبثقت من متابعتها للكثير من الأخبار والبيانات حول ظهور أجسام غريبة مجهولة المصدر، وغيرها من الظواهر الغامضة التي أغرقت سُكان الأرض بالخوف من المجهول القادم "اعتدنا القراءة ومشاهدة الأفلام حول الكائنات الفضائية والمركبات الغامضة، والمنطقة 51 في صحراء نيفادا. هكذا قررت خوض هذا المجهول في ربط بين الحال الواقع والخيال. عبر تناثر التفاصيل بين وكالة الفضاء ناسا ومحطة الفضاء الدولية، وأحد البلدان العربية. عبر سرد يحكي قصص أبطال الرواية بين تلك المجتمعات التي يشغلها العلم والمعرفة والجهل والخرافة في أحيان أخرى".

سونيا بوماد

بجوار التساؤلات والخرافة، تحكي سونيا بوماد عن قصة حب معقدة تدور بين أبطالها الثلاثة القابعين في المحطة الدولية " هؤلاء تشعبت جذورهم ليمثّلوا حضارات العالم، خاصة الفتاة "يالندا" التي غزت جذورها العربية الفضاء، وبقيا تحمل معها أطنان من المشاعر والتناحر والصراعات بين الواقع والمفاهيم المكتسبة. في مقابل "ماثيو" حفيد مهندس الصواريخ النازي الذي عاش مع إحساس والدته بالعزة والعار معًا تجاه أبيها وقائده الذي أشعل العالم. بينهما أمريكي قح هو "روبرت"، الذي ينتمي إلى عالم يحبه ويفتخر به أحيانًا، ويرفضه ويلعنه أحيانًا أخرى".

وتلفت: "أما القطب الأهم في روايتي هذه فليس بعيدا عن بيتنا وحارتنا، هما "جمال" و"مريم" أصدقاء "يالندا "، واللذان أراهما أبطال القصة الحقيقيين، حيث يعيشان في مجتمع عربي يصارع من أجل العيش.

"عشرات الأفلام والأفكار والوحوش والدجال والمخلص، كلها صدى لصوت واحد في كهف مهجور، عليك أن تخاف لتجمع المال، علينا أن نحميك ليصبح إنفاقك للمال مبرر/ هذا ما انكشف لي واعتقدت يومها أني قد وصلت إلى الحقيقة، ولكن لم يكن هذا سوى مدخل صغير إلى حيرة جديدة أمام أبواب لا ندري ما يوجد خلفها هل هي الحقيقة؟ أم كذبة أخرى علينا أن نصدقها؟"

تدين سونيا في هذه الرواية إلى شهور العزل الصحي الطويلة التي قضتها في منزلها في فيينا "كانت ثمانية أشهر كافية للخروج من هذه العزلة بالرواية التي تضمنت الكثير من التفاصيل التي علقت بذهني كثيرًا. رغم ذلك أعتبر أن مدة كتابتها قصيرة رغم تشعب المواضيع ودقتها، وذلك مقارنة بالوقت الذي استغرقته في كتابة أعمال أخرى. 

تلفت كذلك إلى أن "ثقب الذاكرة الأسود" ليس تجربتها الروائية الأولى في الخيال "فقد قدمت "أنا الآخر" عن الاستنساخ البشري. وكذلك رواية " كايا" والتي كانت مشغولة بالأساطير الإغريقية. أؤمن بأننا إذ لم نمتلك أدوات المعرفة سنبقى مجرد متلقي يستقبل ما يرسل إليه، وعليه أن يصدق. سيظل الإنسان يتساءل عن تلك الصور الغامضة، وعن الموضع الخالي في صحراء نيفادا، ويتأمل القصص القديمة حول غزو الفضائيين، طالما لم نمتلك بعد حق إبداء الرأي والمشاركة العلمية، والتي تتطلب أبحاث وقراءات وتحليل واستقصاء". مشيرة إلى أن كل المعلومات العلمية الواردة راجعها أصدقاء لها من المتخصصين.