الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تزوير شهادات اللقاح.. جريمة إنسانية تهدد العالم.. "الإنترنت المظلم" وسيلة عصابات بيع البطاقات المزورة في أمريكا وروسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا.. و750 دولارًا سعر اللقاح على الإنترنت

تزوير شهادات كورونا
تزوير شهادات كورونا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جريمة إنسانية أخلاقية تجتاح العالم، تتمثل فى تزوير شهادات الحصول على لقاح كورونا، فى العديد من دول العالم على رأسها دول أمريكا وروسيا ودول الاتحاد الأوروبى والشرق الأوسط وآسيا، مما قد يؤثر سلبا على الجهود العالمية لمواجهة الوباء الفتاك الذى قضى على 5.15 ملايين من البشر، وأصاب 257 مليون شخص حول العالم حتى كتابة هذه السطور.

عصابات عالمية مترابطة ببعضها، فى العديد من دول العالم، تستغل الظروف الإنسانية، وتوفر خدماتها ببيع لقاح كورونا أو شهادات مزورة للحصول على اللقاح، أو شهادات عن الإصابة بالفيروس، وكل ذلك عبر متصفح الإنترنت المظلم (Dark web)، وهو عبارة شبكة مشفرة ولا يمكن اكتشافه باستخدام محركات البحث التقليدية أو زيارته باستخدام المتصفحات التقليدية، ويطلق المتخصصون عليه اسم «أرض الخدمات المخفية» أو «دارك ويب»، حيث تجرى من خلاله مختلف المعاملات التجارية السرية، ويمكن التنقل إليه والتجول فى مواقعه من دون أن يترك الشخص أى آثار، أى أنه سيكون مخفى الهوية، وأنشطته غير مسجلة على أى محركات بحث، ولا يمكن تعقبه.

شهادة تطعيم كورونا

وتكتب العصابات، إعلاناتها وخدماتها على «الإنترنت المظلم»، باللغات المختلفة وأكثر الإعلانات مكتوبة باللغة الروسية والإنجليزية والسيريلية الصربية، وأيضا عمليات شراء اللقاحات المضادة لكورونا تشهد إقبالا كبيرا، خاصة فى دول أمريكا وألمانيا وفرنسا وروسيا، وأسبانيا، وأوكرانيا.

وتتراوح أسعار لقاحات أسترازينيكا أو سبوتنيك أو سينوفارم أو جونسون آند جونسون على «الإنترنت المظلم»، ما بين ٥٠٠ و٧٥٠ دولار، فيما تعرض الشهادات المزورة بسعر ١٥٠ دولار للشهادة الواحدة.

ففى روسيا، مع انتشار الشكوك فى الأثر الجانبية للقاحات، وأيضا جدوى مفعولها، لجأ كثير من المواطنين، لشراء شهادات مزورة تفيد بتلقيهم اللقاح، وتحول الأمر إلى ظاهرة كبيرة، ازدات، على خلفية إعادة الفتح التدريجى للدولة، وفرض الدولة تصريحا رقميا من أجل الدخول إلى الأماكن العامة والمنشات، وانتشرت مواقع على الإنترنت تعرض خدماتها لبيع الشهادات المزورة حيث يبلغ سعر الشهادة المزورة ما بين ألفى وأربعة آلاف روبل، وذلك رغم مجانية اللقاح.

وانتشر على موقع التواصل الاجتماعى «تليجرام»، منشور يفيد بعرض بيع بيانات لنحو نصف مليون روسى، حصلوا على شهادات مزورة تفيد بتلقيهم لقاخ كورونا، أو شهادات «pcr»، مما دفع أحد الصحفيين بجريدة «كوميرسانت» الروسية، بالتواصل مع أحد المواقع التى تعرض بيع البيانات، فوجدهم يطلبون منه ١٢٠ دولار عن بيانات كل ١٠٠٠ شخص، تتضمن الجواز السفر ورقم التأمين الحكومى، ورقم الهاتف، ومكان الإقامة.

وفى أمريكا، أوقف السلطات، صيدلانيا باع عبر تطبيق « eBay»، إلى عشرات المواطنين شهادات مزورة تفيد بتلقى لقاح كورونا مقابل ١٠ دولارات للشهادة الواحدة، صادرة عن مراكز مراقبة الأمراض والوقاية، وهى الهيئة الصحية الفيديرالية الرئيسية فى البلاد، وذلك خاصة فى ظل الإجراءات التى فرضتها السلطات بمنع غير الملقحين إلى الأماكن العامة والمصالح الحكومية، والمحال التجارية.

شهادات مزيفة

وتعامل السلطات الأمريكية بكل حزم وصرامه مع القضية، حيث وجهت إلى الصيدلى ١٢ تهمة، مرتبطة بسرقة ملكية عامة، ومن المقرر أن يصدر الحكم بحقه لمدة ١٢٠ عاما، أى ١٠ سنوات عن كل قضية.

وفى ألمانيا، قامت اتحادات أطباء التأمين الصحى القانونى (KV) بتسوية التكاليف مع مكتب الضمان الاجتماعى الاتحادى لأول مرة، فى أبريل الماضي، حيث تم الكشف عن تلقى مراكز الاختبار، ١٨ يورو، عن كل شهادة، وتم بالفعل تفتيش مبان تجارية ومنازل خاصة فى منطقة الرور. كما تم مصادرة الوثائق. ولم يرغب الادعاء العام فى الكشف عن اسم الشركة المشبوهة.

وفى فرنسا، تم إيقاف ممرضة عن العمل فى مستشفى Saint-Anne الباريسي، بعد اشتباه إدارة المستشفى بإقدامها على إعطاء «شهادات تلقى اللقاح لأشخاص لم يتلقوه فعليا، بعد تحديد مواعيد مع أشخاص أصرت على إعطائهم اللقاح بنفسها.

أما فى مصر، فاتخذت الحكومة المصرية، إجراءات استباقية، لمنع جريمة تزوير شهادات تلقى لقاح كورونا، بالتزامن مع إجراءات منع غير الملقحين من دخول المصالح الحكومية والمنشآت العامة، الذى بدأ فى ١٥ نوفمبر الجارى، حيث حذرت وزارة الصحة من تزوير شهادات الحصول على لقاح كورونا، وأفادت أن عقوبتتها تنطبق على جريمة «التزوير فى المحررات الرسمية»، وهى السجن من ٣ سنوات إلى ١٠ سنوات.

مفاسد

دار الإفتاء، أصدرت بيانا عاجلا، أوضحت فيه، أن تزوير شهادات لقاح كورونا يعتبر محرم شرعا، لما فيه من كذب ومفاسد وإثم كبير يقوم به فاعله والمستفيد من التزوير.

شعبان

وفجر الدكتور رشوان شعبان، أمين عام مساعد النقابة العامة للأطباء، مفأجاة من العيار الثقيل، أن التزوير ليس فى المحررات وإنما يكمن فى أن المواطن لا يتلقى التطعيم، من الأساس، ويتم تسجيله على أنه تلقى اللقاح وبالتالى فالشهادة سليمة وتم تسجيلها على السيستم، بأنه أخذ الجرعات الأولى والثانية، فعليا لكنه لم يتلق اللقاح، وهذه الجريمة يصعب إثباتها وتخضع للمعايير الأخلاقية والضمير لمن يقدم الخدمة.

وقال شعبان فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إن تزوير شهادات الحصول على لقاح كورونا، جريمة مستحدثة، وبالتالى يتم توصيفه فى القانون الحالى تزوير محرر رسمى، لكن نحن نحتاج إلى توصف الجريمة، وصياغة قانون قوى لمواجهة هذه الأزمة.

وأشار إلى أنه إذا ثبت تزوير طبيب لشهادات الحصول على لقاح كوروونا بحكم قضائى بات، سيتم اتخاذ الإجراءات النقابية ضده، بتحويله إلى لجنة التأديب، لثبوت جريمة مخلة بالشرف بحقه، وعقوبتها قد تصل إلى الشطب من قيد النقابة، أو الغرامة المالية الكبيرة أو الوقف المؤقت عن ممارسة المهنة.

وتابع شعبان، أن اللقاح غير إجبارى فى العالم كله، وهذه الأمور تنظيميه، وحتى الآن اللقاح ليس مرخصا له، وبالتالى يتم أخذ اختيارى، والبديل عن أخذه يكون بإجراء مسحة كل أسبوع، لافتا إلى أن من يقوم بالتزوير يكون قلق من الآثار الجانبية التى تحدث جراء اللقاح، أو ما يفعله بالجسم.

ولفت إلى أن دول العالم تجبر المسافرين على الحصول على اللقاح قبل الدخول إلى أراضيها، وهذا نوع من التحفيز على تناول الجرعات، وبالتالى تجد كثيرا من مواطنى الدول سواء الأوربية أو الغربية يقومون بتزوير شهادات اللقاح، خوفا من الآثار الجانبية، وأيضا أن هناك قلقا كبيرا من الأوربيين خاصة من آثار ما قد يسببه اللقاح فى أجسام البشر.

شهادات كورونا مزيفة

ونوه أمين عام مساعد النقابة العامة للأطباء، إلى أن كل مواطن مسئول عن صحته وصحة المقربين منه، وبالتالى عليه تحصين نفسه من الإصابة بفيروس كورونا، لافتا إلى أنه كطبيب تلقى اللقاح من أجل حماية نفسه وأسرته وزملائه من خطر الإصابة، بصرف النظر عن أن اللقاح ليس معتمدا بشكل رسمى إلى الآن. 

إجراءات صارمة

الدكتور حسن سند، عميد كلية الحقوق، بجامعة المنيا، يقول إن الدولة تتخذ إجراءات صارمة وحازمة لمواجهة وباء كورونا، ووضعت أكثر من خيار للإعفاء من تلقى الحصول على اللقاح، منها عمل تحليل «pcr»، أو تقديم ما يفيد ما يمنعه من تلقى اللقاح طبقا للموانع الدولية لمنع تلقى اللقاحات، التى أقرتها منظمة الصحة العالمية.

وأشار سند، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أن التزوير فى المحررات الرسمية يعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة يترتب عليها العزل من الوظيفة، وذلك حال صدور حكم بات طبقا للمادة ١١٢ من قانون العقوبات، الذى يعاقب المزورين فى محررات رسمية بالسجن من ٣ إلى ١٠ سنين، وكذلك المعاونين على التزوير أو المشاركين فيه.

سند 

ومن جانبه، قال عصام أبو العلا، الفقيه القانونى، إن الموظف المتهم بالتزوير يحاكم أمام محكمة الجنايات، وتقع عليه العقوبة، طبقا للقانون من ٣ سنوات إلى ١٠ سنوات، وكذلك المساعدين له والمحرضين فى عملية التزوير، لافتا إلى أن أيضا التساهل فى منح تقرير طبى على غير الحقيقة مقابل هدية أو مبلغ مالى يعتبر رشوة، يحاسب عليها بالسجن والغرامة كذلك.

ولفت فى تصريحات خاصة لـ«البوابة «، إلى أن المادة ٢١١ تنص على: «إن الموظف العام يعاقب بالسجن المشدد أو السجن، إذا ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرًا فى أحكام صادرة أو تقارير أو محاضر أو وثائق أو سجلات أو دفاتر أو غيرها من السندات والأوراق الأميرية سواء كان ذلك بوضع إمضاءات أو أختام مزورة أو بتغيير المحررات أو الأختام أو الإمضاءات أو بزيادة كلمات أو بوضع أسماء أو صور أشخاص آخرين مزورة»، وتتبعها المادة ٢١٢ من قانون العقوبات، التى تنص: «كل شخص ليس من أرباب الوظائف العمومية، وارتكب تزويرًا مما هو مبين فى المادة السابقة يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن مدة أكثرها عشر سنوات».

وأشار إلى أن المادة ٢١٣ من قانون العقوبات تنص على: «يعاقب بالسجن المشدد أو بالسجن كل موظف فى مصلحة عمومية أو محكمة غير بقصد التزويرموضوع السندات أو أحوالها فى حال تحريرها المختص بوظيفته سواء كان ذلك بتغيير إقرار أولى الشأن الذى كان الغرض من تحرير تلك السندات إدراجه بها أو بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها أو بجعله واقعة غير معترف بها فى صورة واقعة معترف بها»

وتابع أبوالعلا، أن هناك أمرا يصعب رصده وإثباته إلى بالتلبس وهو عمل الشهادة دون أخذ جرعة اللقاح، والطريقة الوحيدة لكشف الأمر تكون عبر الإبلاغ وشهادة من الشهود، أو الزملاء فى العمل، لافتا إلى ضرورة وضع كاميرات مراقبة فى غرف تلقى اللقاح.

بدر حلمي

الدكتور كريم بدر حلمى، أمين سر لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، أكد أن النظام الرقمى فى «QR CODE»، يمنع تزوير شهادات تلقى لقاح كورونا، لافتا إلى من لديه شهادة مزورة، فإنه يسهل كشفها بسهولة، نتيجة نوعية الورق أو الخامات المستخدمة، أو عدم ظهور الختم، وبالتالى لن يستطيع السفر ويعرض نفسه للسجن.

وأشارأمين سر لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أن عملية الحصول على شهادة تلقى اللقاح دون الحصول على الجرعة، هذا أمر غاية الصعوبة، ولن يتحقق إلا بأن جميع من فى الوحدة مشاركين فى هذه الجريمة، ولا بد من محاسبتهم جميعا، وهذا أمر صعب تحقيقه أن يتوأطا أكثر من ٧ أشخاص مكونين من أطباء وصيادلة وموظفين، فىمثل هذه الجريمة الأخلاقية.

ولفت إلى أن الحصول على اللقاح يعتبر فى الأساس حماية لمواطن نفسه وأسرته وجميع المقربين منه، وفى حال عدم الحصول على اللقاح فإنه يعرض نفسه وجميع المحيطين به لخطر الإصابة.

وشدد إلى أن الحصول على اللقاح تأمين للنفس وللوطن،مشيرا إلى أن اللقاح يقلل الإصابات وبالتالى عدم الحصول عليه يسبب انتشار الوباء، مما يجعل الدولة تعود للإغلاق بكل ما به من سلبيات وخسائر اقتصادية على جميع الفئات فى المجتمع.

ومن جانبه، كشف الدكتور هشام مبروك، عضو النقابة العامة للتمريض، إن النقابة حتى الآن لم تتلق أى شكاوى من قيام أعضائها بتزوير شهادات الحصول على لقاح كورونا، لافتا إلى أن المواطن الذى يحصل على اللقاح يتم تسجيله فى ٦ جهات على سيستم الوزارة، ويتم تناول الجرعة أمام طبيب وصيدلى وموظف، لذلك فإن التزوير يتم خارج المراكز المخصصة لتلقى اللقاح.

وأشار مبروك، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، إلى أنه فى حال اكتشاف أن مواطن استخرج شهادة تلقى اللقاح، دون تناوله الجرعة، فهذا يعنى أن الموجودين فى الوحدة الصحية أو مركز تلقى اللقاح، مشتركون فى تشكيل هدفه تزوير شهادات اللقاح، لأنه لا يستطيع فرد بمفرده القيام بهذه الجريمة بمفرده، إلا إذا كان مشاركة أو إهمال من باقى الأطراف، الموجودين فى المركز.

وأوضح مبروك، أن المواطن الذى يذهب إلى مكان تلقى اللقاح، يتم عرضه أولا على صيدلى وطبيب بشرى، لتحديد نوع اللقاح المناسب لحالته الصحية، وبعدها ينتقل إلى غرفة تلقى اللقاح التى يوجد بها ممرضة أو طبيب بشرى، وموظفون، وفور تلقيه اللقاح ينتقل مرة ثانية إلى الغرفة الأولى التى بها الطبيب البشرى والصيدلى لتأكيد، تناوله اللقاح، مشيرا إلى أن أى عنصر يقوم بالتزوير فإن الجميع يصبحون مشتركين معه، لأن الأمر سلسلة مترابطة أى عنصر يرتكب الجريمة يحاسب معه الآخرين.

وأشار إلى أن النقابة العامة للتمريض، لن تتهاون فى حال قيام أحد أعضائها بجريمة تزوير شهادات كورونا، وستتطبق اللائحة التأدبية فورا وقد يصل الأمر إلى الشطب من النقابة، لأن الجريمة مخلة بالشرف، وبالتالى يمنع من العمل فى المهنة.