الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المشير طنطاوي.. شجاعة وإخلاص

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

ربما لا تفي الكلمات مقدار الرجال أمثال المشير محمد حسين طنطاوي ابن النيل والنوبة، الذي تحمل مسئولية وزارة الدفاع المصرية وحمى بقيادته الحكيمة الجيش من الأخطار التي تحيط به من مختلف الاتجاهات، فمصر الدولة العظيمة الكبيرة التي ينتظر ضعفها العديد من الأعداء لينال من عظمتها.  أعداء يزعجهم ابتسامتها - فرحتها - ترابط أهلها قاد جيش مصر وزيرا للدفاع من عام ١٩٩١ إلى ٢٠١٢، وقاد السفينة المصرية عندما حاصرتها أمواج ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ وعبر بها أصعب الأحداث لتظل مصر أبيه عريقة بفضل الرجل هادئ الطباع ابن النوبة، الذي عاش فترة طفولته وشبابه في حي عابدين بالقاهرة الرجل، الذي قضى عمره في خدمة الدولة المصرية، إنه المخلص المشير محمد حسين طنطاوي قائد الكتيبة ١٦ مشاة التي عبرت قناة السويس خلال النصف ساعة الأولى في العبور رغم أن الوقت المخطط لعبور فرقته القناة ساعة كاملة لتشتبك مع دبابات العدو، لتضيف صفحة جديدة في كتاب التاريخ العسكري بعنوان الدبابة تفر أمام المشاة، فقد كان جنود المشاة المصريون يلتفون على شكل نصف دائرة حول الدبابات الإسرائيلية، ويوجهون صواريخ آر بي جي نحو الدبابات الإسرائيلية في إصرار شديد على تحطيمها، كما كانت المعركة الأولى التي يواجه فيها الجندي الدبابة بمتفجرات خفيفة، مما غير الاستراتيجية العالمية لتسليح وتصميم الدبابات، وقد عبر  موشيه ديان عن ذلك عقب زيارته للمزرعة الصينية بصحبة آريل شارون قائلا: "لم أستطع إخفاء مشاعري عند مشاهدتي لها، لقد كانت هناك المئات من العربات العسكرية المهشمة والمحترقة والمتناثرة في أنحاء المكان، بالإضافة إلى عدد لم نتوقعه من الدبابات المحطمة"، بسالة القائد طنطاوي وجنوده أذهلت العالم كله، لأنها كانت أمام آلة عسكرية أمريكية متقدمة، وظهر ذلك يوم 13 أكتوبر، حيث ظهرت طائرة استطلاع فوق منطقة القتال ولم تكتفِ بتغطية الجبهة بالكامل بل طارت فوق الدلتا قبل أن تخرج نهائيا من المجال الجوي المصري دون أن تصاب بأي أذى، وكانت الطائرة تظهر على شاشة الدفاع الجوي في غرفة العمليات، وتعجب الجميع كثيرا كيف استطاعت أن تبقى في الجو طوال هذه المدة دون أن يتمكن رجال دفاعنا الجوي من إسقاطها، حيث إنها كانت تطير فوق مناطق صواريخ سام، وكان تفسير ذلك الوحيد أن الطائرة خارج مدى الصواريخ المصرية فكانت تطير على ارتفاع ٣٠ كيلومترا وبسرعة كبيرة تمنع الصواريخ المصرية من إسقاطها وهى مواصفات الطائرة الأمريكية s-r -71 -a، وبذلك أصبح عند إسرائيل صورة كاملة لموقف القوات المصرية وموقعها شرق القناة وغربها، وبدأ الهجوم المضاد للقوات الإسرائيلية، ورغم ذلك قوبل الهجوم بقتال عنيد وعنيف من المشاة المصريين، الأمر الذي جعل تقدم العدو محدودا وبطيئا وكل خطوة كلفته الكثير من الجنود والمعدات فقد كان مخططا أن تتحرك كتيبة دبابات إسرائيلية ومعها معدات المعبر، ولكن القتال لم يهدأ من قوات الجنب الأيمن للجيش، ولكن مدفعية الجيش المصري تمكنت من إغلاق الممر الصحراوي بالنيران وظلت القوات في قتال مستمر حتى صباح يوم ١٦، وبالتالي لم تتمكن معدات المعبر الإسرائيلي من الوصول إلى الساحل الشرقي للقناة، وبذلك فشلت المحاولة الأولى لعبور القوات الإسرائيلية نتيجة المقاومة الشديدة من قوات الفرقه 16 مشاة بقيادة المقدم محمد حسين طنطاوي التي كانت تقود المعركه ضد شارون وتقود معركة أخرى في نفس الوقت في المزرعة الصينية، والتي تعرضت فيها القوات الإسرائيلية لخسائر فادحة في المعدات والأفراد بسبب تماسك المصريين وحرصهم على عدم التفريط فيما حققوه من إنجازات خلال أيام الحرب، رحم الله ابن مصر الذي عاش عمره داخل الزي العسكري مقاتلا ومدافعا عن هذا الوطن.