الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر الرقمية وختم مدام عفاف

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تتجه مصر بخطوات واثقة نحو مصر الرقمية، وهذا بالطبع أمر في منتهى الأهمية، ونعرف بالطبع أننا تأخرنا جدا جدا عن هذه الخطوة، طريقة الاتصال بالمؤسسات الحكومية لم تعد مشروطة بحضور شخصك الكريم ومعك اثنان من الموظفين لضمانك، يكفي التسجيل على الإلكتروني لتطلب نسخة من شهادة ميلاد أو  وفاة أو تجديد رخصة، هل يتخيل القارئ معي شكل شوارعنا وهي هادئة من الزحام اللاهث والغضب المرسوم على الوجوه بسبب ورقة الدمغة التي لم يجدها المواطن في البريد.
المشروع كبير وكبير جدا، وهو عنوان حضاري حديث أشبه بالحلم خاصة للأجيال الجديدة التي تمرست على استخدام التكنولوجيا ولا تعرف شيئا عن مدام عطيات صاحبة الختم المقيمة في الدور الرابع، ما بالك لو اصطدم هذا الجيل بالموظف المرتشي صاحب الدرج المفتوح، هذا الموظف الذي يسعى في طرقات الإدارات الحكومية كما ثعبان سام.
مصر الرقمية هي الوسيلة كلمة السر للقضاء على الفساد والرشوة والبيروقراطية، ندعم التوجه الكامل للرقمنة حفاظا على صحة خلق الله التي انهارت على بوابات المؤسسات التي شاخت، وحفاظا على شوارع هادئة واسترجاع  الناس لأعصابها التي تلفت.
لنا أن نتخيل شكل الحياة وهي سلسة بسيطة ولنا أن نعيش نتنفس الهواء بدلا عن مضغنا الهم صباح مساء بسبب اشتباكات لا معنى لها مع الآخرين.
في ظل هذه الصورة الوردية، نرى في مصر المحروسة من يحاول وضع العصا في العجلة، على سبيل المثال التقديم للجامعات هذا العام واستخراج بيانات النجاح من الإدارات التعليمية، هذه العملية هي الجحيم بذاته، اتجهت الوزارة إلى التعامل مع البريد كجهة لتحصيل الرسوم ومن أجل حوالة بريدية بسبعة جنيهات لابد من الطابور ولابد من رسوم للبريد بمبلغ أعلى من قيمة قيمة الحوالة التي تريد الحصول عليها، ثم مشاوير إلى الإدارات التي تحول بعضها إلى ما يشبه اقسام البوليس وقد أغلق الموظفين على أنفسهم المكاتب وقاموا بتصدير موظف مسكين على البوابة يستقبل الأوراق ويطلب منك العودة باكر لاستلامها مختومة، فهل كبسة ختم على ورقة يحتاج كل هذا المرار الطافح.
لن أتحدث عن التأمينات والمعاشات لأن هذه الجهة تحتاج إلى مجلدات لرصد كمية التعنت بل والفساد الذي يضرب جنباتها ويكفي مثالا على ذلك طلبهم حضور المريض المسن بشخصه لكي يثبت أنه مازال على قيد الحياة.
ما علينا.. احلامنا في علاقة طيبة مع المؤسسات ستظل قائمة ولن يتحقق هذا الحلم إلا بالفصل بين القوات.
إذا اعتبرنا المعوقات الحالية هي الرقصة الأخيرة لمن أفسدوا في الأرض بفعل البيروقراطية والقوانين العتيقة، سوف نتحمل هذه الرقصة ولسان حالنا يقول "خدوا لكم يومين.  بكرة الانترنت يقضي عليكم".
اذن مصر الرقمية الشفافة حلم كبير ومشروع قومي لا يقل عن السد العالي وقناة السويس، حياة الناس وراحتها هدف من الأهداف السامية، سنظل نحلم بها وندعم أي خطوة على طريق الوصول الى هذا الهدف.
لتبقى لنا في الاخير ملاحظة نكتب وأجرنا على الله وهي أننا لكي نحقق الانتصار في هذا الطريق لابد من الإنتباه لملاحظتين؛ الأولى: العمل على جودة شبكات الإنترنت، وإنهاء زمن السيستم الذي يقع، والثانية: هي التواضع عند تحديد الرسوم المطلوبة عن كل مستند، وقتها سوف نقول لقد عبرنا بعيدا عن ختم مدام عفاف المقيمة في الدور الرابع، وتخلصنا من الموظف الذي يسعى كما ثعبان سام في الإدارات الحكومية.